علمت «الراي» من مصادر مطلعة أن وزارة المالية طلبت من جهاز حماية المنافسة ووحدة تنظيم التأمين إعادة صياغة لوائحهما الإدارية ونظاميهما الوظيفي وتخفيض رواتب موظفيهما، بما ينسجم مع الحالة المالية للدولة ومقترحات تقنين وترشيد المصروفات وتنمية الإيرادات.
ضبط الهياكل
وفي هذا الخصوص عُلِم أنّ «المالية» أفادت في مخاطبات رسمية بأن الرواتب والمزايا التي أقرّتها «حماية المنافسة» و«وحدة التأمين» لا تتماشى مع سياسة مجلس الوزراء في ضبط الهياكل التنظيمية للجهات الحكومية، وقرارات مجلس الوزراء في هذا الشأن، وأنه يترتب عليها أعباء مالية إضافية على الميزانية العامة في ظل شح السيولة لدى صندوق الاحتياطي العام، وما تعانيه الميزانية العامة من ضغوطات.
ولفتت إلى أنّ زيادة المصروفات لـ«وحدة التأمين» ستنعكس بالتالي على نتائج أعمالها ومن ثم على المبالغ المحوّلة للخزانة العامة للدولة، مشيرة إلى أن مصروفات «حماية المنافسة» تُموّل بالكامل من الميزانية العامة.
ووصفت «المالية» نظام الرواتب المعتمد من مجلسي إدارة الجهتين بالمغالاة في تقدير الرواتب والمزايا الوظيفية، وأنه لا يتناسب مع البديل الإستراتيجي للرواتب والذي يهدف لتحقيق العدالة وإصلاح اختلالات الأجور بين موظفي الجهات الحكومية.
وأشارت إلى أن الرواتب والمزايا الاستثنائية التي أقرها مجلس إدارة «وحدة التأمين» و«حماية المنافسة» لن تساعد على تشجيع ودعم حديثي التخرج من الكويتيين للتوجه للقطاع الخاص، ويخالف توجه برنامج عمل الحكومة في شأن تنفيذ برنامج استدامة (مبادرة تحفيز توظيف العمالة الوطنية).
تضخيم الميزانية
وذكرت «المالية» أنّ سلم رواتب ومزايا «حماية المنافسة» و«وحدة التأمين» سيؤدي إلى مزيد من تفاوت الرواتب بين الجهات الحكومية، وكذلك الخشية من توجه بقية الجهات الحكومية إلى المطالبة بهذه المزايا المقررة، وبالتالي تضخيم ميزانية الرواتب في ظل الوضع الحالي للميزانية العامة للدولة، وشح السيولة لدى صندوق الاحتياطي العام، بما لا يتفق مع سياسة وقرارات مجلس الوزراء وتوجه المالية العامة في الوقت الراهن.
خارج المتبع
وأوضحت أنها لاحظت من خلال الاطلاع ودراسة اللوائح أن «حماية المنافسة» و«وحدة التأمين» استغلتا الاستثناءات الممنوحة لهما في صرف مزايا وظيفية ورواتب تفوق نظيراتهما من الجهات الحكومية، وبالخروج عن المتبع لدى ديوان الخدمة المدنية، والمقر من مجلس الخدمة المدنية للجهات المستقلة الأخرى.
ولفتت «المالية» إلى أن المزايا التي تم إقرارها لموظفي الجهتين تفوق بشكل كبير ما هو معتمد للجهات الحكومية، مثل مكافآت فرق العمل، ومكافآت اللجان، ومكافأة العمل الإضافي بما لا يجاوز 35 في المئة من الراتب السنوي للموظف في السنة المالية، منوهة إلى مكافآت استعانة ومكافآت الوظائف الإشرافية والأعمال الممتازة للموظفين بما لا يتجاوز القيمة الإجمالية عن قيمة 3 أشهر من الراتب الشامل.
وبيّنت الوزارة أن النظام الوظيفي لكل من «وحدة التأمين» و«حماية المنافسة» قد وحّد الامتيازات المالية للموظفين ولم يُفرّق بين العاملين بالوظائف التخصصية والوظائف المساندة لها، داعية مجلسي إدارة الجهتين لإعادة صياغة اللوائح والنظام الوظيفي لهما، بما يتماشى مع المتبع بالجهات الحكومية ومع توجهات مجلس الوزراء وبرنامج عمل الحكومة في هذا الشأن، أو العمل على إجراء تعديل تشريعي على قانون إنشاء الجهتين بما يؤدي إلى الخضوع لأحكام قانون ونظام الخدمة المدنية.
«الجهاز» عدّل رواتبه و«الوحدة» ستفاوض
كشفت مصادر ذات صلة أن مجلس إدارة «حماية المنافسة» اجتمع الخميس الماضي عقب تسلمه كتاب «المالية»، حيث أقر وقف هيكل الرواتب الذي اعتمده في وقت سابق تنفيذاً لتوجيهات الوزارة، فيما شكل لجنة محايدة من أساتذة في جامعة الكويت لمراجعة سلم رواتب موظفيه.
وبالنسبة لـ«وحدة التأمين» عُلِم أنها تسعى لعقد جولة مفاوضات مع «المالية» أملاً في اقناعها بأحقيتها في الزيادة المطلوبة بسلم رواتبها.
لكن المفارقة التي تظهرها مصادر لـ«الراي» أن «حماية المنافسة» سبق وحصل على موافقة «المالية» على سلم رواتبه الذي تعترض عليه حالياً، مبيّنة أنه في البداية توجه الجهاز بهيكله المقترح إلى الوزارة والتي طلبت إجراء تخفيض عليه بواقع 10 في المئة، وهذا ما حدث بالفعل.
ولفتت، إلى أنه تم رفع هيكل الرواتب الجديد بعد تعديله إلى «المالية»، والذي أقرته من ناحيتها ليتم بعد ذلك رفعه إلى مجلس الوزراء، والذي أقر الصيغة الجديدة، ومن ثم تمت إحالتها إلى لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة والتي أقرتها هي الأخرى.
وأوضحت أنّه وفقاً لهذا التسلسل يكون «حماية المنافسة» غير مخالف للتعليمات والأنظمة كما تدعي «المالية»، وأنه حصل أولاً على موافقة الوزارة على هيكله، مشيرة إلى أنه كان أحرى بـ«المالية» رفض المقترح منذ البداية، أو طلب تعديله وتخفيضه لمستويات أعلى من 10 في المئة، وهذا ما لم تفعله.