تناول تقرير شركة وفرة للاستثمار الدولي الشهري عن أكتوبر، توصيات بعثة صندوق النقد الدولي عقب انتهاء زيارته الدورية للبلاد بتاريخ 10 أكتوبر التي تمت بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي.
وجاءت توصيات بعثة صندوق النقد الدولي في 5 محاور رئيسية هي التطورات الأخيرة والتوقعات والمخاطر في الكويت، والسياسات قصيرة الأجل لدعم التعافي الاقتصادي، والسياسة المالية لتعزيز الاستدامة المالية، وتعزيز النمو في القطاعات غير النفطية والتوظيف، والسياسات النقدية والمالية لحماية الاستقرار المالي.
وأشاد بيان البعثة بسياسة «المركزي» النقدية والمالية التي ساعدت في متانة الجهاز المصرفي بالكويت، وتمتعه بأعلى المعدلات الائتمانية العالمية، بحيث بلغ معدل كفاية رأس المال لدى البنوك نحو 18.7 في المئة، وهو ما يفوق بشكل كبير الحد الأدنى المطلوب، فضلاً عن تعزيز البنك تقنياته الخاصة باختبارات الضغط أخيراً، والتي أظهرت أن النظام المصرفي الكويتي مازال قوياً في مواجهة الصدمات الصعبة.
ولفت التقرير إلى أن خبراء الصندوق أوضحوا أن سياسة ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات، لا تزال دعامة ملائمة للسياسة، وأشادوا بإنشاء هيئة شرعية مركزية في أواخر 2020، وهي خطوة مرحب بها ومهمة لضمان التفسير المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في البنوك الإسلامية، فضلاً عن الإشادة بنجاح الحكومة في التعامل مع جائحة «كوفيد 19» بتطعيم أكثر من 70 في المئة من سكان الكويت.
وأكد التقرير ضرورة الاهتمام بمصادر دخل مستدامة، وخطورة الاعتماد على النفط والحد من الهدر بالمصروفات (الرواتب – الدعم – البدلات.... وغيرها)، مشدداً على أن الخلاف بين السلطتين أعاق إنجاز الكثير من مشاريع القوانين المهمة ومنها قانون الدين العام.
وكشف عدم وجود أحكام تشريعية للاستفادة من صندوق احتياطي الأجيال القادمة بالغ الضخامة، دفع الحكومة لأن يكون تمويل المالية العامة معتمداً على السحب من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام وهي خطوة بالغة الخطورة.
الركود التضخمي
وبيّن التقرير أنه ومن المتعارف عليه أن الركود عكس التضخم ويعني انخفاض تباطؤ الحركة الاقتصادية ويصحبها انخفاض الأسعار وانخفاض فرص العمل وغيرها، في حين يعني التضخم ارتفاع النشاط الاقتصادي و ارتفاع فرص العمل وارتفاع معدلات الأسعار.
وأضاف أنه برز في الآونة الأخيرة مصطلح جديد يسمى الركود التضخمي، أي أنه هناك نمو اقتصادي ضعيف يرافقه تضخم وتحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو اقتصادي ولكن يكون هناك ارتفاع في الأسعار، لافتاً إلى أن البعض في الكويت بدأ يشعر بهذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، وهي في الحقيقة من أصعب المراحل التي يمر بها أي اقتصاد بالعالم.
وتابع أن الكويت تمتلك المقومات الكفيلة بخروجها من هذه الحالة بشرط اتخاذ قرارات عاجله لتحفيز النمو وتنويع الإيرادات، وتخفيض المصروفات، مؤكداً ضرورة تطبيق تلك القرارات على أرض الواقع، وتوسيع الشراكة بين القطاع العام والخاص، وزيادة الإنفاق الرأسمالي، والتركيز على تهيئة البنية التحتية لإحداث طفرة في كل المجالات وذكر التقرير أن الكويت تمتلك ثالث أكبر صندوق سيادي بالعالم، إذ بلغت قيمته بنهاية أكتوبر 2021 نحو 693 مليار دولار مقارنة بنحو 534 ملياراً يونيو 2021، مرتفعاً 30 في المئة تقريباً، الأمر الذي يعطي ثقة عالمية بالوضع المالي للكويت، ويتيح لها فرص الاقتراض الخارجي بأقل معدلات الفائدة.
النفط... والسياسة
وأوضح التقرير أن الرياح أتت بما تشتهيه السفن، إذ تجاوز سعر برميل النفط الكويتي 80 دولاراً للبرميل، متوقعاً أن يصل معدلات أعلى في ظل عودة الأنشطة بمعظم طاقتها بعد الجمود في ظل جائحة كورونا.
وتابع أن سعر التعادل في ميزانية الكويت 2021 هو 90 دولاراً للبرميل، وأنه ومن هنا يتبادر في أذهان الجميع التساؤل التالي «هل تستفيد الحكومة الحالية من هذا الارتفاع وتكون فرصة لإعادة النظر في تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات غير النفطية من جهة ووقف الهدر في المصروفات من جهة أخرى؟».
وذكر التقرير أن الجميع رحب بالانفراجة السياسية والتوافق الأخير بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي كانت سبباً في تعطيل إقرار الكثير من القوانين المهمة، وأهمها قانون الدين العام وغيرها، ولعلها فرصه ذهبية قلما تتاح للحكومة أن تتضافر الظروف الاقتصادية والسياسية معاً لخدمتها، والتي يجب استغلالها وعدم إضاعتها كما حدث كثيراً في السابق.
وأفاد بأنه مع كل انخفاض للنفط يتم إجراء أبحاث ودراسات وعقد ندوات وتوصيات، وما أن يرتفع النفط تعود نفس الممارسات مع غياب رؤية اقتصادية ومالية واضحة، تتبعها قرارات من شأنها تحويل شعار «الكويت مركز مالي عالمي» إلى حقيقة مثلما يحدث في معظم الدول الخليجية الأخرى، معتبراً أنه من حق المواطن الكويتي أن يشعر بالغيرة لما وصلت إليه الكويت مقارنة بجيرانها التي كانت تسبقهم فأصبحوا يسبقونها.