كنت في سنتي الثانية طالبة دكتوراه في برمنغهام بريطانيا.

ما زالت وحشة الغربة تغرز أسنانها في قلبي.

تنهض ليلاً أشباح الغرفة ويتراءى لي تمايل ظلال الشجر خارج النافذة، كأنه يتربص بي.

أختبئ تحت اللحاف وأحاول أن أكون قوية.

وذات ليلة.

رأيت خيطاً رفيعاً جداً ينزل من سقف الغرفة ويتعلق في المنتصف أو أقل بقليل... دهشت للأمر وأردت معرفة ما يحدث.

وفي نور خافت جداً رأيت عنكبوتاً صغيراً يتعلق بطرف الخيط ويهرب سريعاً لسقف الغرفة هرباً من النور ومن فضولي.

وهكذا بقيت أنتظر كل ليلة صديقي العنكبوت ليطمئن الظلمة ويؤنس وحدتي.

أصبح صديقي العزيز دون أن يدري.

وهكذا أكثر ما يؤلمني بعد العودة من السفر. إزالة بيوت العنكبوت من الزوايا. ليس فقط لكم الجهد الذي تكبده بحياكة الخيوط الرقيقة وصنع بيته الهش.

ولأنه اطمأن وظن أنه مكانه أيضاً. ولكن لأنه صغير جداً ولن يؤذيني.

والأهم لأنه ظن أنني صديقة وشريكة بالسكن.

فلا تنتظر أن يعجب بهذا الزمان بك أحد، أو يعطيك فرصة لتضيء وتشع وتحقق أمانيك.

لا تنتظر من يقدر ويحترم موهبتك ويأخذ بيدك ويخبرك كم أنت مميز وذكي ورائع... ويمنحك الفرصة التي تحتاج وتنتظر.

لن يأتي من يمهد لك الطريق ويحقق أحلامك. بل عليك صنع الفرص بنفسك والسعي خلفها.

أنت أداة نفسك لا الآخرين.

لكن هناك من يقول: لا أعرف تسويق نفسي، أحب أن تتحدث أعمالي وإنجازاتي عني، ولا أحبذ الكتابة عن خططي ومشاريعي أو الحديث عما أفعله حتى يكتمل، ليس فقط، لأن الناس يفسدون كل شيء، لكن لأن النفائس مكانها داخل الأدراج والخزانات.

وليس على قارعة الطريق.

همسة: النضوج هو إدراك أن بعد قضاء عمرك مصغياً وخاضعاً لرأي وأحكام الآخرين، كان يجب أن تكون حراً، سيد نفسك؛

كان يجدر أن تتكلم أنت.