ذكر بنك الكويت الوطني أنه بغض النظر عن حالة عدم اليقين إزاء الطلب على النفط على المدى القريب وزيادة إمدادات «أوبك» وحلفائها، تبدو مخاطر أسعار النفط مستقبلياً متوازنة إلى حد كبير، مع ميلها بشكل طفيف نحو الارتفاع.

وأفاد التقرير بأن وكالة الطاقة الدولية توقعت في تقريرها الصادر عن سوق النفط لشهر مارس، نمو الطلب على النفط هذا العام عند مستوى 5.46 مليون برميل يومياً، فيما يعد تحسناً ملحوظاً مقارنة بتراجع الطلب في 2020 بنحو 8.68 مليون برميل يومياً، مشيرة إلى أن معظم النمو المتوقع في الطلب خلال 2021 سيتحقق في النصف الثاني من العام، إذ من المرجح أن يصل الطلب إلى 99.2 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من 2021.

ونظراً لان توقعات وكالة الطاقة الدولية تستند على بيانات تقرير صندوق النقد الدولي لآفاق نمو الاقتصاد العالمي، والتي تم رفعها أخيراً، رجح التقرير رفع توقعات الوكالة لنمو الطلب في تقريرها المقبل، لافتاً إلى أنه رغم أن تحسن توقعات الطلب يمثل أنباء جيدة لـ«أوبك» وحلفائها، إلا أنه ما يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين على المنظمة القيام به لخفض مستويات المخزون العالمي إلى متوسط الخمس سنوات الماضية.

وبين التقرير أنه وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، ظلت المخزونات في يناير أعلى من المستوى المستهدف بمقدار 63.2 مليون برميل، إلا أنه رغم ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن العرض من خارج «أوبك» سيستغرق وقتاً أطول للتعافي، ما سيتيح فرصة لمنتجي «أوبك» لتلبية الطلب المتزايد، حيث يرجح أن يرتفع «الطلب على إنتاج (أوبك) إلى 29.3 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من 2021، وهو الأعلى منذ أكثر من عامين».

تراجع الأسعار

ولفت «الوطني» إلى تراجع أسعار النفط، بعد المكاسب المفاجئة التي حققتها عقب اجتماع «أوبك» وحلفائها الأسبوع الماضي، موضحاً أنها تتجه نحو الاستقرار في نمط يعتمد على حساسية الأسعار تجاه الطلب على النفط.

وأفاد «الوطني» بأن خام برنت المرجعي أنهى تداولات الأربعاء الماضي على ارتفاع طفيف، ليغلق عند مستوى 63.2 دولار للبرميل (+0.7 في المئة على أساس يومي و+21.9 في المئة منذ بداية العام)، كما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط بالقدر نفسه ليصل إلى 59.8 دولار للبرميل (+24.5 في المئة منذ بداية العام).

ونوه التقرير بأن منحنى العقود المستقبلية لمزيج خام برنت يشير إلى استمرار تقييد العرض على المدى القريب، مع ارتفاع أسعار العقود المستقبلية للتسليم القريب عن أسعار عقود التسليم في تاريخ أبعد (الميل إلى التراجع)، مضيفاً «نلحظ مساراً عرضياً للمنحنى إلى حد كبير منذ بداية شهر مارس، إذ يبدو العرض أكثر اتساقاً، في حين تقلصت التوقعات الخاصة بتسجيل الطلب لمعدلات نمو أقوى، كما انعكس ذلك أيضاً على تراجع صافي مراكز المضاربة»، أي الفرق بين عدد العقود «التي يتم الاحتفاظ بها» في ظل توقعات ارتفاع الأسعار و«البيع على المكشوف» التي تراهن على انخفاض الأسعار، والتي تراجعت من أعلى مستوياتها المسجلة في أواخر فبراير بنحو 348 ألف عقد لتصل إلى 289 ألفاً.

وبين التقرير أنه خلال الفترة الأخيرة، أثرت مخاوف الطلب على النفط على المدى القريب بشكل متزايد على معنويات السوق، خاصة بعد أن أعادت أوروبا والهند فرض القيود على التنقل لاحتواء تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن أداء الأسواق تحسن الثلاثاء الماضي على خلفية رفع صندوق النقد الدولي آفاق نمو الاقتصاد العالمي للعام الحالي من 5.5 إلى 6 في المئة، وساهمت توقعات وكالة الطاقة الأميركية في تعزيز زيادة استهلاك البنزين في الولايات المتحدة هذا الصيف، مع تزايد عدد المستهلكين من قائدي السيارات، ما دعم أداء الأسواق.

موقف حذر

ولفت «الوطني» إلى أن الموقف الحذر الذي اتخذه السوق كان أكثر انسجاماً مع الواقع الحالي غير المؤكد للطلب على النفط إلى حد ما، مشيراً إلى أن استجابة الأسواق بعد الإعلان عن زيادة إنتاج «أوبك» وحلفائها في 1 أبريل كانت مفاجئة، إذ ارتفع سعر مزيج خام برنت بأكثر من 2 في المئة مقارنة بأداء اليوم السابق، وكان قرار «أوبك» وحلفائها في حد ذاته مفاجئاً باعتبار أنه قبل يوم واحد فقط، بدا أن «أوبك» قد أقرت بحالة عدم اليقين تجاه الطلب على النفط عندما قامت بخفض توقعاتها الخاصة بالطلب على النفط لعام 2021 بنحو 300 ألف برميل يومياً إلى 5.6 مليون برميل يومياً، مع تركز تراجع الطلب بصفة خاصة في الربع الثاني من 2021.

وتابع التقرير «لذلك كان يمكن أن تتفاعل توقعات الأسواق الخاصة بقيام (أوبك) وحلفائها بتمديد تخفيضات الإنتاج لمدة شهر آخر على الأقل، حتى يونيو، وبدلاً من ذلك، ستزيد المنظمة كميات العرض، وإن كان بوتيرة تدريجية، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة»، مبيناً أن تخفيضات إنتاج «أوبك» وحلفائها ستتقلص بمقدار 350 ألف برميل يومياً في مايو، إضافة إلى زيادة 350 ألف برميل يومياً في يونيو و450 ألفاً في يوليو، كما ستوقف السعودية أيضاً خفضها الإضافي الطوعي البالغ نحو مليون برميل يومياً، بإضافة 250 ألف برميل يومياً في مايو، و350 ألفاً في يونيو و400 ألف في يوليو. ومع بداية شهر يوليو، سيزداد الإجمالي التراكمي لإمدادات «أوبك» وحلفائها بنحو 2.1 مليون برميل يومياً، لتصل إلى 36.34 مليون برميل يومياً، وهو سقف الإنتاج الذي كان من المفترض أن يتم الوصول إليه في يناير الماضي. وسيستمر هذا المستوى من الإنتاج حتى أبريل 2022 وفقاً للجدول الزمني الصادر في أبريل 2020، رغم أن «أوبك» وحلفاءها قد تتجه إما لإيقاف التخفيضات موقتاً أو تعميقها (بما لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً) في اجتماعها المقبل.

وأوضح «الوطني» أن قرار «أوبك» وحلفائها بتخفيف تخفيضات الإنتاج انعكس إيجابياً على الإمارات بصفة خاصة، إذ بدأ تداول العقود الآجلة لخام مربان الرئيسي الخاص بشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» (1.7 مليون برميل يومياً) في 30 مارس في بورصة أبوظبي للعقود الآجلة التي افتتحت حديثاً، وستحرص «أدنوك» على زيادة الكميات لتلبية الطلب.

«أباريق الشاي» متحمسة للنفط الإيراني

أشار تقرير «الوطني» إلى أن الأنباء الخاصة باقتراب بدء المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في شأن إمكانية العودة لتطبيق الاتفاق النووي الموقع في 2015 كان لها تأثير محدود على أسعار النفط، موضحاً أنه في تحدٍ بارز للعقوبات الأميركية، ظهر النفط الإيراني بالفعل على ساحة الإمدادات العالمية للنفط الخام، وكان العديد من شركات التكرير الصينية، وخاصة المصافي المستقلة «أباريق الشاي»، من المستوردين المتحمسين للخام الإيراني منخفض السعر، والذي أدى بشكل متزايد إلى استبداله بالإمدادات من المصادر التقليدية بما في ذلك أنغولا والنرويج والبرازيل.

وذكر التقرير أنه إذا أدت مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة إلى رفع العقوبات عن إيران، فمن المتوقع إضافة نحو 2.5 مليون برميل يومياً من صادرات النفط الخام الإيراني، وان كان من غير المرجح حدوث ذلك قبل 2022 على أقرب تقدير، إذ ان احراز تقدم سريع في المفاوضات، يعتبر من الأمور غير الواقعية نظراً لتباعد وجهات النظر ما بين الولايات المتحدة وإيران.