أثار إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن بأن لدى إدارته سبلاً للتعامل مع أسعار النفط المرتفعة بعد أن رفضت «أوبك وحلفاؤها (أوبك بلس)» مناشدات أميركية للمنتجين لضخ مزيد من الخام أكثر من المقرر بالفعل، تساؤلات مشروعة حول الحلول التي يغمز إليها بايدن والمناورات التي يمكن أن يقوم بها للتأثير على سوق النفط العالمية، والخطوات التي يمكن أن يتخذها لخنق خطوات المحافظة على توازن الانتاج، لا سيما بعد أن ارتفعت أسعار البرميل الخميس الماضي لـ 83 دولاراً؟

من حيث المبدأ معلوم أن أسعار النفط من أكثر الأشياء التي يسهل توقعها في الأسواق العالمية، حيث إنها تحكمها أسباب ونتائج معروفة لدى جميع المتابعين، وهي لا تشهد أي مفاجآت، ومن هنا يبدو أن الرئيس الأميركي كان يخاطب في تلميحاته أكثر الشارع الأميركي في محاولة لإرضاء ناخبيه ولو على حساب منتجي النفط، خصوصاً أنه يعلم جيداً الأسباب الحقيقية التي تدفع لارتفاع أسعار النفط وأن محرك السوق ليس ذاتياً من المنتجين بل بتحفيز من زيادة الطلب.

وفي هذا الشأن قالت مصادر لـ «الراي» إن أسعار النفط متجهة نحو 100 دولار قبل نهاية العام أو بداية 2022، ونوهت بأن المثير للدهشة في مطالبة أميركا للخليج و«أوبك+» برفع الإنتاج أن التقارير الأميركية لآخر 3 أسابيع أفادت بارتفاع مخزون الولايات المتحدة الإستراتيجي، حيث كان آخر صعود له الأسبوع الماضي بنحو مليون ما يعني وجود فوائض كبيرة في المخزون الإستراتيجي.

وقالت: «هناك تباين بين المطالبات الأميركية لزيادة الإنتاج وما تظهره بياناتها الرسمية التي تؤكد ارتفاع المخزون».

وأرجعت المصادر المطالبات الأميركية لدول الخليج و«أوبك+» بأنها الوحيدة القادرة على إحداث نقلة سريعة في الأسواق، وتخفيض الأسعار، خصوصاً في ظل الجدل السياسي حول عدم دعم إعادة وتسريع عمليات النفط الصخري في أميركا تحت اعتبارات الحفاظ على البيئة.

ولفتت المصادر إلى هناك محدودية لاستخدام المخزون الإستراتيجي الأميركي على مرّ التاريخ إذ لم يصمد طويلاً أو يؤثر على الأسواق لفترة تتعدى الأسابيع القليلة، موضحة أن عودة الطلب على النفط لوضعه الطبيعي قبل الجائحة مرتبط بعودة حركة الطيران لأنها أحد المكونات الرئيسية للطلب.

وعزت المصادر أزمة البنزين وارتفاع أسعاره في أميركا أخيراً إلى إعصار ايدا الذي ضرب المصافي الاشهر الماضية وتسبب في وقف عمليات التكرير، ما يفسر الضغوطات على «أوبك+» لأنها الأقدر والأسرع في التأثير على الأسواق.

وقالت: «محيّر مطالبة الأميركيين والغرب بخفض الاستثمار في الصناعات النفطية تحت مظلة حماية المناخ، وبالوقت نفسه الضغط على(أوبك+) لرفع إنتاجها لخفض الأسعار»، مبينة أن انبعاثات الكربون من محطات الفحم تشكل أكثر من 40 في المئة من إجمالي انبعاثات الكربون عالمياً بينما نسبة الانبعاثات من قطاع النقل البري والجوي والبحري لا تتعدى 15 في المئة فقط.

‏وأوضحت المصادر أن أميركا لديها نوعان من المخزونات النفطية، الأول مخصص للحالات الطارئة (المخزونات الإستراتيجية) وهو ما تلوح باستخدامه، والثاني تستخدمه لتغطية الطلب الداخلي على النفط (المخزونات التجارية) والتي يصدر في شأنها تقارير أسبوعية وتؤثر على الأسواق.

من جانبه، توقّع الأستاذ الدكتور في كلية هندسة البترول بجامعة الكويت، أحمد الكوح، ارتفاع الطلب على النفط مع اقتراب فصل الشتاء، وبالتالي صعود الأسعار، مبيناً أن «أوبك+» ملتزمة بخطتها رغم سعيها لتعويض خسائرها خلال الفترة الماضية كما أنها تبحث عن استقرار الأسواق بشكل لا يؤثر على ميزانياتها.

وقال الكوح لـ «الراي»: إنها المرة الأولى التي تتمهل فيها «أوبك+» أمام المطالبات الأميركية برفع الانتاج بشكل سريع، حيث إن سياستها لا تعتمد على ردود أفعال سريعة لاسيما أن ارتفاع الأسعار قد يضر بمصالحها ويدفع العملاء للبحث عن موارد أخرى بديلة.

ورأى الكوح أن من حق أميركا مطالبة «أوبك+» برفع الانتاج بينما حق المنظمة البحث عن مصالحها وعدم إبداء أي رد فعل سريع، خصوصاً أنها تبحث عن تغييرات مستقرة توصل السوق للسعر المقبول، قائلاً: «السعر المناسب للمستهلكين يدور بين 40 – 50 دولاراً وبالنسبة للمنتجين بين 50 – 60».

وقال الكوح «الداعم للطاقة البديلة عليه أن يسعد بارتفاع أسعار النفط ليصبح سبباً للتوجه إليها»، معتبراً أن هناك علاقة غير مباشرة بين طلب أميركا من الخليج و«أوبك+» برفع الإنتاج وارتفاع أسعار البنزين في أميركا حيث يعتقد أن المصافي لا تعمل بكامل طاقتها ومع سرعة رفع الإنتاج من «أوبك+» سيتم تلبية الطلب وتنخفض الأسعار.