بداية الإصلاح في القطاع الحكومي، تكون بخطوة وقفزة إيجابية مطلوبة إلى الأمام، وهي المتعلقة بالمنصب وضرورة تأصيل ثقافة جديدة على أنه تكليف لا تشريف، والمهم الإنجاز الملموس الذي يساهم في خدمة البلاد والعباد، لا تصريحات إعلامية رنانة أو كلام إنشائياً مكرراً!

و في السياق نفسه، قرأت أخيراً في إحدى الصحف المحلية، خبراً ومما فيه، أن هناك عشرات المناصب القيادية الشاغرة في الجهاز الحكومي بعد انتهاء مراسيم شاغليها من القياديين... تبدو الفرصة مواتية لتجديد دماء الجهاز الإداري بكفاءات، متناسبة مع المعطيات الجديدة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، في ظل اتجاه حكومي نحو السير بالعمل وفق خطط وبرامج...

وفي وقت برز فيه التوجه نحو مشاريع التحول الرقمي، يبدو الجهاز الحكومي بحاجة إلى قياديين جدد، قادرين على مواكبة هذا التحول، لا أن يكونوا عائقاً أمامه، خصوصاً في ظل المؤشرات الدولية التي يجب أن تُبنى عليها السياسات الحكومية، لتحقيقه.

وتتراوح أعداد المناصب القيادية الشاغرة، ما بين 60 الى 70 منصباً، لدرجتي وكيل ووكيل مساعد، في حين شهد الجهاز الإداري الحكومي تسكين بعض المناصب أخيرا، سواء بتعيين قياديين جدد، أو اتجاه بعض الوزراء الى التجديد لقياديين حاليين، لفترة مقبلة، إلا أن الفراغ لا يزال كبيراً في المناصب القيادية، بعد انتهاء مراسيم شاغليها، فضلاً عن قرب انتهاء مراسيم قياديين آخرين أيضاً، ما يفتح المجال نحو تحقيق الرغبة الشعبية بشغلها بكفاءات شابة.

وتعليقي على هذا الخبر، بالإضافة إلى ما قلته في مقدمة المقال، أن البحث عن الكفاءة للوظيفة القيادية يجب أن تكون ضمن آليات اختيار وهو ما ذكرته من قبل في مقالة سابقة بعنوان «إعلان حيادي لتعيين القيادي!»، وفيها طرحت سؤالاً بسيطاً ومنطقياً، على أي أساس يتم أصلاً الترشيح من الوزير؟! وكذلك ما هي المعايير الافتراضية عند كل وزير؟ وهل يتعرض بدوره للضغوطات أو على حسب تصوره؟

ونحن نشاهد الواقع السياسي بوجود المحاصصة المزعجة وحرص البعض، من النواب والمتنفذين، على الضغط على بعض الوزراء للتعيينات للأحباب والأقارب... ومن يبحث يجد الأمثلة الحية على ذلك، وكل ذلك يتناقض في شكل صارخ مع الإصلاح المطلوب، وهو ضد العدالة الوظيفية والاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص.

واقترحت أن يكون هناك إعلان حيادي لتعيين القيادي بمعني أن يكون هناك إعلان رسمي منشور يتضمن مواصفات عامة والتخصصات والخبرة المناسبة للمرشح للمنصب المطلوب ويتضمن اختبارات عملية ونظرية.

ويا حبذا، لو يتم الاختبار عن طريق الحواسيب إن أمكن مثل اختبارات الرخصة الدولية لقيادة الحاسب (ICDL) على سبيل المثال، وتكون بإشراف أكاديمي ومن الجهات المختصة وبالشفافية المطلوبة، حتى يكون ذلك وسيلة لدعم اختيار الأشخاص الأكفاء ويقطع الطريق على من يريد اقتناص المناصب للموالين له، وكأنها أرض مشاع له يأخذ منها ما يريد!

لذا فإن الإعلان فرصة لمن يريد التطور الوظيفي ولمن يريد الإصلاح في بلده.

والخلاصة لكل ما سبق، أنه لكي يتم تعيين قيادي فإننا نحتاج القيادي الأعلى منه والذي يعينه يكون بمواصفات قيادية أيضاً، سواء وزير أو غيره، فهي مثل السلسلة المتصلة وكما قيل «فاقد الشيء لا يعطيه»... والأفضل أن يتم تعيين القيادي من دون تدخل بشري إن أمكن، مثل الاختبارات التي أشرت لها أعلاه!

ولله عز وجل المعين في كل الأحوال.

Twitter @Alsadhankw