واشنطن - أ ف ب - بدت المحكمة العليا الأميركية، أمام خيار في غاية الصعوبة لدى نظرها في شكوى قدمها ثلاثة مسلمين يتهمون مكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) بمراقبتهم في مسجد بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001، من دون أي سبب غير انتمائهم الديني.
وإذ أبدى قضاة المحكمة التسعة تجاوباً مع حجج مقدمي الشكوى، إلا أنهم حرصوا على عدم اتخاذ قرار يمكن أن يقود إلى كشف معلومات حساسة بالنسبة للأمن القومي.
وقالت القاضية المحافظة آمي كوني باريت، خلال جلسات استماع استغرقت ساعتين، الاثنين، «كل ما يمكن أن نقوله أو لا نقوله حول أسرار الدولة ستكون له تشعبات تتخطى بكثير» حدود القضية.
ويؤكد الرجال الثلاثة، وهم إمام «المؤسسة الإسلامية في مقاطعة أورانج» ياسر فازاجا وعلي الدين مالك وياسر عبدالرحيم، إن «اف بي آي» دسّ مُخبِرا في مسجدهم بين عامي 2006 و2007 لجمع معلومات عن المصلين.
وقال أهيلان أرولانانثام، المحامي لدى «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» الذي سيمثّل مقدّمو الشكوى أمام المحكمة العليا، إن المخبر «الذي كان لديه سجلّ إجرامي... قدّم نفسه على أنه شخص اعتنق (الإسلام) ومتشوق لاكتشاف جذوره الجزائرية - الفرنسية».
وأضاف المحامي لدى عرضه القضية على الصحافيين، أن الشرطة الفيديرالية «طلبت منه أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات» عن المصلين، من «أرقام الهواتف إلى عناوين البريد الإلكتروني، وأن يسجّل المحادثات سراً».
وأفاد الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، بأن المُخبر سجّل صلوات الجماعة في المسجد وخبّأ جهاز تسجيل في مفتاح سيارته.
وذكر أرولانانثام، أن المُخبر حاول بطلب من «إف بي آي»، «التحريض على العنف، لكنه أثار خوف الناس بتعليقاته حول تفجيرات بواسطة قنابل والجهاد والحرب في العراق وأفغانستان، حتى أنهم أبلغوا عنه مكتب التحقيقات».
بعد ذلك، اختلف المُخبر مع المسؤولين عنه في مكتب التحقيقات فقرر كشف القضية، بحسب المحامي.
وحين رفع إمام المسجد واثنان من المصلين شكوى ضد «إف بي آي» بتهمة التجسس في انتهاك للقانون الفيديرالي وحقوقهم الدستورية، ردّت وزارة العدل بأنّها بدأت برنامج المراقبة لأسباب موضوعيّة، وليس لأن هؤلاء الأشخاص مسلمون. وتذرعت الوزارة بقانون يتعلق بأسرار الدولة لتتفادى الإدلاء بتفاصيل عن المسألة، وطلبت من المحاكم رفض الشكوى.
ورفضت محكمة بداية في كاليفورنيا الشكوى لتفادي خطر الكشف عن أسرار للدولة.
لكن محكمة الولايات المتحدة للدائرة التاسعة (محكمة استئناف) رفضت القرار، مشيرة إلى أنه كان على المحكمة الأدنى عقد جلسات مغلقة لتقييم أي أدلة سريّة.
ثم وافقت المحكمة العليا على النظر في القضية للبت فيها، وعليها أن تبت في ما إذا كان بإمكان المحكمة التي رفعت لديها الدعوى الاطلاع على أدلة سريّة لتحديد إن كانت عملية المراقبة الحكومية قانونية.
وشدد عدد من القضاة خلال المداولات على المخاطر على الأمن القومي في حال صبّ قرار المحكمة العليا لصالح محكمة الدائرة التاسعة.
وقال القاضي المحافظ صامويل أليتو «التعاطي مع معلومات فائقة السرية في المحاكم سيولد مشكلة أمنية هائلة، إذ إن معظم المحاكم غير مجهزة لمعالجة معلومات حساسة».
ورأى زميله بريت كافانو أن «هذه ليست معلومات نود أن نراها في التداول، حتى داخل البيت الأبيض».
غير أن قضاة آخرين امتنعوا عن إطلاق يد الدولة بشكل تام.
واعتبرت القاضية التقدمية صونيا سوتومايور، أن مقدمي الشكوى «تعرضوا لمراقبة غير قانونية»، مبدية مخاوف حيال عدم إحقاق العدالة لمقدمي الشكوى.
ورأى القاضي المحافظ نيل غورسيتش «إشكالية» في استخدام السلطات أسرار الدولة «سلاحاً هجومياً» لحفظ الدعوى وعدم النظر فيها.
وقال عميد المحكمة العليا ستيفن براير «لا بدّ أن هناك وسيلة لتنظر المحكمة في هذه المعلومات وتقرر ما ينبغي القيام به».
وتصدر المحكمة العليا قرارها بحلول يونيو 2022.