الحياة سفر كبير، تُدوّنُ فيه أحوال الناس وطرقهم وسبلهم وإشاراتهم وهديهم.
وكلما تصرمت الأيام ودلفت الليالي، فإن في الناس نجوماً تسطع لتنير مسارات مختلفة من التربية والتنشئة والإعداد.
ومن الناس شموع لها وميض برّاق ينبئ شعاعه عن تراث طيب وإرشاد واضح تهتدي به الأجيال.
هذه الدنيا سفينة تبحر في بحار أمواجها عاتية تثور في بعض الأحيان فيشعر ركابها بخطر الغرق، وتهدأ تارة لتجري في استقرار وهدوء يضفي على من فيها بالسكينة والاستقرار.
هكذا مثل الحياة، يغدو الناس فيها ويروحون ويجدون ويجتهدون ويحققون كل ما يصبون إليه من أوجه خير وجذوات مفعمة بالنماء والتنمية، وتكون نهاية المسير هو الوفود على الكريم جلّ جلاله.
قالت وقد سلخ ابتسامتها الأسى
صدقَ الذي قال الحياة غرور
كذا نموت وتنتهي أعمالنا
في لحظة وإلى التراب نصير
وتموج ديدان الثرى في أكبد
كانت تموج بها المنى وتمور
هذه نهاية الحياة، ولكن الذين يقضون أيامهم بالجد والخير والإشارات الطيبة والهدي الرشيد يبقون ويخلدون في القلوب.
هو الموتُ فاختر ما علا لك ذِكره
فلم يمت الإنسان ما حيي الذّكر
هكذا مسير فقيدنا. الأستاذ/ حمود بدر الاستاد الذي رحل عن دنيانا في الأسبوع الماضي بعد حياة كانت عامرة بالخير والرشاد والهدي الواضح والإشارات الواثقة، هو من رجال الاقتصاد الذين لهم فكر واضح في هذا المضمار وإشارات مفعمة بدلائل تشير على وضوح الفكر الاقتصادي...
أبو عادل لا نستطيع وصفه بكلمات قليلة أو عابرة
إنما وصفه في القلب نطقه طيب وحديثه لين
وإشاراته رقيقة...
رحل عن هذه الدنيا وترك تراثاً طيباً وهدياً رشيداً وفكراً ثاقباً.
ما أجمل هديك يا أبا عادل
كنت شمعة لشعاعها وميض
ينبئ عن خير متدفق.
اللهمّ بارك لحمود الاستاد في حلول دار البلاء وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل له، واخلف على أهله وأصحابه وأحبته بالصبر والسلوان.
وكأني أرى وجوه إخوانه وأبنائه ولسان حالهم يقول أبي:
أرى الأيام تبسم لي
بقربك حين تبتسمُ
وتعذب عندي البلوى
ويحلو المر والسقمُ
يهون الخطب والإملاق
في لقياك والعدم
وتسطع بالرؤى دنياي
ضاحكة وتنتظم
وكيف أخاف جائحةً
وأنت الحصن والحرمُ
في أمان الله وحفظه يا أبا عادل.