منزوعةٌ من كل قبح... يُحيطها الجمال والسحر... حاضنة لأسرار الطبيعة ونوادر الأعشاب والطيور والحيوانات المهددة بالانقراض... كل هذا وأكثر في قلب المنطقة منزوعة السلاح بين الكويت والعراق.
سالبة هي للألباب بجمال خلاب، وغزارة الغطاء النباتي، بما لايمت بصلة لواقعنا المتدهور بيئياً... تنأى بنفسها عن صخب «البقيات» والمخيمات والمخالفات وأكوام النفايات والصيد والرعي الجائرين... هنا تهنأ العين بنعم الطبيعة بذاك التنوع اللامتناهي من حيوان وطير وزهر ونبت، تجول في السهول والوديان براحة وهدوء، بعيداً عن إزعاج البشر، وبمجاورة الأعشاب النادرة، من العلندا والعرفج إلى الربلة.
خزان التنوع الطبيعي ذاك، يحتضن الأرانب والضباع والنمس والأفاعي، القطط البرية، والنيص والظرنبول والطيور من كل لون، ما يثري بشكل كبير حياة البلاد البرية، وتغدو المنطقة أقرب ما تكون إلى محمية طبيعية، من دون إعلان.
«الراي» رافقت فريق عدسة البيئة الكويتية، في زيارة المنطقة شمال البلاد، لتوثيق الحياة الفطرية، ورصد الحياة الطبيعية، في بقعة أضحت ملاذاً آمناً للطيور والحيوان والنبات، ولتقديم صورة مشجعة لحماية مناطق البر الأخرى من الانتهاكات والتعديات ولتصبح مناطقنا البرية منزوعة من التعديات البيئية، ومنع الانتهاكات في موطن التنوع والتكامل البيولوجي في البيئتين الحيوانية والنباتية.
منذ الدخول إلى بوابة المنطقة، تجد نفسك في مكان مغاير عن واقع البر والأراضي القاحلة المنهكة، نتيجة تجاوزات البشر وتعدياتهم.
يستقبلك الغطاء النباتي الوفير، وأسراب الطيور المعششة، وحيوانات ألفت الحياة هنا، واتخذت ملاذاً آمناً من الانقراض، وهي التي وضعت في «القوائم الحمراء» للأنواع الفطرية المهددة بالانقراض، وفق اتفاقية سايتس.
وتغطي النباتات البرية معظم مساحة المنطقة المنزوعة بشكل كبير، وتتكيف الحيوانات في البيئات الصحراوية من خلال حفر جحور أسفل الصخور، وبناء أعشاش لصغارها.
المنطقة منزوعة السلاح
1 - أنشأت الأمم المتحدة المنطقة المنزوعة السلاح، بعمق 5 كيلومترات داخل الكويت، و10 كيلومترات داخل العراق، على امتداد الحدود بعد تحرير الكويت 1991، وكلفت قوة دولية قوامها 1300 جندي مهمة مراقبة الأوضاع في الجانبين.
2 - تعدّ الهجمات على المناطق المنزوعة السلاح جرماً، ولا يجوز أن يحتلها أو يستخدمها أي طرف في النزاع لأغراض عسكرية.
جهود مُقدّرة لرجال «الداخلية»
يبذل رجال المراكز الحدودية البرية ونقاط المراقبة في وزارة الداخلية، من قيادات وضباط وأفراد في قطاع أمن الحدود، جهوداً كبيرة في تسهيل عمل الفرق البيئية للقيام بدورهم، وعلى رأسهم مدير إدارة الحدود الشمالية العقيد مجبل بن شوق. فلهم جزيل الشكر والامتنان على ما يقدمونه.
فريق العدسة نجوم البيئة
يبذل فرق عدسة البيئة الكويتية جهوداً كبيرة في توثيق الحياة البرية ورصدها بطريقة عملية إلى جانب إعداد التقارير المصورة عن طبيعة أرض الكويت براً وبحراً في جميع المناطق من دون كلل أو مملل بقيادة رئيس الفريق راشد الحجي والأعضاء المتميزين، الذي يقضون أوقاتاً طويلة في عملهم الشاق بشكل تطوعي ودون مقابل.
خنزير بري
رصد حرس الحدود الخنزير البري النادر في المنطقة المنزوعة في العام 2016 آتياً من بيئته في أهوار العراق، إذ إنه يتحرك في فصل الشتاء.
الكوبرا العربية «الكاذبة»
الكوبرا العربية الكاذبة من الحيات النهارية، أي أنها تنشط بالنهار فقط. وهي من الحيات التي إذا أحست بالخطر، تنفخ عنقها وتصبح كالكوبرا، حيث وثق الراصدان راشد الحجي وعودة البذالي حية تلتهم فراخ طائر الحمره في لحظة نادرة وحزينة.
وادي الباطن
من المدينة حتى الشقايا فيما تشغل الصحراء نحو 90 في المئة من أراضي الكويت، منها الكثبان الرملية، تمتاز المنطقة المنزوعة بتضاريس متنوعة، تقطع الكويت عدة أودية صحراوية جافة، من أشهرها وادي الباطن، وهو الحد الفاصل بين الحدود الكويتية - العراقية بمسافة 150 كلم، ويسير مع الحدود الغربية للكويت.
تحوي الأودية عدداً من «الحسو» وهي آبار ماء سطحية قليل العمق، ماؤها عذب، إلى جانب أنها امتداد لأشهر الأودية في الجزيرة العربية، وهو وادي الباطن الذي يعتبر أكبر الأودية من حيث الطول والاتساع وكثرة الفروع، يمتد من حرة اثنين شرق المدينة المنورة، مسيرة الشمال الشرقي، ويجتاز مدينة حفر الباطن من الوسط، ويتجه شرقاً إلى هضبة الدبدبة إلى الرقعي، ويمر إلى الشقايا شمالاً، ويطلق عليه الوادي الخفي، لاختفائه في صحراء الدهناء.