أين اختفى المترجمون؟... هذا هو السؤال الذي طرحته صحيفة «أوبزيرفر» الأسبوعية البريطانية، في إشارة إلى المفارقة المتمثلة في نقص المترجمين الضليعين بالترجمة المرئية للمسلسلات والأفلام، بالرغم من الشهية العالمية لدى المشاهدين، وبالذات الناطقين منهم بالإنكليزية، للبرامج التلفزيونية وللبث التدفقي (ستريمنغ) التي كسرت أخيراً حاجز نفور المشاهدين من الترجمة المرئية المطبوعة على الشاشة.
وكمثال على هذا التحول، تلفت الصحيفة إلى النجاح الجماهيري للمسلسل التلفزيوني الكوري الجنوبي «Squid Game» (لعبة الحبار)، الذي اجتذب 111 مليون مشاهد خلال الأيام الـ28 الأولى من العرض التدفقي له على قناة «نتفليكس»، ليصبح المسلسل الأكثر مشاهدة في التاريخ.
ومع الكم الكبير من المسلسلات الفرنسية والإسبانية التي تترجم للإنكليزية، قد يخيل للمرء أن المترجمين يعيشون عصرهم الذهبي، ولكن الحقيقة هي غير ذلك، فالخبراء الذين أمضوا سنوات في مجال الترجمة المرئية أخذوا يديرون ظهورهم لمهنة «لا تطعم خبزاً» كما يقال.
الانطباع السائد هو أن شركات البث التدفقي تستغل المترجمين بدفعها لأجر زهيد لقاء جهودهم لا يتجاوز في بعض الأحيان حسب الصحيفة، دولاراً واحداً على كل دقيقة من زمن البرنامج أو المسلسل المترجم.
وصحيح أنه من الممكن أن يحتوي العمل على دقائق من دون حوار يحتاج إلى الترجمة، ولكن أحياناً قد تحتاج دقيقة واحدة من الحوار ساعات من الجهد لإعطاء ترجمة تتقيد بالمساحة المحددة وعدد الأحرف المتاح.
وتنقل الصحيفة عن المترجمة آن فاندرز التي تترجم من الإنكليزية إلى الألمانية، أنها لا تنصح أحداً بدخول هذا المجال من العمل، إلا إذا كان مستعداً لاستخدام مدخراته لدعم دخله.
ولا يؤرق عزوف المترجمين المتمكنين عن هذا النوع من العمل، محطات البث التدفقي التي تحقق أرباحاً طائلة فحسب، فما إن تخسر مترجماً، حتى تجد بديلاً له يكون في أغلب الأحيان هاوياً أو طالباً أو أنها تلجأ في بعض الأحيان إلى الترجمة الإلكترونية.
فهل يعني ذلك انحداراً في مستوى جودة الترجمة المرئية؟... بالتأكيد، ولكن من يتوهم أن شركات البث التدفقي معنية بجودة الترجمة أو دقتها؟ ومن جهة أخرى لا يبدو أن جمهور البرامج والمسلسلات المترجمة سينفض عن مشاهدتها بسبب ترجمة خاطئة هنا وترجمة ركيكة هناك.