رغم الشهية الحالية نحو الخدمات المصرفية الرقمية في منطقة الخليج، إلا أن هناك تحديات عملية كبيرة يتعيّن على البنوك الرقمية البحتة التغلب عليها.

وتفيد مجلة ميد في تقرير لها، بأن دول الخليج تبدو جاهزة للعمل المصرفي الرقمي، مشيرة إلى تركيبتها السكانية التي تتكون من عدد كبير من المواطنين الشبان الذين يستخدمون التكنولوجيا وغير راضين عن البنوك التقليدية والذين لديهم خيارات قليلة لتجربة مصرفية رقمية خالصة.

ويرى تقرير «ميد» أن الخدمات المصرفية الرقمية تنطوي على مخاطر، إذ بحسب التجارب في أماكن أخرى، كان الطريق إلى الربحية بالنسبة للبنوك الرقمية مليئاً بالتحديات، وأن هذا الواقع لم يواكب التوقعات.

وتضيف أنه لتحقيق النجاح، لابد أن تستوعب البنوك الرقمية ثلاثة دروس والاستجابة بشكل مناسب، أولاً، على البنوك الرقمية أن تدرك أن استقطاب العملاء أمر ليس بالسهل، فعلى رغم عدم رضا العملاء عن البنوك التقليدية، إلا أنهم مخلصون بشكل واضح.

علاوة على ذلك، تعتبر العلاقة المؤسسية في دول مجلس التعاون الخليجي مهمة للغاية، إذ يستخدم العديد من الأشخاص البنك الذي يتعامل معه صاحب العمل أو الشركة، ما يجعل تغيير البنوك أمراً غير جذاب.

وثانياً، غالباً ما تضطر البنوك الرقمية إلى إنفاق الكثير من الأموال للفوز بالعملاء، في حين أنه ثالثاً، إذا حدث وأنفقت البنوك الرقمية الأموال على استقطاب العملاء، يصبح الكثير منهم غير نشطين.

وتظهر البيانات من المملكة المتحدة أن قلة من العملاء يحولون حساباتهم الأساسية من البنوك الحالية إلى البنوك الرقمية رغم سهولة ذلك الآن، وتظهر الاستطلاعات الأخيرة أن أقل من 10 في المئة من العملاء في المملكة المتحدة يستخدمون البنوك الرقمية كمؤسستهم المالية الأساسية.

وترى «ميد» أن البنوك الرقمية بحاجة إلى اعتماد إستراتيجيات مخصصة خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى ثلاث إستراتيجيات لابد من اتباعها لنجاح البنوك الرقمية الخليجية.

أولاً، يمكن للبنوك الرقمية اختيار شريحة العملاء وحل بعض نقاط الضعف المحددة، بدلاً من السعي إلى المنافسة عبر سوق التجزئة بأكمله.

كما يجب أن يحل البنك الرقمي مشاكل مميزة ومستعصية ليصبح البنك الأساسي للعميل، فعلى سبيل المثال، غالباً ما يكون العاملون في قطاع الأعمال الحرة غير قادرين على الوصول إلى الخدمات المصرفية نفسها التي يحصل عليها الموظفون.

ويمكن للبنوك الرقمية أيضاً أن تختار استهداف الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر التي يتجاهلها النظام المالي باستمرار، أو يمكن للبنوك الرقمية أن تركز على موظفي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وبهذه الطريقة، يمكن أن تكون استثمارات البنوك الرقمية مركزة بشكل أكبر.

ثانياً، بدلاً من مجرد إنفاق الأموال لاستقطاب عملاء (عادةً بخسارة)، يجب على البنوك الرقمية استكشاف نماذج تسعير جديدة لإظهار مسار للربحية من خلال تحفيز الاستخدام.

إذ بدلاً من جني الأموال من منتجات الإقراض، يمكنها فرض رسوم اشتراك، أو تقديم حساب مميز يوفر الوصول إلى خدمات ذات قيمة مضافة مثل البطاقات المعدنية والتأمين المجاني على السفر وعمليات السحب المجانية من أجهزة الصراف الآلي وعروض الشركاء.

ثالثاً، تحتاج البنوك الرقمية إلى التخلص من المخاطر من خلال استكشاف نماذج الأعمال التي تساعدها على التنافس بشكل أكثر فعالية ضد شركات التكنولوجيا المالية (فنتك) والبنوك الخليجية.

ويفيد تقرير «ميد» بأن العديد من بنوك التجزئة الرائدة في دول الخليج تتمتع بنسب تكلفة إلى دخل تتراوح بين 30 و35 في المئة مقارنة بنسبة 45 في المئة أو أكثر في معظم الأسواق المتقدمة، وتمتلك البنوك الخليجية الحالية ودائع منخفضة التكلفة بسبب المخاوف الشرعية المتعلقة بأرباح الفوائد.

وكخلاصة، ترى «ميد» أن الخدمات المصرفية الرقمية واعدة في الخليج، وأن البنوك الطموحة ستحتاج إلى تكييف نهجها مع السوق بعناية، والجمع بين الصبر اللازم لبناء قاعدة عملاء مخلصين مع الحاجة إلى العمل بأسرع ما يمكن.