نعيش وسط حالة من الهرج والمرج في جميع المجالات، خصوصاً المجال السياسي، الذي يلقي بظلاله على كافة المجالات، وهي حالة مستمرة منذ سنوات وليست بجديدة، فإن لم تكن داخل قاعة عبدالله السالم، فإنها تكون في أروقة المجلس، وإن لم تكن في المجلس، تراها في الدوائر الحكومية، وإن لم تكن في أي من تلك الأماكن، تجدها في المجتمع ومواقع التواصل الاجتماعي والشارع!

فالكل يدّعي الإصلاح وينادي به، ويتكلّم عن نبذ الفساد ويطالب بمحاربته ما يجعلك تستغرب، إذاً من أين يأتي كل هذا الفساد، الذي لا يكاد يمضي أسبوع أو شهر لتجد نفسك أمام قضية فساد جديدة وإجراءات يشوبها عوار دستوري أو قانوني أو في اللوائح؟

وهنا لابد من الإشارة إلى جانب مشرق (نسبي) في إحالة بعض ملفات الفساد إلى الجهات الأمنية واتخاذ إجراءات تجاهها، وصدور أحكام في بعضها وإن كنّا نتمنى أن تكون أكثر ردعاً لحالات الفساد الأخرى، والقضايا المنظورة أمام النيابة والمحاكم!

وعودة إلى حالة الهرج والمرج، فإن الرهان يقع على وعي المواطن والمواطنة، في تمييز الغث من السمين، والحقيقة من الإشاعة، والدليل من التدليس، والشعارات من الأفعال، وكلمات الحق التي يراد بها باطل، بدلاً من ربط ذلك كله بشخص المدعي والمدعى عليه، كي لا يقع المجتمع فريسة للاصطفافات السياسية والصراعات وحروب الوكالة وركوب موجة ليس بموجته، أو ركوب الموجة الباطلة وخلق رموز وبطولات وهمية وتكييف الدستور والقانون واللوائح، بما يناسب هوى أطراف بدلاً من أن يناسب مصلحة الوطن.

فإما أن يتحمّل المجتمع مسؤوليته تجاه تصويب العمل السياسي تشريعياً ورقابياً وتنفيذياً بالخروج من جلباب الأطراف الأخرى فيفكّر ويعمل باستقلالية، وإمّا أن تبقى «الطاسة ضايعة».

فالمجتمع أصبح لا يرى نتيجة إيجابية ملموسة على واقعه ومستقبله سواء في وجود مجلس موالٍ أو مجلس معارض أو حكومة قديمة أو حكومة جديدة، ما دام النهج «بربسة»!