كنت جالساً في أمان الله خلف مكتبي، أقلب الصحف تارة، وأقلب صفحات هاتفي تارة أخرى، أتابع ما يحدث في العالم، وأفكر في الورطة «الحكومية - البرلمانية» الراهنة، التي وإن خفتت موقتاً بسبب العطلة البرلمانية، إلا أن رمادها يُخفِي تحته الجمر المتقد، وسوف تشتعل الأزمة من جديد متى تم التلاقي ! ما الحل إذاً ؟... حكومة جديدة أم برلمان جديد ؟ أم ماذا ؟
في هذه الأثناء، وصلتني أربع علب صغيرة ممتلئة بحبات البرحي اللذيذة «نقصة» من الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
نحيت من عقلي الغوص في أزمة علاقة السلطتين، وقلت لنفسي... آنا شكو فيهم، (يصطفلوا) على قولة اللبنانيين، ومسحت حبة برحي منوصفة بمنديل مبلل بالماء ثم أكلتها مع ارتشاف فنجان القهوة. وسرحت بخيالي متسائلاً...
كم نخلة حكومية موجودة في الكويت ؟
وهنا... تذكرت حواراً قديماً دار بيني وبين المهندس فنيس العجمي بيّن لي خلاله أن هيئة التعليم التطبيقي وحدها لديها نحو ثلاثمئة نخلة، وبعدما تم الاعتناء بها صارت تنتج مئات الكيلوغرامات من التمور سنوياً.
عدت من جديد الى السؤال...
كم نخلة حكومية في الكويت ؟
ما أعرفه أن النخلة الواحدة تنتج ما بين مئة إلى ثلاثمئة كيلوغرام من الثمار إذا توافرت لها العناية اللازمة.
وإذا كان «التطبيقي» وحده يمتلك نحو ثلاثمئة نخلة... تُرى كم يبلغ العدد الإجمالي لنخيل الحكومة؟ وكم مئة طن يمكن لها أن تنتج سنوياً ؟
كم نخلة في شوارع الكويت ؟
كم نخلة في مساجد الكويت ؟
كم نخلة في مشاتل الزراعة ؟
كم نخلة في حدائق المباني الحكومية بمختلف أنواعها بمختلف المحافظات ؟
أين تمورها وبلحها وسعفها وكرَبها وفروخها ؟
هل يوجد حصر لأعداد النخيل الحكومية في الكويت ؟
هل تم ترقيمها ؟
كم يكلف الاعتناء بها سنوياً ؟... ما بين الري والتسميد ومكافحة الآفات والتلقيح ومتابعة نمو الثمار وتغليفها وقطفها وكبسها وتعليبها ؟... وصولاً إلى التكريب وقص السعف وإعادة التأهيل استعداداً للموسم المقبل ؟
وماذا لو تم ضم كل هذا النخل الحكومي تحت مسؤولية إدارة واحدة تتولى كل ما سبق، وتتولى إدارة مصانع لكبس التمور وتغليف الرطب وعصر الدبس، ناهيك عن جرش السعف وبقايا التمور لتكون أعلافاً للمواشي ؟
إنها مجرد تساؤلات... أضغاث أحلام، دارت في ذهني وأنا آكل حبة البرحي المنوصفة المهداة لنا من «التطبيقي»... ثم سرعان ما طردت من عقلي هذه الأفكار التي لن يلتفت إليها أحد! وقلت لنفسي: «خلك في علاقة السلطتين وكورونا».