بعد سريان قرار الهيئة العامة للقوى العاملة بحظر إصدار أذونات عمل الوافدين ممن بلغوا الـ60 عاماً وما فوق، لحملة شهادة مرحلة الثانوية العامة ومادون وما يعادلها من شهادات، اعتباراً من مطلع العام الجاري، عاودت الهيئة الإعلان عن العمل على تعديلات جديدة على ذلك القرار، تُراعي من خلالها أوضاع الكثير من المهنيين الذين ينطبق عليهم القرار، عبر تعديلات فنية.
وفيما كشفت مصادر متقاطعة أن التعديلات تتضمن بشكل أساسي فرض رسوم ثابتة على العامل المُراد تجديد إذن عمله بمبلغ يتراوح بين 1000 و2000 دينار عن السنة الواحدة، إضافة إلى إصدار وثيقة للتأمين الصحي بقيمة تقديرية بين 500 و1000 دينار، إلا أن القرار لم يتخذ بعد، ولم ترَ تلك التعديلات النور، على الرغم من نفاذ قرار حظر إصدار إذن العمل لتلك الفئة منذ مطلع العام الجاري.
وعلى مدار 5 أشهر من تطبيق القرار، فقد كل يوم منها أحد العاملين من تلك الفئة إقامته ومصدر رزقه، وفقدت شركات كثيرة كوادر ذات خبرة لا يوجد بديل لها، مما جعل القرار بمثابة صداع في رأس الكيانات الاقتصادية.
وعلى الرغم من إعلان نائب المدير العام للتطوير والتخطيط الإداري في الهيئة العامة للقوى العاملة إيمان الأنصاري، في 4 أبريل الماضي، أن التعديلات «سيتخذ القرار فيها خلال أسبوعين»، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن.
محمد رمضان لـ «الراي»:
- خبرات الوافد هي الفيصل... يجب أن يُستثنى إذا لم يتوافر بديل مناسب
- لا يمكن أن تخسر مؤسسة أحد كوادرها من ذوي الخبرة لمجرد بلوغه الـ60
-الأمر يتطلب إعادة النظر وفق منظور أشمل وأعم
قال الخبير الاقتصادي محمد رمضان إن العلاقة بين الوافد وتواجده داخل سوق العمل في الكويت يمكن توصيفها بالعلاقة العملية البحتة التي ترتكز على مفاهيم التكلفة التي يتكبدها صاحب العمل، والعائد الذي يحصل عليه من الوافد، والعكس صحيح.
وأضاف رمضان في تصريح لـ«الراي» أن عملية استقدام الوافد تهدف للاستفادة من خبراته في مهمة محددة يقوم بإنجازها، والفيصل هنا يكون دائماً في خبراته، فإذا بلغ سن الـ 60 بخبرات يطلبها صاحب العمل، ولا يتوافر بديل مناسب له وفقاً لحسابات التكلفة والعائد، يجب أن يُستثنى من ذلك القرار.
وأوضح أن قرار حظر أذونات عمل لمن بلغ الـ60 عاماً استند إلى معيار المؤهل العلمي، من دون الالتفات إلى الخبرات التي يتمتع بها الوافد ممن بلغ ذلك السن ومدى حاجة جهة العمل له والقيمة المضافة التي يشكلها للاقتصاد الوطني، وهو الأمر الذي يتطلب إعادة النظر وفق منظور أشمل وأعم ليحقق مصالح الكيانات الاقتصادية في البلاد، مهما كبر أو صغر حجمها، إذ إن الخبرات المهنية هي أساس العمل في تلك الأماكن، ولا يمكن أن تُترك لتتأثر بقرار استند على معايير لم تراعِ أبعاد القضية كافة، فلا يمكن أن تخسر مؤسسة اقتصادية قائمة أحد كوادرها المؤثرة من ذوي الخبرة لمجرد أنه بلغ الـ60 ولا يملك مؤهلاً محدداً.
وأشار رمضان إلى أن قضية تصنيف الأشخاص ممن بلغوا الـ60 عاماً ضمن فئة «عالي الخطورة» وفق الحسابات الاكتوارية لقطاع التأمين، يرفع من تكلفة الرعاية الصحية لهم، ولكن يمكن تخطي ذلك الأمر من خلال التوافق على إصدار وثائق تأمينية تكفل العلاج لهم بالقيمة العادلة التي تحقق التغطية المناسبة لتلك الفئة بما يخفض تكلفة الرعاية الصحية عن كاهل الدولة، وفي نفس الوقت لا يحرمها من الخبرات التي لا يتوافر لديها بدائل في السوق.
الصقر لـ «الراي»:
- الأجدى من القرار... البحث عن تجار الإقامات ممن يجلبون عمالة هامشية
- غير منضبط... لأنه أغفَلَ عنصر الخبرة واقتصر على معيارَيْ السن والمؤهل
رأى رئيس الجمعية الكويتية لمقومات حقوق الإنسان الدكتور يوسف الصقر، أن اتخاذ ذلك القرار ونفاذه استناداً إلى معياري السن والمؤهل العلمي فقط، يجعل تلك المعايير غير منضبطة، خصوصاً أن القرار أغفل عنصر الخبرة لدى تلك الفئة، وهو العامل الأهم والمؤثر في نجاح الكيانات القائمة.
وذكر الصقر، في تصريح لـ«الراي»، أن القرار بالصورة المعمول بها حالياً ليس له أي مبرر، إذ لا يشكل أي قيمة مضافة للاقتصاد المحلي، والأجدى منه هو البحث عن تجار الإقامات ممن يجلبون عمالة هامشية إلى البلاد.
واعتبر أن حظر أذونات العمل عن من بلغ الـ 60، «نزع من صاحب العمل صلاحية اتخاذ القرار المناسب أو قدرته على الاستعانة بمن يرى من ذوي الخبرة المهنية، إذ يجب أن يكون ذلك القرار في يد صاحب العمل فقط دون غيره، فهو من يستطيع أن يقرر مدى حاجة المؤسسة أو الكيان الاقتصادي القائم لخبرات الشخص الذي بلغ الـ60 عاماً، خصوصاً أنه من الصعب أن يكون من بلغ ذلك السن من العمالة الهامشية».
وأضاف أن «من يتواجد في البلاد في هذا العمر من المقيمين، غالباً يكونون من أصحاب العمل ولديهم شركات وكيانات قائمة تشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، أو من المهنيين الذين اكتسبوا الخبرة على مدار سنوات طويلة، وتواجدهم مطلوب وحيوي لنقل تلك الخبرات للأجيال الجديدة وإعادة تكييفها لتتلاءم مع مستجدات العصر».
مصدر أمني لـ «الراي»:
- استثناءات فقط للحالات الإنسانية والخاصة
- التحويل على الابن أو الابنة ممكن بشرط أن يكون راتب الذي يُراد التحويل عليه بين 1000 و2000 دينار
| كتب نايف كريم |
كشف مصدر أمني مطلع لـ«الراي» أنه لا يوجد حتى الآن قرار حاسم في شأن فئة الوافدين الذين تجاوزوا الـ60 عاماً، لجهة السماح لهم بالتحويل من قطاع إلى آخر أو التحاق بعائل.
وأوضح أن «من انتهت إقاماتهم من هذه الفئة لا توجد عليهم غرامات مالية أو عقوبات قانونية، وتم التمديد لهم حتى نهاية العام الجاري من جانب إنساني بسبب جائحة (كورونا) والظروف المرافقة لها».
وأضاف أن «التحويل لمن بلغ الـ60 عاماً على ابنه أو ابنته أو زوجته ممكن بشرط أن يكون راتب الذي يُراد التحويل عليه بين 1000 و2000 دينار أو يكون من أصحاب المناصب العالية»، مؤكداً أن الأشخاص الذين تسقط إقاماتهم من هذه الفئة ويوجد على ملفاتهم أفراد من أسرهم، يتوجب على هؤلاء إما مغادرة البلاد معهم وإما التحويل إلى القطاع الأهلي، كما أنه يُمنع تحويل كروت الزيارة إلى إقامة «منعاً باتاً».
وأشار المصدر إلى أن «هناك حالات يتم النظر في شأنها بعين الرحمة والإنسانية، لا سيما الذين لا تسمح الظروف الأمنية في بلدانهم بالعودة إليها، أو الذين لا يوجد لديهم في بلدهم أقارب من أفراد أسرتهم من الدرجة الأولى لرعايتهم».
88580 مشمولون بالقرار
تظهر الإحصاءات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية في ديسمبر 2020، أن هناك 119198 غير كويتي تتجاوز أعمارهم الـ60 عاماً في البلاد، من بينهم 88580 شخصاً (أي نحو 75 في المئة) مؤهلاتهم العملية أقل من الدبلوم، وبالتالي يشملهم القرار.
وتشير البيانات إلى أن 50245 منهم تتراوح أعمارهم بين 60 و64 عاماً، فيما الباقون البالغ عددهم 38335 شخصاً تتجاوز أعمارهم الـ64 عاماً.
3 معايير
أشار الصقر إلى أن متخذ قرار حظر أذونات العمل يجب أن يراعي في التعديلات معايير عدة تبتعد عن السن والمؤهل، أبرزها ثلاثة:
1 - مدى حاجة صاحب العمل لخبرات من بلغ الـ60 وليس لديه مؤهل أعلى من الثانوية.
2 - مدى توافر خبرات بديلة لصاحب العمل بنفس التكلفة أو أقل.
3 - وجود من بلغ الـ60 دون مؤهل ويديرون كيانات صغيرة تشكل في مجملها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
حلول كثيرة
أكد رمضان أن الحلول لتلك القضية سهلة وبسيطة، وتتمثل في تحمل صاحب العمل تكلفة بقاء العاملين ممن بلغوا تلك السن للاستفادة من خبراتهم حال رغبته في ذلك، عبر دفع رسوم ثابتة يتم تحديدها بسعر عادل، ناهيك عن تغطية تواجدهم صحياً عبر وثائق تأمين صحي تكفل لهم الحماية الصحية المطلوبة وفقاً للحالة الصحية، وبذلك تتحقق فائدة مزدوجة وهي استفادة الاقتصاد الوطني من تلك الخبرات التي تثري قطاعاته على اختلافها، من دون تحمل الدولة مخاطر ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية لهم.
ولخصت مصادر متقاطعة بعض الحلول البديلة للقرار، مقترحة مجموعة من الأفكار، أبرزها:
1 - فرض رسوم مرتفعة على هذه الشريحة.
2 - فرض رسوم علاج تزيد على المفروضة على الفئات الأخرى.
3 - منح هذه الفئة إقامة لا تزيد على سنة مع جواز تجديدها.
4 - منح أرباب العمل من المواطنين عدداً معيناً من الاستثناءات.
5 - تقسيم هذه الشريحة إلى فئات بحيث يتم التعامل مع كل منها بحسب حاجة السوق إليها ووضعها الاجتماعي.