حزن لا يتوقف عن الأنين، وألم مفرط في وخزه، وإحساس موحش بالفقد... إنها المشاعر التي أصابت الأدباء والكتاب بعد سماعهم خبر رحيل الشاعر الكويتي علي السبتي، صاحب الإطلالة المبهجة، والتاريخ الشعري الكبير، وأحد رواد القصيدة الحديثة في الكويت، والقامة الأدبية العربية التي حقّقت مكانتها، جنباً إلى جنب مع شعراء كبار، إنه كان بحق «صديق الجميع»، بفضل طباعه الهادئة، وتواصله الجميل مع كل الأدباء العرب.

وحينما نتناول السبتي بالحديث، فإننا نركّز أشدّ التركيز على دوره المهم والبنّاء في رعاية الشباب المبدعين، تلك الرعاية التي بدأها في وقت مبكر من حياته، فلم تُغْره مكانته الشعرية في العالم العربي، من أن يكون قريباً كل القرب من أي مبدع واعد يريد أن يتأكد من أدواته الأدبية، سواء في إتقان اللغة أو استلهام الشعر من منظوره الصحيح، وقد شاهد وشَهِد عموم الأدباء في رابطة الأدباء تحلّق الأدباء الواعدين حوله من أجل الاستفادة من ملاحظاته القيّمة، التي كان يقولها وهو يراجع قصيدة أحدهم.

ولقد استمرت هذه العلاقة الأبوية بين الشاعر علي السبتي - رحمه الله - وتلاميذه من الواعدين، ولم تتوقف إلا بفعل المرض الذي ألمّ به وأقعده منزله.

ولا يمكن أن ينسى شباب ملتقى المبدعين الجدد، حضوره - رحمه الله - معظم أو أكثر جلساتهم التي كانوا يقيمونها أسبوعياً في رابطة الأدباء، وكيف أنه كان حريصاً على سماع إبداعاتهم سواء الشعرية أم القصصية، ومن ثم إبداء النصح والإرشاد، والتعامل مع منجزاتهم الأدبية على أساس أنها المستقبل الذي يجب أن تتوافر له مساحة كافية من الحرية والرعاية، من أجل استمراره، وتطويره.

والشاعر والكاتب والناقد علي السبتي رحمه الله ولد في الكويت عام 1936، وترأس تحرير مجلة (اليقظة) الكويتية لفترة طويلة.

وكان عضواً فاعلاً ونشطاً ومهماً في رابطة الأدباء، وعضواً في جمعية الصحافيين الكويتية، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في عام 2006.

وكان أحد رواد الشعر الحديث في الكويت، وقد كتب الشعر العمودي بأسلوب متميز، كما كتب الشعر الحديث «التفعيلة»، ولكنه لم ينجرف وراء لون أو أسلوب شعري محدد، فقد كان يكتب من منطلق ذائقته، وحسب ما تمليه عليه قريحته، من دون تصنّع أو افتعال.

ولقد ساهم - رحمه الله - بعطائه الشعري منذ بدايات الحركة الشعرية الحديثة في الكويت، كما كان له تجارب مميزة في كتابة القصص والمقالات الأدبية والاجتماعية.

ومن دواوينه الشعرية: (بيت من نجوم الصيف) ديوان شعر صدرت الطبعة الأولى منه عام 1969، والطبعة الثانية عام 1982·

و(أشعار في الهواء الطلق) صدر عام 1974، و(عادت الأشعار)، والكثير من الدراسات النقدية تناولت إبداعات السبتي منها كتاب (بين القديم والجديد) للدكتور إبراهيم عبدالرحمن محمد، وهو عبارة عن دراسة في الأدب والنقد 1987.

وكتاب (التيار التجديدي في الشعر الكويتي) للدكتور محمد حسن عبدالله، وهو دراسة في المضمون والشكل 1989.

وكتاب (الاغتراب في الشعر الكويتي) للدكتورة سعاد عبدالوهاب، وهو ضمن حوليات كلية الآداب - جامعة الكويت 1994.