ليس ما يدعو إلى التفاؤل في لبنان. على العكس من ذلك، يتوقّع أن تكون السنة الأخيرة من «عهد حزب الله» أسوأ بكثير من السنوات الخمس الأولى مجتمعة. تلك السنوات التي شهدت استمراراً للتدمير الممنهج للبلد وما بقي من مؤسسات الدولة فيه وكلّ ما له علاقة بالاقتصاد والمرافق التي جعلت لبنان يمتلك وضعاً مميّزاً في المنطقة.
أسوأ ما في الأمر أن لبنان الذي عرفناه انتهى بمعرفة رئيس الجمهورية وموافقة منه. بيروت، المدينة الوحيدة التي حافظت على التنوّع والدور المتميز في كل جنوب البحر المتوسط، تلفظ أنفاسها. انتهت بيروت كمدينة عالميّة وعاصمة إقليمية، مثلما انتهت قبل ذلك سميرنا (ازمير حاليا) والإسكندريّة.
بات متوقّعاً أن تكون السنة الأخيرة من العهد سنة الحصاد الوفير لـ«حزب الله» الذي استثمر سنوات طويلة في الثنائي ميشال عون – جبران باسيل. بدأ الاستثمار فيهما قبل عشر سنوات من فرض الأوّل رئيساً للجمهوريّة في 31 أكتوبر 2016.
يتبيّن كلّ يوم أن استثمار الحزب في الثنائي المسيحي، منذ توقيع وثيقة مار مخايل في السادس من فبراير 2006، كان في محلّه. لم يحصل شيء بالصدفة منذ انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة وفي السنوات العشر التي سبقت ذلك. كلّ ما يمكن قوله مع بداية السنة الأخيرة من العهد أنّ الفراغ الرئاسي كان أفضل، مقارنة مع ما آل إليه لبنان.
لم يكن انتخاب عون رئيساً سوى حيلة مدروسة بعناية انطلت على كثيرين. انطلت على معظم اللبنانيين أوّلا. ذهب لبنان كلّه ضحيّة هذه الحيلة بعدما اقتنع الدكتور سمير جعجع بمرشّح «حزب الله» للرئاسة وبعدما صار هذا المرشّح موضع تفاهم شمل الرئيس سعد الحريري. لا يعرف سعد الحريري ميشال عون في العمق. لذلك لديه عذره. لم يعش عن قرب لا «حرب التحرير» ولا «حرب الإلغاء» عندما أقام قائد الجيش السابق في قصر بعبدا للمرّة الأولى بين سبتمبر 1988 وأكتوبر 1990.
في المقابل، اذا كان من شخص يعرف عون بأدقّ التفاصيل، فإنّ هذا الشخص هو جعجع الذي يعرف أوّل ما يعرف أن الرجل لا يمكن أن يتغيّر وأنّ ينتصر على أحقاده... لا على «القوّات اللبنانيّة» تحديداً ولا على المسلمين السنّة والدروز عموماً ولا على كلّ من وقف في وجه استمرار الحرب في لبنان في تسعينيات القرن الماضي ولعب دوراً في إعادة الحياة الى بيروت. قصّة ميشال عون مع الحقد لا تنتهي، لا لشيء سوى لأنّه لا يستطيع تحمّل أي نجاح يحقّقه أي شخص كان.
من الواضح أن ميشال عون وجبران باسيل هما الشخصان المناسبان للمشروع الذي تنادي به «الجمهوريّة الإسلاميّة». يقوم المشروع على فكرة في غاية الوضوح: لبنان ورقة إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك.
من أجل تكريس كون لبنان ورقة إيرانيّة، فلابد من تدميره حجراً حجراً كي لا تقوم له قيامة يوماً. مطلوب تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصاً من المسيحيين، من لبنان. ليس الفصل الأخير في المأساة اللبنانية، وهو فصل يلعب دور البطولة فيه وزير الإعلام جورج قرداحي سوى محاولة مكشوفة لتأكيد أين صار موقع لبنان في الإقليم. لم يعد لبنان عربيّاً بأيّ شكل. هناك وزير للإعلام محسوب على «حزب الله» والنظام السوري، لا يجرؤ رئيس الجمهوريّة أو رئيس الوزراء على قول كلمة انتقاد في العمق له. وزير للإعلام في لبنان يدافع عن الحوثيين في اليمن. يدافع عملياً، وهو ما يعرفه ولد صغير، عن إحدى الميليشيات المذهبيّة التابعة مباشرة لإيران ولـ«الحرس الثوري» تحديداً، تماماً كما حال «حزب الله».
تسارعت الأحداث في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية. زادت طلبات «حزب الله» الذي كشف مدى سيطرته على الحكومة التي يرئسها نجيب ميقاتي. ربّما اكتشف نجيب ميقاني أخيراً أنّه يتعاطى مع طرف كلّ ما يريده منه توفير غطاء سنّي له في عملية عزل لبنان عن محيطه العربي لا أكثر.
يظلّ السؤال في نهاية المطاف ما الذي يعدّه «حزب الله» لمرحلة ما بعد نهاية عهد عون، الذي هو في الواقع عهده. هل يجد طريقة لفرض جبران باسيل أو سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهوريّة... أم المطروح الانتهاء من النظام اللبناني كلّه بعد نجاح الثنائي عون - باسيل في القضاء على اتفاق الطائف وكلّ ما هو متفرّع منه. ليس ما يثبت القضاء على الطائف أكثر من أنّ «حزب الله» صار يقرّر من هو رئيس الجمهوريّة ومن هو رئيس مجلس الوزراء وهل تتشكّل حكومة في لبنان أم لا... وهل مسموح معرفة الحقيقة في كارثة تفجير مرفأ بيروت أم لا؟
ليس إعلان حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» عن امتلاك الحزب لمئة ألف مقاتل، عدا عن آخرين من غير اللبنانيين، على حد تعبيره، سوى مقدّمة لمرحلة الحصاد. لن يفوت الحزب موسم الحصاد في السنة الأخيرة من العهد بعدما اعدّ له ميشال عون وجبران باسيل الأرض. اعدا كلّ ما هو مطلوب كي يكون لبنان مجرّد «ساحة». في هذه «الساحة» تستطيع إيران أن تفعل ما تشاء وأن تمارس اللعبة التي لا تشاء بالشروط والقوانين التي تشاء، في انتظار تحديد مواصفات النظام الذي تريد فرضه على لبنان... هذا اذا بقي شيء من لبنان!
أسوأ ما في الأمر أن لبنان الذي عرفناه انتهى بمعرفة رئيس الجمهورية وموافقة منه. بيروت، المدينة الوحيدة التي حافظت على التنوّع والدور المتميز في كل جنوب البحر المتوسط، تلفظ أنفاسها. انتهت بيروت كمدينة عالميّة وعاصمة إقليمية، مثلما انتهت قبل ذلك سميرنا (ازمير حاليا) والإسكندريّة.
بات متوقّعاً أن تكون السنة الأخيرة من العهد سنة الحصاد الوفير لـ«حزب الله» الذي استثمر سنوات طويلة في الثنائي ميشال عون – جبران باسيل. بدأ الاستثمار فيهما قبل عشر سنوات من فرض الأوّل رئيساً للجمهوريّة في 31 أكتوبر 2016.
يتبيّن كلّ يوم أن استثمار الحزب في الثنائي المسيحي، منذ توقيع وثيقة مار مخايل في السادس من فبراير 2006، كان في محلّه. لم يحصل شيء بالصدفة منذ انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة وفي السنوات العشر التي سبقت ذلك. كلّ ما يمكن قوله مع بداية السنة الأخيرة من العهد أنّ الفراغ الرئاسي كان أفضل، مقارنة مع ما آل إليه لبنان.
لم يكن انتخاب عون رئيساً سوى حيلة مدروسة بعناية انطلت على كثيرين. انطلت على معظم اللبنانيين أوّلا. ذهب لبنان كلّه ضحيّة هذه الحيلة بعدما اقتنع الدكتور سمير جعجع بمرشّح «حزب الله» للرئاسة وبعدما صار هذا المرشّح موضع تفاهم شمل الرئيس سعد الحريري. لا يعرف سعد الحريري ميشال عون في العمق. لذلك لديه عذره. لم يعش عن قرب لا «حرب التحرير» ولا «حرب الإلغاء» عندما أقام قائد الجيش السابق في قصر بعبدا للمرّة الأولى بين سبتمبر 1988 وأكتوبر 1990.
في المقابل، اذا كان من شخص يعرف عون بأدقّ التفاصيل، فإنّ هذا الشخص هو جعجع الذي يعرف أوّل ما يعرف أن الرجل لا يمكن أن يتغيّر وأنّ ينتصر على أحقاده... لا على «القوّات اللبنانيّة» تحديداً ولا على المسلمين السنّة والدروز عموماً ولا على كلّ من وقف في وجه استمرار الحرب في لبنان في تسعينيات القرن الماضي ولعب دوراً في إعادة الحياة الى بيروت. قصّة ميشال عون مع الحقد لا تنتهي، لا لشيء سوى لأنّه لا يستطيع تحمّل أي نجاح يحقّقه أي شخص كان.
من الواضح أن ميشال عون وجبران باسيل هما الشخصان المناسبان للمشروع الذي تنادي به «الجمهوريّة الإسلاميّة». يقوم المشروع على فكرة في غاية الوضوح: لبنان ورقة إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك.
من أجل تكريس كون لبنان ورقة إيرانيّة، فلابد من تدميره حجراً حجراً كي لا تقوم له قيامة يوماً. مطلوب تهجير أكبر عدد من اللبنانيين، خصوصاً من المسيحيين، من لبنان. ليس الفصل الأخير في المأساة اللبنانية، وهو فصل يلعب دور البطولة فيه وزير الإعلام جورج قرداحي سوى محاولة مكشوفة لتأكيد أين صار موقع لبنان في الإقليم. لم يعد لبنان عربيّاً بأيّ شكل. هناك وزير للإعلام محسوب على «حزب الله» والنظام السوري، لا يجرؤ رئيس الجمهوريّة أو رئيس الوزراء على قول كلمة انتقاد في العمق له. وزير للإعلام في لبنان يدافع عن الحوثيين في اليمن. يدافع عملياً، وهو ما يعرفه ولد صغير، عن إحدى الميليشيات المذهبيّة التابعة مباشرة لإيران ولـ«الحرس الثوري» تحديداً، تماماً كما حال «حزب الله».
تسارعت الأحداث في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية. زادت طلبات «حزب الله» الذي كشف مدى سيطرته على الحكومة التي يرئسها نجيب ميقاتي. ربّما اكتشف نجيب ميقاني أخيراً أنّه يتعاطى مع طرف كلّ ما يريده منه توفير غطاء سنّي له في عملية عزل لبنان عن محيطه العربي لا أكثر.
يظلّ السؤال في نهاية المطاف ما الذي يعدّه «حزب الله» لمرحلة ما بعد نهاية عهد عون، الذي هو في الواقع عهده. هل يجد طريقة لفرض جبران باسيل أو سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهوريّة... أم المطروح الانتهاء من النظام اللبناني كلّه بعد نجاح الثنائي عون - باسيل في القضاء على اتفاق الطائف وكلّ ما هو متفرّع منه. ليس ما يثبت القضاء على الطائف أكثر من أنّ «حزب الله» صار يقرّر من هو رئيس الجمهوريّة ومن هو رئيس مجلس الوزراء وهل تتشكّل حكومة في لبنان أم لا... وهل مسموح معرفة الحقيقة في كارثة تفجير مرفأ بيروت أم لا؟
ليس إعلان حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله» عن امتلاك الحزب لمئة ألف مقاتل، عدا عن آخرين من غير اللبنانيين، على حد تعبيره، سوى مقدّمة لمرحلة الحصاد. لن يفوت الحزب موسم الحصاد في السنة الأخيرة من العهد بعدما اعدّ له ميشال عون وجبران باسيل الأرض. اعدا كلّ ما هو مطلوب كي يكون لبنان مجرّد «ساحة». في هذه «الساحة» تستطيع إيران أن تفعل ما تشاء وأن تمارس اللعبة التي لا تشاء بالشروط والقوانين التي تشاء، في انتظار تحديد مواصفات النظام الذي تريد فرضه على لبنان... هذا اذا بقي شيء من لبنان!