التحقيقاتُ الأمنية في أحداث عين الرمانة - الشياح، ستأخذ وقتاً كي تنجلي كافة الحقائق المتعلقة بالوقائع الميدانية التي أدت إلى ما يشبه «بروفة» حرب جرت على مدى 4 ساعات.
لكن التداعيات السياسية لـ «الخميس الأسود» الذي هزّ لبنان وأثار ردود فعل إقليمية ودولية، سرعان ما بدأتْ تظهر منذ اللحظة الأولى لانكشاف عدد الضحايا وآثار المواجهات على الناس ومسؤولية الأفرقاء المنخرطين فيها.
لم يتوهّم أحد أن ردود الفعل المحلية ستنحصر بالاستنكارات أو حملات الدفاع.
فهناك تداعيات سياسية تحصل دائماً كما لدى حدوث أي زلزال أمني على غرار ما أعقب 14 فبراير 2005 (اغتيال الرئيس رفيق الحريري) أو 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لحزب الله في بيروت والجبل).
لكن الحدَث السياسي الذي أسفرت عنه أحداث عين الرمانة - الشياح، لم يتعلق بما ارتدّ على فريقيْن خصميْن وأكثر أصلاً، بل بأنه ترك آثاراً مباشرة على فريق سياسي واحد، معروف منذ 2005 بفريق الثامن من مارس، وإن كانت القوى المنضوية فيه لديها حساباتها الخاصة، وقد ظهرت في الأيام الأخيرة أكثر وضوحاً.
من المفيد التذكير أن أحداث الطيونة، وقعت على «فالق» التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، و«هجمة» حزب الله وحركة أمل لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار.
وهذه القضية بدأت تُظْهِر خلافات داخل الصف الواحد ارتسمت قبل جلسة مجلس الوزراء «الساخنة» وبعدها، حين اتخذ رئيس الجمهورية ميشال عون موقفاً واضحاً لجهة رفضه إقالة بيطار، بذريعة فصل السلطات السياسية والقضائية.
في مجلس الوزراء كان الانقسام بين طرفين: رئيس الجمهورية ووزراؤه من جهة، وحزب الله وحركة أمل وانضمّ إليهما في صورة ملتبسة تيار المردة (بقيادة سيمان فرنجية)، إلى أن أعلن موقفه لاحقاً بوضوح بأنه إلى جانب حليفيه.
ليست المرة الأولى يقف فيها «المردة» في وجه عون بعدما انكسرت كل علاقة بين حليفي «حزب الله»، وهو (فرنجية) حين أصرّ على حصة وزيريْن في الحكومة وحصل على كليهما، حوّل الصوتين في مجلس الوزراء إلى جانب الثنائي.
ورغم أن لا تصويت جرى في مجلس الوزراء بعدما رفع عون جلسة مجلس الوزراء (الثلاثاء الماضي) إلى أجَل غير مسمى، إلا أن موقف المردة أعطى للثنائي غطاء «مسيحياً».
وتَعَزَّزّ هذا الموقف في الساعات التي تلت مجلس الوزراء. ففي مقابل «المردة»، بدأ فريقا الثنائي الشيعي والعهد يظهّران مستوى الخلاف بينهما.
وفي العادة يميّز «حزب الله» بين رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر».
إذ إن أي خلاف أو اشتباك سياسي مع التيار في قضايا داخلية أو خارجية، لم يكن ينعكس على العلاقة مع عون، الذي بقي الحزب في غالبية الأحيان يراعيه ولا يطاوله بكلمة انتقاد واحدة.
لكن وما حصل في مجلس الوزراء وما بعده، عَكَسَ الاختلاف الحقيقي بين الحزب وعون حول إقالة بيطار، وأكثر.
فرئيس الجمهورية يبرّر أن لا سلطة له على المحقق العدلي ويذكّر بأن الرئيس إميل لحود هو الذي أتى بالوزير شارل رزق الذي سار لاحقاً بالمحكمة الدولية من غير رضى لحود.
لكن الحزب المتمسك بإقالة بيطار رفع سقف المطالبة بحيث لم يعد ممكناً إيجاد مَخْرج مشرّف لكل الضالعين بالقضية سواء الذين مع الإقالة أو ضدّها.
وما نتج عن مجلس الوزراء من رسائل متبادَلة عبر وسائل الإعلام علانية، عدا عن الرسائل البعيدة عن الإعلام، أَظْهَرَ حجمَ التناقضات التي تحكم علاقة «حزب الله» بالتيار الحر وبالعهد على السواء باعتبار أن رئيس الجمهورية هو الذي رفض موقف الحزب في مجلس الوزراء.
ومَن يعرف عون يعرف أن مجرد التعاطي معه شخصياً بحدة، كما حصل في الأسلوب الذي اعتمده معه وزير الثقافة محمد مرتضى المحسوب على حزب الله، يعني أن عون ارتدّ حكماً إلى مربّع المواجهة أياً كانت القضية.
يعرف حزب الله ذلك وهو سارع إلى لملمة تصرف مرتضى، لكن التسريبات، كانت أقوى من الطرفين وبدا أنهما يتعمّدان رفْع السقف لحسابات داخلية وخصوصاً من جانب العهد والتيار.
في خلفية كل ما حصل في عين الرمانة الشياح وقبْلها قضية المرفأ، تَظْهر الانتخابات من دون أي التباس.
وهو الأمر الذي لم يتأخر رئيس التيار جبران باسيل في إظهاره باحتفال ذكرى 13 أكتوبر 1990 التي أحياها السبت، إذ حوّل المناسبة إلى إطلاق ماكينته الانتخابية السياسية على خلفية أحداث عين الرمانة، بعد سكوت أكثر من يومين ونجاح جعجع في شدّ العَصَب المسيحي حوله.
واستفاد باسيل من المناسبة ليوجه سهامه وجمهوره ضد خصومه المسيحيين، «القوات اللبنانية» بالدرجة الأولى و«المردة» بالدرجة الثانية، حتى أنه حاول تقزيم زعامتهما إلى زعامة محلية بين زغرتا وبشري فقط.
لكن الرسائل الأخرى التي حاول باسيل إطلاقها كشفت عمق المأزق الذي يعيشه التيار مع حزب الله و«أمل» في قضية المرفأ.
فكمية التناقضات التي حاول السير بين ألغامها كانت كثيرة، ذلك أن التيار محرَج أمام الرأي العام في عدم السير بالتحقيقات في المرفأ، ومحرَج بدفعه إلى القبول بتغيير بيطار لأن ذلك سيرتدّ عليه في الشارع المسيحي، ويجعل منه ملتزماً بما قرره «حزب الله» وهو الأمر الذي يحاول دائماً تمييز نفسه به على قاعدة أن قراراته نابعة من استقلالية وأنه يتعامل مع الحزب من الندّ للند.
لكن التيار في محصلة الأمر لن يتمكن من الخروج من عباءة الحزب لا سياسياً ولا انتخابياً، حين تكون أمامه دوائر انتخابية لا يمكن أن يفوز بها من دون الحزب.
وهو في إطلاقة تلميحاتٍ إلى تسييس التحقيق يمهّد الطريق إلى محاولة الخروج من المأزق من دون أن يكون ذلك مضموناً.
لأن عنوان فصل القضاء عن السياسة كشعار يرفعه عون، يحمل في تاريخ لبنان كثيراً من التجارب التي دلت على أن السياسة تتدخل في القضاء وأكثر. لا شك في أن باسيل حاول استلحاق الأزمة وما تركتْه من تداعيات.
فوقوف رئيس تيار المردة إلى جانب «حزب الله» يجعل فرنجية متقدماً في السباق الرئاسي في وجه رئيس التيار الحر.
ورسائل باسيل ضد الرئيس نبيه بري، تُضاعِف في شرذمة صفّ حلفاء الحزب الذين تلقّوا أكثر من انتقاد على خلفية موقفه الحاد من بيطار، قبل سقوط الضحايا.
ذلك أن عملية إطلاق النار عاودتْ شدّ العَصَب تجاه خصم وحيد اسمه سمير جعجع.
أما الخلافات والتباينات بين أمل وحزب الله والتيار الوطني والمردة فلا تزال على حالها. وكلما اقترب موعد الانتخابات سيكون هؤلاء أمام تحديات أكبر.
لكن الاستحقاق الأبرز هو كيفية التعامل مع قضية بيطار كسقفٍ لم يتخلّ عنه «حزب الله»، ما يجعل التيار الحر أمام امتحانٍ حقيقي، حين تنتهي الاحتفالات والشعارات الانتخابية، لجهة اتخاذ قرار واضح، سيكون عليه تبريره بقوةٍ أمام الحزب وجمهوره وأمام الناخبين المسيحيين، في موازاة طريقة تعاطيه مع الضغط السياسي والقضائي على «القوات» من جانب حزب الله وأمل.
ولم يكن عابراً، أمس، أن «حزب الله» مضى، أمس، في رفْع السقف لأعلى مستوى ضدّ «القوات» مصوّباً في الوقت نفسه على الجيش اللبناني في ما اعتبره خصومه محاولة لضرْب «عصفوريْن بحجر» واحد، وسط تطورين في هذا الإطار: الأول التداول بفيديو لعنصر في الجيش يطلق النار على المتظاهرين خلال أحداث الطيونة وسط تسريبات عن قتيل سقط برصاصه وأنه كان الضحية الأولى في الأحداث، قبل أن تشير تقارير أخرى إلى أن هذا الفيديو أعقب تعميم الجيش بإطلاق النار على كل مسلّح، لتعلن المؤسسة العسكرية في ضوء كل هذه المزاعم أن الأمر قيد التحقيق.
والثاني: موقف لوزير الدفاع موريس أعلن فيه «أن التدافع والاشتباك في الطيونة، أدّيا إلى إطلاق نار من الطرفين، كما أكدت الإفادات الميدانية دخول شبان إلى شوارع عين الرمانة».
وكان القيادي في «حزب الله» غالب أبو زينب الأوضح في مهاجمة الجيش ووزير الدفاع معلناً «تهتز الثقة بالمؤسسة بقوة من بيان الجيش المتغيّر (يوم الخميس، من أن المحتجين تعرضوا لإطلاق نار إلى حصول إشكال وتبادل لإطلاق النار) الذي رضخ لضغوط الأميركي وصولاً إلى وزير الدفاع».
* كلنا أقوياء بحقنا في الوجود الحر وبولائنا للوطن من دون إشراك
في أول تعليق على أحداث الطيونة - الشياح - عين الرمانة، أشاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بنجاح الجيش اللبناني في «حصْر مناطق الاشتباك ومنْع توسع الاعتداء على الأحياء السكنية الآمنة».
وعلى وقع الاتهامات والحملات على حزب «القوات اللبنانية» وصولاً للمطالبة بتحويل أحداث الطيونة على المجلس العدلي وحلّ «القوات»، رفض الراعي في عظة الأحد «أن نعود إلى الاتهامات الاعتباطية، والتجييش الطائفي، والإعلام الفتنوي، وإلى الشعارات الجاهزة، ومحاولات العزل، وتسويات الترضية.
ونرفض أن نعود إلى اختلاق الملفات ضد هذا الفريق أو ذاك، واختيار أناس أكباش محرقة، وإحلال الانتقام مكان العدالة».
وأضاف: «أظهر الجيش اللبناني أن القوة الشرعية، بما تمثل من أمن، هي أقوى من أي قوة أخرى مع كل ما تمثل من إخلال بالأمن (...) لا يجوز الاستقواء بعضنا على بعض لأن الاستقواء ليس قوة، ولأن القوة لا تخيف المؤمنين بلبنان.
لا يوجد ضعيف في لبنان، فكلنا أقوياء بإرادة الصمود والدفاع عن النفس، وعن أمننا وكرامتنا وخصوصيتنا.
كلنا أقوياء بحقنا في الوجود الحر وبولائنا للوطن من دون إشراك.
كلنا أقوياء بفعل ما يمثل لبنان من حقيقة تاريخية وجغرافية وحضارية لا يقوى عليها أحد.
وفي لبنان، وحده الحوار يؤدي إلى الانتصار وإنقاذ الشراكة الوطنية، ووحده الاستقواء يؤدي إلى الهزيمة وترنح الشراكة التي نتمسك بها في أطر حديثة ترتكز على اللامركزية الموسعة، والحياد، والتشريع المدني، والشراكة في التعددية، والانفتاح على العالم والثقافة».
وكان البطريرك استهلّ عظته بتأكيد «في القلب غصة لما جرى الخميس الماضي في محلة الطيونة وعين الرمانة الذي أوقع ضحايا وجرحى.
ونتقدم بالتعازي الحارة من عائلات الضحايا، وندعو بالشفاء للجرحى.
وفي الوقت عينه نستنكر أشدّ الاستنكار هذه الأحداث وما رافقها من مظاهر مسلّحة استُعملت بين الإخوة في الوطن الواحد. ليس شباب لبنان للتقاتل بل للتآخي.
ليسوا للتباعد، بل للحوار. ليسوا للتجاهل، بل للتعارف (...) وهذا هو جوهر العيش المشترك الذي يشكل ميزة لبنان ورسالته، والتعددية في الوحدة ثقافيا ودينياً».
وأضاف: «لنسهل لشباب لبنان المسيحيين والمسلمين عيش فرح الحياة، وتحقيق ذواتهم وأحلامهم.
ما أجملهم عائلة واحدة على تنوعهم في ذاك 17 أكتوبر عندما بدأوا ثورتهم الحضارية الخلاقة.
وما أمرّ هذه الذكرى السنوية الثانية اليوم التي يلفها الحزن والحداد وتَفَكُّك أوصال وحدتهم في التنوع».
وتابع: «عائلات لبنان، بكبارها وشبابها وأطفالها، تعذبت وبكت بما فيه الكفاية، وما زالت تنتظر لتفرح بمستقبل أفضل وبالاستقرار.
من أجل هذه الغاية كانت الثورة إذ بدا للشعب فشل الجماعة السياسية في نقل لبنان من التوتر إلى الاستقرار، ومن الهيمنة إلى الاستقلال، ومن الفساد إلى النزاهة، ومن القلق على المصير إلى الثقة بالمصير.
انتفض الشعب بكل فئاته ومناطقه وأجياله وطالب بدولة صالحة، وبشرعية فاعلة، وبإصلاحات عميقة، وبجيش واحد، وبقرار وطني واحد.
ونحن كنا منذ اليوم الأول ولا نزال إلى جانبها، وأتوجه إلى شبيبة لبنان بالقول: عبروا عن إرادتكم في الانتخابات النيابية المقبلة واختاروا الأفضل والأشجع والأقدر على أن يوفر لكم التغيير المنشود، والثقة بوجود حر».
وتابع «وفّر لنا النظام الديموقراطي وسائل سلمية للتعبير عن الرأي قبولاً أو رفْضاً، تأييداً أو معارضة، وبالتالي لا يجوز لأي طرف أن يلجأ إلى التهديد والعنف، وإقامة حواجز حزبية أو عشائرية على الطرق العامة، لينال مبتغاه بالقوة.
إن المساس بالسلم الوطني وبحسن الجوار الأخوي مرفوض أياً يكن مصدره (...) نذرنا أنفسنا من أجل تعزيز روح المحبة والشراكة بين جميع اللبنانيين، وندعو جميع الأفرقاء إلى التلاقي لقطع دابر الفتنة.
ونؤيد ما جاء في كلمة فخامة رئيس الجمهورية حين أعلن أنه يرفض التهديد والوعيد، وأخذ لبنان رهينة، وأكد تمسكه بالتحقيق العدلي، وحذر من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء».
ودعا «لأن نحتكم في خلافاتنا إلى القانون والقضاء، ونمحضهما ثقتنا، ولنحرر القضاء من التدخل السياسي، والطائفي والحزبي ولنحترم استقلاليته وفق مبدأ الفصل بين السلطات، ولندعه يصوّب ما وجب تصويبه بطرقه القضائية.
ما من أحد أعلى من القضاء والقانون.
وحدهما كفيلان بتأمين حقوق جميع المواطنين».
وقال: «التشكيك المتصاعد بالقضاء منذ فترة لم ينل من القضاء فحسب، بل من سمعة لبنان أيضاً، إذ أجفل الدول المانحة والشركات التي كانت تنوي الاستثمار في المشاريع التي يتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
إن هذه الحرب الممنهجة على جميع مؤسسات الدولة تدفعنا إلى التساؤل: ماذا يريد البعض بعد من لبنان ومن شعب لبنان؟ ألا يكفي الانهيار المالي والاقتصادي؟ ألا تكفي رؤية اللبنانيين، جميع اللبنانيين، أذلاء ومقهورين ومشتتين ومهجرين ومهاجرين؟».
وقال رعد: «عندما نزل الناس إلى الشارع تحت شعار مكافحة الفساد في البلد، رُفعت شعارات في الزلقا وجل الديب(حزب الله) إرهابي ولا نريد احتلالاً إيرانياً في لبنان.
سأقولها بصراحة، أولاً إذا كان مِن إرهاب فهو ممن يطرحون هذا الشعار، لأن كل تاريخهم مجازر وتهديدا للسلم الأهلي وطعْنا له.
ما قصة الاحتلال الإيراني؟ أين هو؟ مَن يرى عسكرياً إيرانياً في لبنان؟ هؤلاء هم العنصريون المتصهينون في ساحتنا الداخلية، وهم مرتزقة الخارج، يتحدثون عن الاحتلال الإيراني وهم يقصدوننا، لأننا في مفهومهم نحن جالية إيرانية، أما هم ففينيقيون من صدف الأرجوان».
وأضاف: «هذا الحقد المتراكم، وهذه الضغينة وخيارهم السياسي الذي هو ضد مصلحة لبنان وسيادته خيار التآمر عليه.حرصنا بكامل إرادتنا على السلم الأهلي بين اللبنانيين لئلا يتكرر ما حصل أيام الحرب الأهلية من لغة طائفية واقتتال وعبث طائفي بين المناطق والمكونات، وبوعينا وتصميمنا وحرصنا وتقديرنا للمصلحة العليا للبنان واللبنانيين، ذهبنا إلى تفاهم مع أكبر مكون مسيحي، وتفاهمنا مع التيار الوطني الحر العام 2006 لنحفظ السلم الأهلي، ونقطع الطريق على أي تفكير بالفتنة الداخلية بضرب الاستقرار بين اللبنانيين».
وتابع: «عطّلوا تشكيل الحكومة عاماً ونصف العام، وأرادوا كسْرنا من خلال حصارهم، خصوصاً في موضوع البنزين والمازوت، وعندما كان قرار المجيء ببواخر المازوت من ايران، كانت الرسالة واضحة بأننا جاهزون لأي مواجهة وكسَرنا الحصار.
وعندئذ تلكأ الأميركي، وفي ليلتين تشكلت الحكومة التي نحن مع تشكيلها».
وأردف في إشارة ضمنية إلى رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع: «أردنا حكومة من دون أن نشترط أو نطالب بمطالب خاصة ومنحناها الثقة، لكن هناك أناس غير قابلين بنجيب ميقاتي ولا سعد الحريري ولا يريدون أن تكون هناك حكومة. ومِن هؤلاء هو، من يبيع دم اللبنانيين برصاص قناصيه الذين يزرعهم على السطوح ليقول لمستخدميه أنا حصانكم الذي باستطاعتكم أن تراهنوا عليه كي أخرب السلم الأهلي وليقول لهم أنا من يخرب البلد.
وعندما خرجت تظاهرة لتطالب وترسم موقفاً معترضاً على أداء المحقق العدلي في جريمة المرفأ، لماذا يتم اصطياد هؤلاء الناس؟».
وأكد أن «مشكلتنا مع جماعة القناصين حسابه لوحده، فدم أهلنا ليس حبراً. إذ لولاه ما كان هناك لبناني لديه كرامة، ولكانت جزمة الإسرائيلي تحكم هذا البلد».
وفي موازاة ذلك، كان نائب «حزب الله» حسن فضل الله، يعلن أن «هناك أسئلة مشروعة عند الناس حيال ما حصل، وحالة الغضب شديدة، وأنه لماذا عندما نضع أمننا بعهدة القوى الأمنية الرسمية، يسقط لنا شهداء في الطريق؟»، وقال: «هذا ما نتابعه مع الأجهزة الأمنية، التي عليها أن تلتفت أن هناك رأياً عاماً اليوم تضعف ثقته بمثل هذه الإجراءات، لأن هذه الحادثة ليست الأولى، وهناك جمر تحت الرماد وهذا الجمر يلدع، وأول إجراء لمحاولة إطفائه، المسارعة إلى القبض على جميع المتورطين وأسماؤهم معروفة، وهناك مَن حرّض وخطط وقرر نشر المجموعات وأطلق النار، والمطلوب أيضاً محاسبة كل من له صلة أياً كان ومن أعلى مسؤول إلى أدنى عنصر».
«القوات اللبنانية»: تَحالُف شيطاني إبليسي تفاهُم «التيار الحر» - «حزب الله»
وجاء موقف «القوات» رداً على الهجوم الناري الذي شنّه رئيس «التيار الحر» جبران باسيل على الحزب ورئيسه الدكتور سمير جعجع على خلفية «أحداث الطيونة» وإعلانه «هناك واحد كلما حاول تنظيف نفسه، يعود ليتسخ بسفك الدماء، لأن هذه طبيعته، وجريمة الطيونة أكبر برهان.
وكلما أراد أن يحرك الشارع المسيحي يلجأ إلى الدم»، معتبراً «أن مَن تاريخه أسود لا يدّعي الغرام بالعدالة، ويقتل شعباً متظاهراً ويحاول القيام بفتنة في البلد على خطوط تماس سابقة ليربح شعبية»، ومؤكداً «تفاهم مار مخايل أقيم لتكون خطوط التماس خطوط جمع بين اللبنانيين المختلفين وليس خطوط فصل».
واستغربت الدائرة الإعلامية في «القوات» في بيان، أن «يواصل النائب باسيل إطلالاته على الناس التي جوّعها وأفْقرها وأذلّها وأوصلها إلى جهنم منذ أن سلمه عمه (الرئيس ميشال عون) دفة الرئاسة الأولى، وذلك تماماً كما فعل عمه في نهاية ثمانينات القرن الماضي، فدمر المنطقة الحرة الوحيدة في لبنان بسبب جشعه الرئاسي، والصهر كالعم، الرئاسة بالنسبة إليه أهم من الناس والبلد».
وأضافت «كان الأولى بالصهر أن يخجل من نفسه ومن تاريخه وتاريخ عمه وأن يلتزم الصمت أمام حناجر اللبنانيين التي صدحت في وجهه محملة إياه وعمه مسؤولية النكبة التي وصلوا إليها، فالأكبر قدّم المنطقة الحرة لحافظ الأسد من أجل أن يقدّم له الرئاسة الأولى، والأصغر قدم ويقدم لبنان إلى (الأمين العام لـ«حزب الله»السيد) حسن نصرالله من أجل أن يقدم له الرئاسة الأولى.
وكان الأوْلى بالسيد باسيل أن يصمت بدل مواصلة فجوره الذي قاد لبنان إلى جهنم العوني، فهذا الفريق الذي لا يعرف معنى الشهادة والمبادئ والثوابت والقضية عليه أن يصمت ويخجل ويرحل، وقد انفضح أمام اللبنانيين جميعهم بأن هدفه السلطة إن عن طريق احتلال سوري، أو من خلال سلاح غير شرعي فتك باللبنانيين فتكاً.
فلم يصل لبنان إلى ما وصل إليه سوى بسبب تحالف مار مخايل الشيطاني، وفقط من أجل السلطة والنفوذ والمال ترك ما ادعاه زوراً وبهتاناً بالخط السيادي ليلتحق بخط نصرالله - الأسد الذي ينتهك السيادة ويخطف الدولة ويعزل البلد».
ورأت أنه «لولا اتفاق مار مخايل المشؤوم لَما وجد الثنائي الشيعي مَن يغطي له مؤامراته على المحكمة الدولية وإقفال مجلس النواب ووسط العاصمة.
ولَما حصل 7 مايو 2008 الذي سماه نصرالله اليوم المجيد، و7 مايو هو الفتنة بعينها.
ولولا تفاهم مار مخايل غير المجيد لما حصلت أحداث خلدة ولا شويا ولا عين الرمانة، ولَكان لبنان ينعم بالنور والازدهار والاستقرار، ولكن هذا التحالف حوله إلى جهنم فعلية وأدى إلى دولة فاشلة.
ولولا تحالف مار مخايل الإبليسي لكان عبور 14 مارس إلى الدولة تحقق».
وتابعت «تحالف مار مخايل هو الفتنة بعينها، وهو تحالف إخضاع اللبنانيين للسلاح والفساد، وتحالف إذلال اللبنانيين وتجويعهم.
ولم نتوقع من هذا الفريق الذي باع لبنان في ثمانينات القرن الماضي لحافظ الأسد وباعه اليوم لحسن نصرالله أن يدافع عن الحق، فلا نطلب منه أن يقف بجانب أهالي عين الرمانة الذين، كغيرهم، ليسوا في حاجة إلى أمثاله من المرتزقة والعملاء ليقف بجانبهم، ولكن أن يقف بالحد الأدنى بجانب ما أظهرته شاشات التلفزيون والفيديوات من غزوة على منطقة لا تختلف عن سائر الغزوات، وهدفها كله إسقاط العدالة في لبنان».
ورأى في بيان، أن «حزب الله تجاوز حدوده في محاولة بسط سلطته كقوة استعمارية تدين بالولاء لإيران، فكان الرد قوياً وقاسياً وكان إطلاق النار الكثيف وسقوط عدد كبير من الشهداء الذين لم يكونوا يستحقون الموت بهذه الطريقة».
وقال «نحن ضد إطلاق النار والانجرار إلى حرب طائفية تأكل الأخضر واليابس وتعيدنا إلى الوراء... لا للحرب الأهلية، لا لبسط حزب الله سلطته على الشعب كقوة استعمارية إيرانية.
لا لاستفزاز اللبنانيين في كل مكان... اللبنانيون شعب حر لا يسكت على ضيم، وما حدث في عين الرمانة والطيونة دليل على ذلك». وختم: «بقي أن نقول للدولة، ارفعي يدك عن عرب خلدة فهم كانوا ضحية الغرور والاستعلاء لجنود حزب الله.
على الدولة أن تطلق المعتقلين من أبناء خلدة، لأنهم كانوا في موقع المعتدى عليه والذي يدافع عن وجوده».