بشَّرت نتائج دراسة أجراها باحثون في جامعة مانشستر البريطانية بإمكانية إعادة توجيه بعض العقاقير الدوائية المعتمدة منذ سنوات بحيث يتم استخدامها لكبح تكاثر فيروس كورونا المستجد في خلايا الأشخاص المصابين بمرض «كوفيد-19».
وأوضحت ورقة بحثية نشرتها دورية «بلوس باثوجينس» أنه على الرغم من تطوير لقاحات مضادة لفيروس «كورونا المستجد»، فإنه مازالت هناك حاجة إلى علاجات إضافية موازية يمكن استخدامها بأمان حتى يتم تحقيق المناعة في جميع أنحاء العالم.
وقال البروفيسور كارل كادلر - أستاذ الكيمياء الحيوية بكلية الأحياء والطب والصحة في جامعة مانشستر، قائد فريق البحث - إن «نسباً كبيرة من سكان العالم لاتزال معرضة لخطر الإصابة بمرض كوفيد-19 في أثناء انتظارهم للتطعيم ضد المرض، لذا فإن تحديد العقاقير الآمنة والمتاحة بسهولة، والتي يمكن أن تستهدف المراحل المختلفة لعدوى الفيروس وتكاثره، يمكن أن يكبح تكاثر الفيروس ويقلل من حالات الإصابة بالمرض». وأضاف: «مازال معظم سكان العالم غير محصنين ضد كوفيد- 19، ومع ذلك هناك القليل من العقاقير التي ثبت أنها آمنة وسهلة التوزيع وقادرة على الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد».
وتوافر المراحل المختلفة للإصابة بالمرض - بدءاً من العدوى الأولية للخلايا المضيفة، ومروراً بتكاثر الفيروس واستجابة الجهاز المناعي - فرصاً لتحديد العقاقير والعلاجات للمساعدة في وقف تطوره.
ولتحديد العقاقير التي يمكن أن تعالج العدوى بشكل فعال، أجرى الباحثون فحصاً لنحو 18 ألفاً من العقاقير التي اعتمدتها هيئة الغذاء والدواء الأميركية؛ وذلك بهدف اختبار مدى فاعليتها ضد مجموعة من أنواع الخلايا البشرية المصابة، مع ملاحظة مدى قدرة تكاثر الفيروس في الخلايا المصابة بعد التعرُّض لكل دواء.
وفي ضوء الدراسة، حدد الباحثون مركباتٍ آمنة لدى البشر وتُظهر فاعليةً في الحد من عدوى فيروس كورونا المستجد وكبح تكاثره في الخلايا البشرية.
ومن بين جميع العقاقير التي تم فحصها، حدد الباحثون 9 عقاقير فعالة يمكنها كبح التكاثر الفيروسي في الخلايا المصابة بفيروس كورونا المستجد.
وتشمل قائمة العقاقير المرشحة للقيام بدور في كبح تكاثر الفيروس في الخلايا البشرية: دواء «إيباستين» (Ebastine) الذي يستخدم في علاج الالتهاب الرئوي، بالإضافة إلى «فيتامين D3» الذي يتوافر دون وصفة طبية، وأدوية السل Amodiaquine وAtovaquone وBedaquiline، ودوائي معالجة السرطان Abemaciclib و Panobinostat، ودواء Manidipine الخافض لضغط الدم.
وتعتبر تلك الدراسة محدودة نسبياً؛ وذلك لأنها أُجريت مختبرياً فقط على خلايا بشرية منفصلة، ولم يتم اختبار فاعلية العقاقير في علاج مرضى «كوفيد-19»، كما أنها لاتزال في حاجة إلى اختبار فاعليتها في التعامل مع الفيروس لدى البشر المصابين به.
ونظراً إلى أن تلك العقاقير معتمدة من جانب هيئة الغذاء والدواء الأميركية ويوجد لها قياس جرعات آمن بالفعل للاستخدام لدى البشر، فإنه يمكن البدء في التجارب السريرية لهذه العقاقير في غضون فترة زمنية قصيرة نسبيّاً.
ويأمل الباحثون أن تصبح تلك العقاقير إضافات قوية إلى ترسانة الأسلحة الدفاعية المضادة لمرض «كوفيد-19».
لكن البروفيسور كادلر أوضح أن هذه العقاقير لم يتم تقييمها حتى الآن لدى مرضى «كوفيد-19»، مشدداً على أن «هذه العقاقير لن تكون بدائل لبرامج التطعيم ضد المرض»، مشيراً إلى أن ما فعله الفريق البحثي هو اختبار فاعلية هذه العقاقير فقط على خلايا بشرية في المختبر، وأنه لم يتم حتى الآن اختبارها على حيوانات حية أو على بشر في تجارب إكلينيكية.
ويستعد الباحثون حالياً لبدء تجاربهم الإكلينيكية في المرحلة المقبلة لمعرفة ما إذا كانت تلك العقاقير المرشحة ستساعد في كبح تكاثر فيروس كورونا أو ربما وقاية الأشخاص من الإصابة به أصلاً.