كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي» أن ديوان المحاسبة طلب من الهيئة العامة للصناعة عدم التجديد لأصحاب القسائم الصناعية التي تتجاوز إيجاراتها 100 ألف دينار، إلا بعد مراجعته للتدقيق على العقود، وأخذ الموافقة الرقابية منه على التجديد.

وبينت المصادر أن هذا القرار ينسحب على شريحة واسعة من القسائم الصناعية والحرفية والخدمية التي يجري تجديدها كل 5 سنوات، والتي تتجاوز الـ100 قسيمة في أماكن مختلفة، وتتضمن معارض ومجمعات وغيرها، مبينة أن «ديوان المحاسبة» أكد على ضرورة الحصول على موافقته المسبقة على تجديد هذه العقود المبوبة ضمن هذه الفئة الإيجارية والتي تتوزع بين قسائم مختلفة المساحة تبدأ بألف متر مربع.

سر الاختيار

ورغم أن عناصر القسائم التي ينطبق عليها قرار الرقابة المسبقة على تجديد عقودها ثابتة بحكم أنها لا تزال مخصصة بالقرار الحكومي نفسه أي لم يطرأ عليها تغيير أو تعديل من مجلس الوزراء، حيث حدد قرار تخصيص هذه القسائم للمستثمر مساحة القسيمة المستغلة وقيمتها الإيجارية، لم يوضح «ديوان المحاسبة» أسباب طلبه للتفتيش الرقابي المسبق عليها، أو سر اختياره لشريحة العقود التي تتجاوز إيجاراتها 100 ألف دينار، ليجري عليها تحديداً تدقيقاً مسبقاً لتجديدها، واشتراط موافقته عليها قبل أن تجدد «هيئة الصناعة» عقودها.

ورأت مصادر، أنه لا يفترض إخضاع هذه العقود لمزيد من المراجعة الرقابية إلا إذا كان الهدف التأكد من تطابق بيانات عقودها مع قرار التخصيص، وهذا يمكن تحقيقه بأدوات رقابية أخرى، مرجحة أن تكون خطوة «ديوان المحاسبة» مقدمة لإعادة تسعير هذه الشريحة من القسائم مجدداً، وبما يضمن رفع قيمتها على المستفيدين منها.

وقالت إن تحرك «ديوان المحاسبة» نحو هذه القسائم قد يكون منسجماً مع توجهات مجلس الوزراء في ما يتعلق برفع رسوم الخدمات وأملاك الدولة عموماً سواء الصناعية أو غيرها من الأراضي التي يتم تأجيرها، متوقعة أن يقوم «ديوان المحاسبة» بإعداد مقارنة بين أسعارها المطبقة، والأسعار السوقية العادلة.

توصية بالزيادة

ونوهت المصادر بأنه إذا خلصت المراجعات المطلوب إعدادها في هذا الخصوص إلى وجود فوارق سعرية للقيم الإيجارية للقسائم الصناعية والخدمية والحرفية مع قيمها السوقية العادلة إلى الحدود التي تستحق إعادة النظر، يرتقب أن يرفع «ديوان المحاسبة» توصية إلى مجلس الوزراء بإعادة النظر في تسعير هذه العقود.

ولفتت إلى أن الجهات الرقابية تسعى لإحداث نفضة جماعية بلائحة أسعار إيجارات وأراضي ومباني أملاك الدولة، بما يضمن تحقيق إجراءات الدولة الكفيلة بإعادة النظر في كل ما يستحق من رسوم الخدمات الحكومية وأملاك الدولة والقسائم الصناعية بمختلف تصنيفها نحو رفع قيمتها، وزيادة قيمتها تعزيزاً للإيرادات المالية للدولة، مبينة أن أهمية هذا التوجه تتعاظم في ظل استمرار أزمتي شح السيولة وتفاقم عجز الميزانية.

وأفادت المصادر بأن تحرك «ديوان المحاسبة» باتجاه الرقابة المسبقة على تجديد عقود تأجير القسائم الصناعية التي تتجاوز قيمتها 100 ألف دينار، قد يكون مدرجاً ضمن مساعي الحكومة لإيجاد حلول جذرية للتحديات المالية التي تواجه الميزانية العامة، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، من خلال زيادة الإيرادات العامة واتخاذ العديد من القرارات التقشفية، مثل إعادة النظر في لائحة الدعوم، وتخفيض مصروفات العلاج في الخارج وتأجيل المشاريع غير الضرورية، فضلاً عن تخفيض المهمات الرسمية 50 في المئة من المعتمد بميزانية 2021 – 2022، لكن يتعين أن يكون هناك فرز بين التعامل مع العقود الجديدة، والأخرى التي يتم تجديدها وفقاً لقرار تخصيص صادر.

تعطيل الإجراءات

في المقابل، لفتت مصادر أخرى إلى أنه رغم توافق الجميع بما في ذلك المستثمرون أنفسهم، على أهمية رفع رسوم الخدمات والأراضي التي تقدمها الدولة بما يسهم في ضبط العجز بالميزانية العامة وتقنينها، إلا أنه يتعين ألا يؤدي المسار الحكومي لذلك إلى تعطيل الإجراءات التعاقدية التقليدية مع المستثمرين، بحيث يجب أن تراعي أي مراجعة رقابية للقيم الإيجارية الآثار الاقتصادية، والاجتماعية، والاستثمارية المترتبة على رفع الرسوم، وعلاقتها بمؤشرات تحسين بيئة الأعمال، ثم بيان النتائج الناشئة عن رفع رسوم الخدمات.

وأضافت «يتعين تفادي الخلط بين رفع رسوم الخدمات والضرائب المستترة، خصوصاً إذا كان الهدف الحكومي من رفع الرسم تحقيق الأرباح فقط، حيث وقتها تتحول إلى ضرائب».

وبينت المصادر أن طلب «ديوان المحاسبة» التدقيق أولاً على أي عقد لقسائم صناعية أو خدمية أو حرفية تتجاوز قيمته الإيجارية 100 ألف دينار قبل تجديده، قد يستقيم مع التوجه العام لخطط مجلس الوزراء العامة، لكن في تفصيله قد يعاكس جهود الدولة نحو تحسين بيئة الأعمال المحلية، باعتبار أن زيادة المراجعات من الجهات الرقابية غير التقليدية تعني حكماً زيادة الفترة الزمنية التي يتطلبها إنجاز معاملات المستثمرين، وهذا يضعف جهود الدولة نحو تقليص الدورة الزمنية لمجتمع الأعمال.

وقالت: «بالطبع لا يوجد من يعارض التدقيق الرقابي أو يقلل من أهميته، لكن عندما يتعلق الأمر بتجديد عقود بناء على قرار صادر من مجلس الوزراء ولم يجر بأي حال من الأحوال تغييره أو التعديل عليه، سيؤدي ذلك إلى إيجاد حواجز إضافية ستقلل من جهود الحكومة المبذولة لتسريع المنجز من تحسين بيئة الأعمال المحلية».

رفع أسعار القسائم سيراعي تنافسية الكويت خليجياً

لفتت المصادر إلى أن مسؤولي «هيئة الصناعة» طلبوا من جامعة الكويت إعداد دراسة شاملة بخصوص طلب الحكومة الخاص بإعادة النظر في رسوم الخدمات وتأجير أملاك الدولة والأراضي الصناعية، موضحة أن الدراسة ستستغرق 7 أشهر، الـ90 يوماً الأولى منها لدراسة رسوم الخدمات المقدمة من قبل الهيئة.

وبينت أن الدراسة المرتقبة لتعديل لائحة رسوم القسائم الصناعية ستراعي في توصياتها أبعاد أي زيادة يمكن إدخالها على أسعار القسائم الصناعية أو الخدمية أو الحرفية، مشيرة إلى أن من بين هذه الأبعاد تحديد تحركات الأسواق المجاورة نحو المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، والمزايا الممنوحة لهم، بما يسهم في الحفاظ على تنافسية الكويت بين الأسواق الخليجية.