لا يجد الرئيس التنفيذي في بنك وربة شاهين حمد الغانم حَرَجاً في القول، إن إجراءات الحكومة للتحفيز الاقتصادي في مواجهة الجائحة لم تكن مناسبة لحجم أزمة بوزن «كورونا»، بل يعتبرها أقل من كافية مقارنة مع المحيط الخليجي والدولي.

ويقول «محلياً لم تكن هناك أي برامج لتحفيز الاقتصاد سوى تأجيل أقساط التمويلات، بخلاف تحركات العديد من دول العالم التي سارعت لإقرار حزم تنعش اقتصاداتها بقوة، وتنقذ الشركات المتضررة من أزمة أوجدت تعقيدات مالية غير تقليدية لجهة التأثير السلبي على جميع القطاعات الاقتصادية في وقت واحد».

ويلفت الغانم إلى أن أعضاء مجلس الأمة لا يفكرون إلّا في تحقيق مكتسبات شعبية، في حين أن الحكومة لا تفعل شيئاً سوى الدفاع عن نفسها، دون أن توضح وجهة نظرها وتدافع عن آرائها بخصوص العديد من القضايا التي تشغل الرأي العام على أكثر من صعيد.

وعند مغازلته بالحديث عن «كويت المستقبل» الذي يتمناه، لا يُخفي الغانم ابتسامته، بما تحمله هذه الابتسامة من شؤون وشجون، حيث يؤكد ضرورة أن تقدم الحكومة إستراتيجية واضحة لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية، على أن تكون مقنعة لجميع الأطراف ذات العلاقة وتكتسي وجاهة خاصة في تأكيد أهمية نتائجها للجميع.

ويشدّد الغانم على أنه ولخروج الكويت من مأزقها المالي الحالي، يتعيّن قيام الحكومة بهيكلة الميزانية العامة، والتخلص من الشحوم المالية غير المستحقة، والتخلي عن التوظيف العشوائي مع وقف كرمها مع موظفيها، والأهم إبداء جدية في القضاء على الفساد، علاوة على زيادة الاعتماد على القطاع الخاص، والعمل على تنويع مصادر الدخل مع تصحيح وضع التعليم الذي يعتبره سيئاً جداً.

وبالنسبة لبنك وربة ومستقبله، يقول الغانم «دخلنا 2021 ونحن أكثر اطمئناناً مقارنة بأوضاع البنوك في 2020، فمعدلات السيولة لدى البنك جيدة، وإن كانت غير مريحة لدى جميع المصارف مع زيادة سحوبات الأموال الحكومية الأخيرة، ويضيف «نطمح لزيادة حصص (وربة) السوقية في العام الجاري على مختلف الصعد، لا سيما وسط اعتماد خطط تشغيلية أكثر مرونة للبنك، وقدرة على استيعاب مخاطر تقلبات السوق والسيولة». وفي ما يلي نص المقابلة: برأيك ما الأولويات الاقتصادية التي يتعين على الحكومة تبنيها فوراً؟

- تقديم إستراتيجية واضحة لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية على أن تقنع جميع الأطراف ذات العلاقة بوجاهتها وأهميتها للجميع.

علاوة على ذلك، عليها أن تعيد هيكلة الميزانية العامة، والتخلص من الشحوم المالية غير المستحقة، والتخلي عن التوظيف العشوائي مع وقف كرم مزايا العمل الحكومي.

وكذلك يتعين معالجة مشاكل التركيبة السكانية بطريقة أكثر مهنية تراعي الحاجة الحقيقية من الكفاءات غير الكويتية، والأهم إبداء جدية في القضاء على الفساد مع تصحيح وضع التعليم السيئ جداً، وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص، والعمل على تنويع مصادر الدخل.

كيف تقيّم إجراءات الحكومة في معالجة مشاكل التركيبة السكانية؟ - عملياً لم تضع الحكومة أي خطة يمكن قراءتها بموضوعية ومهنية في هذا الخصوص سوى إعلانها عن نيتها تخفيض أعداد الوافدين، من خلال قلب النسب ليشكل مع ذلك الكويتيون 70 في المئة مقابل 30 في المئة وافدين.

ولا أُفشي سراً عندما أقول إن الجميع يعرف جيداً أن الاقتصادات التي تستهدف التنمية ومن ضمنها الكويت حسب البرامج المعلن استهدافها تحتاج إلى نسبة كبيرة من العمالة الوافدة، ما يصعّب الاستغناء عن العديد من الكفاءت بالعديد من الوظائف، خصوصاً وسط ضعف مخرجات التعليم المحلي، وعدم مقابلته لاحتياجات سوق العمل الحقيقية بمعدل يحقق الاكتفاء.

وبرأيي تكمن مشكلة التركيبة السكانية الأساسية في العمالة الهامشية التي لا نحتاج إليها، والتي تتكدس في العديد من المناطق مثل جليب الشيوخ وغيرها، ومن ثم يجب وضع حد لها، مع الأخذ بالاعتبار أن هناك وظائف لا يقبل بها الكويتي، في ظل رواتبها القليلة وتفضيله الانتظار للحصول على وظيفة حكومية حتى لو طال الوقت.

من هنا، يجب ضبط التركيبة السكانية وفق الشرائح المستهدف الاستغناء عنها لعدم الحاجة إليها، مع التحرك سريعاً للقضاء على تجارة الإقامات، حيث أسهم تجار الإقامات في تعميق المشكلة لأكثر من عقدين دون أن يلتفت إليهم أحد.

مع ضعف الإنفاق الاستثماري المقرر من الدولة، كيف سينمو القطاع الخاص وهو يعتمد على المشاريع الحكومية؟ - فكرة تخفيض الإنفاق صحيحة، لكن يتعين ألا يشمل ذلك المصروفات الاستثمارية التي يجب أن تتوسع لدعم الاقتصاد المتضرر من أزمة استثنائية.

وباعتبار أن الشركات تعتمد في استمرارية نمو أعمالها على الإنفاق الحكومي بشكل ملموس، سيحد تقليص التوسع الاستثماري للدولة من نمو القطاع الخاص، كما يؤثر على التصنيف الائتماني للدولة والذي انخفض أخيراً درجتين دفعة واحدة، ما شكّل صدمة اقتصادية كانت تستوجب التحرك فوراً لمعالجة المسببات التي أدت لذلك.

وسط المخاطر المتنامية في الأسواق أخيراً كيف يستطيع «وربة» اعتمار قبعتين واحدة للنمو والثانية للمخاطر في وقت واحد؟

- لا شك أن التركيز حالياً على المخاطر، بعد أن زادت بشكل كبير في العام الماضي مدفوعة بانتشار فيروس كورونا، إذ ارتفع وزنها بشكل أكبر من السنوات السابقة بسبب تداعيات الفيروس المستجد.

وتحركنا كإدارة تنفيذية في «وربة» بتوجيه من مجلس إدارة البنك على تعديل خططنا، حسب وضع السيولة والمتغيرات التي طرأت على الأعمال ووضع الاقتصاد في الدولة، مع دراسة مؤشرات النمو الحالية والمتوقعة.

وفي هذا الخصوص، يمكن القول إن البنك يعتمد إستراتيجية تعتمر قبعتي النمو والمخاطر، مع الميل إلى تحقيق الاستدامة، وتعزيز قدرات البنك ومصداته.

وأعتقد أن جميع البنوك مضطرة لتفضيل ارتداء قبعة المخاطر، أقله في الفترة القريبة المقبلة، وحتى ظهور مؤشرات إيجابية تدعو للتفاؤل والتحرك ائتمانياً واستثمارياً بوتيرة أوسع من التي تتبناها البنوك المحلية والعالمية منذ بداية أزمة كورونا.

هل ترى أن سعر تداول سهم «وربة» في البورصة حالياً عادلٌ؟

- من نافل الإشارة أن تقييم أداء السهم ليس من اختصاص الإدارة التنفيذية، لكن من الناحية الفنية أرى أن سهم «وربة» من الأسهم الجيدة، وأن دخول الأموال الأجنبية في الفترة الأخيرة، وتحديداً بعد الترقية، يجب أن يكون أعلى، بالقدر الذي يدفع لوجود نشاط أوسع بسوق الأسهم، خصوصاً في ظل توافر جميع العناصر المطلوبة لذلك.

ولا بد من التنويه إلى أن «وربة» يتمتع بمركز مالي ومتانة مالية كبيرين، إلى جانب كفاءته العالية في إدارة السيولة، وقد دخلنا 2021 ونحن أكثر اطمئناناً مقارنة بالأوضاع التي عايشناها، وتعرضت لها جميع البنوك المحلية في 2020.

مع استمرار المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في تقليص سيولتها، كيف تعوضون سحوباتها وألا يؤثر ذلك على جهود البنوك في إدارة سيولتها؟

- بنوك كويتية عديدة أصدرت سندات وصكوكاً، وذلك في مسعى منها لعتويض النقص الذي يمكن أن ينتج في مستويات سيولتها، مع التنويه إلى أننا في «وربة» أصدرنا صكوكاً بـ500 مليون دولار لمواجهة التحديات، وقد جاءت تحركات بهذا الشأن لمواجهة الضغوط التي طرأت مصرفياً بسبب خطط «التأمينات» الاستثمارية وغيرها من المستجدات التي دفعت البنوك المحلية لتعزيز رؤوس أموالها.

وأعتقد أن معدلات السيولة سواء لدى «وربة» أو جميع البنوك جيدة، لكنها غير مريحة، خصوصاً المصارف التي لا تتمتع بقاعدة واسعة من ودائع الأفراد.

وبالنسبة لـ«وربة» نطمح لزيادة حصص البنك السوقية في العام الجاري على مختلف الصعد، لا سيما وسط اعتماد خطط تشغيلية أكثر مرونة للبنك، وقدرة على استيعاب مخاطر تقلبات السوق والسيولة.

هل توجد لديكم أي خطط لإقرار استحواذات في 2021 أو حتى تخارجات؟

- لا توجد في خططنا الحالية أي عمليات استحواذ في الخارج أو تخارجات، وتحديداً في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية والمؤشرات العالمية التي نراقبها باستمرار.

معلوم أن «وربة» في 2020 لم يستخدم التسهيلات الرقابية المقررة بخصوص نسب السيولة، ماذا عن 2021؟

- أعتقد أن عدم استخدامنا لتسهيلات السيولة التي وفرها «المركزي» للبنوك في 2020، رغم حدة أزمة كورونا يؤكد الكفاءة المالية التي يتمتع بها «وربة»، ويدفع أكثر لترجيح عدم لجوئنا إلى هذه التسهيلات خلال 2021، خصوصاً في ظل تفاؤلنا بأوضاع السوق والقطاع المصرفي عموماً، وبقدراتنا على تلبية تطلعات الجهات الرقابية والعملاء والمستثمرين منا خصوصاً.

ما توقعاتكم لأرباح 2021؟

- كما أشرت سابقاً، دخل «وربة» العام الجاري أكثر اطمئناناً من العام الماضي، وما يعزز التكهنات الإيجابية في هذا الخصوص أننا استطعنا رغم كل التحديات التي فرضتها أزمة كورونا تحقيق أرباح عن العام الماضي بـ5 ملايين دينار، علاوة على بناء مستويات إضافية من المخصصات الاحترازية عن هذه الفترة.

وماذا عن توقعاتكم لمخصصات 2021؟

- لا أعتقد أنها ستكون أعلى من 2020، لأن غالبية البنوك وضعت مخصصات عالية لمواكبة أزمة كورونا في نهاية 2020.

بحكم ما لديكم من معلومات مصرفية كيف تقيّم وضع البنوك المحلية ومتانتها؟

- وفقاً للأرقام والبيانات، نلحظ أنه ورغم ضعف النمو الاقتصادي محلياً وخليجياً وعالمياً، المدفوع بالضغوط المزدوجة من انخفاض أسعار النفط وأزمة «كورونا»، والتي أضعفت حكماً مستويات التمويلات الممنوحة، وقللت من ربحية القطاع العام الماضي، إلا أن معدلات كفاية رؤوس أموال البنوك الكويتية ظلت مستقرة، مع تنامي التوقعات المتفائلة حول استمرارها في تحقيق الأرباح خلال 2021.

ومصرفياً يمكن القول إن بقاء معدلات كفاية رؤوس أموال البنوك الكويتية صلبة رغم ظروف التشغيل الضعيفة، يمنحها قدرة قوية على امتصاص الخسائر غير المتوقعة نتيجة الأزمة الحالية، مع الأخذ بالاعتبار أن البنوك الكويتية تمتلك مصدات دفاعية تعزز مراكزها المالية حتى في أسوأ التوقعات، ومن صور ذلك مستويات المخصصات الاحترازية الإضافية التي كونتها خلال السنوات الماضية عامة، وعن 2020 تحديداً، والتي تساعد على زيادة مرونة القطاع في استيعاب تقلبات الأسواق.

وبما لا يجافي الموضوعية أرى أن توجيهات بنك الكويت المركزي أدت إلى ترسيخ قوة البنوك المحلية، ورفعت قدراتها على مواجهة أزمة «كورونا»، بفضل مبادراته الاستبقيةة، وآخرها توجيهه البنوك بخصوص صياغة مستقبلها بإستراتيجيات طويلة الأجل، مع إلزامها بتأسيس وحدة، تكون معنية بمتابعة تنفيذ الإستراتيجية، المطلوبة من المصارف للمدى المتوسط (3 - 5 سنوات)، ويشمل ذلك الوقوف على تحقيق نسب التنفيذ والتطبيق المقررة في الخطة، مع تقييم الأداء المنجز، من خلال مؤشرات قياس الأداء وتحقيق الأهداف، وذلك بالتنسيق مع الرئيس التنفيذي للبنك وجهازه بالكامل.

محاسبياً، هل أثّرت الفائدة الرخيصة على عوائد البنوك؟

- لا يمكن تجاهل حقيقة تأثّر هوامش الربحية المصرفية بانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيض سعر الخصم لـ1.5 في المئة، ونتيجة لإعادة تسعير القروض تأثّرت إيرادات العوائد، لكن هذا التأثير بمستويات مقبولة، وأعتقد أن التأثير الحقيقي جاء مما تعانيه البيئة التشغيلية بكل الاقتصادات حول العالم من جراء تداعيات جائحة كورونا، وهو ما ازداد بالكويت ودول الخليج أخيراً، بسبب تذبذب أسعار النفط، ما أثّر على الأداء التشغيلي للقطاع المصرفي ونتائج أعماله.

هل أنت مع قانون الدَّين العام ولماذا؟

نعم - طبعاً، أنا مع إقرار قانون الدَّين العام، لا سيما عند النظر إلى مستوى الدين المتدني في الكويت مقارنة مع بقية الدول، حتى الخليجية، ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه ليس بالضرورة أن كل مديون يعاني من مشكلة، أو يعتبر متعثراً، بل إن الدين أحياناً يعتبر جزءاً من السياسة المالية للدولة وحلولها الناجعة.

وبحسب مؤشر قياس حجم الدَّين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، يبلغ الدَّين العام بالكويت من ناتجها المحلي الإجمالي نحو 14 في المئة، ما يصنفها ضمن أكثر مستويات الدَّين العام أماناً بين دول الخليج، ويجعل تقييمها في سوق الدين بمستوى متميز يساعدها في الحصول على تمويلات رخيصة، ما يشكل مالياً فرصة مناسبة حالياً لإقرار القانون.

وما يستحق الاشارة هنا إلى أنه في ظل غياب التفويض القانوني لإصدار دين، توشك موارد السيولة العامة المتاحة على النفاد، ما يشكّل مخاطر كبرى على البلاد رغم القوة المالية الاستثنائية للكويت.

هل أنت مع مدينة الحرير ولماذا؟

بشروط - أنا مع مدينة الحرير ولكن بشروط، ليس أقلها اتضاح الصورة أكثر ووجود بيانات كافية يمكن من خلالها تقدير المشروع لجهة الرؤية والاستثمار والعوائد، خصوصاً أن المشروع لا يزال حلماً لم توضع له حتى الآن تصورات ودراسات واقعية لتحقيقه على أرض الواقع.

ونؤكد هنا أنه لا بد من مراجعة كل رؤية جديدة، ومشروع جديد، بما يعكس قيمه وموارده ومردوده الاستثماري، ووضع التشريعات وتنفيذها خلال فترة زمنية محددة مسبقاً، وترجمتها إلى أرقام ومنافع حقيقية تساعد على جذب المستثمرين الأجانب، ووقتها لا يمكننا إلا أن نوافق على هذا المشروع وغيره من مشاريع التنمية الحقيقية.

ونشدد هنا على أن مدينة الحرير تحتاج تنظيمات مهمة لم نرَ منها على أرض الواقع شيئاً تحقق حتى اليوم، وهذا ما يعزّز مخاوف النواب والشارع وحتى المستثمرين من جدوى المشروع.

هل أنت مع السحب من صندوق الأجيال القادمة ولماذا؟

لا - أنا ضد هذا الإجراء جملة وتفصيلاً، وتزداد وجاهة أسباب ذلك عندي في ظل تمتع الكويت بإمكانات هائلة وقدرة على هيكلة سياساتها المالية ومعالجة مخاطر نفاد السيولة دون المس بأموال صندوق الأجيال القادمة، خصوصاً أن الوقت لم يحن بعد لاستخدام هذه الأصول.

وهنا يفترض على الجهات المعنية في الدولة العمل على إعادة هيكلة المالية العامة للدولة، وهيكلة وتقليص المصروفات العامة حتى بلوغ الرشاقة المالية المستهدفة، علاوة على التحرك سريعاً نحو العمل على التخلص من الفساد وغلق منابعه وتفتيت المستفيدين منه، ومن ثم ستنجح الدولة في وقف الهدر الكبير الذي يحصل في الجهات الحكومية، إضافة إلى هيكلة الدعومات وتوجيهها لمستحقيها فقط بخلاف المطبق حالياً، فعندما يُقدَّم معدل الدعم نفسه لجميع المواطنين أي بالمسطرة نفسها، بغض النظر عن مستواهم المعيشي يكون البرنامج المطبق حالياً مخالفاً لبدهيات العدالة المجتمعية.

هل أنت مع الخصخصة ولماذا؟

نعم - وأرى أن القطاع الخاص يعتبر الأنجع في إدارة المشاريع مقارنة مع الجهاز العام، والأدلة التي تعزز هذا الرأي واضحة على أكثر من صعيد، إلا أنه وللأسف لم تنجح الكويت بالخصخصة بكل أنواعها، بما في ذلك مشاريع الـ«B.O.T» والشراكة وغيرها، نظراً لوجود قوانين غير واضحة على عكس بقية الدول التي أقرت هذا الإجراء وآخرها السعودية التي فتحت طريق الخصخصة على 16 قطاعاً بأنظمة وبرنامج واضح.

وأعتقد أن غياب القوانين الناظمة محلياً لمشاريع الخصخصة يعود للتداخل غير الصحي بين السياسة والاقتصاد والذي تزايد في السنوات الأخيرة بشكل كبير.

هل يمكن أن تُفلس الكويت ولماذا؟

لا - لا تزال الكويت تتمتع بملاءة مالية عالية جداً، علاوة على اقتصاد، وثروات سيادية تنمو وتقدر بقيمة ضخمة نسبة إلى عدد سكانها، بجانب عوائد نفط مستمرة، ما يعزز التوقعات المتفائلة بأنه ورغم كل التحديات المالية البارزة لا يزال لدى الكويت فرصة لتنويع إيراداتها ومصادر دخلها.

ولذلك لا أعتقد أن الكويت ستُفلس على المدى القريب إلا إذا استمرت السياسات المالية على حالها، أما إذا أقرت الحكومة إعادة هيكلة مالية حقيقية، وتقدمت خطوات في محاربة الفساد ضمن رؤية واضحة، وخطط سنوية محددة، وبالتعاون بين مجلس الأمة والحكومة على مشاريع متفق عليها، فيكون إفلاس الكويت مستبعداً، مع التنويه إلى ضرورة تحرك الحكومة من الآن، لوضع خطط الإصلاح المطلوبة.

هل تؤيد فرض ضرائب على الأفراد والشركات ورفع الرسوم ولماذا؟

بشروط - الضريبة إجراء ضروري لتنمية الاقتصادات، ولقبول الإجراء نيابياً ومجتمعياً يجب أولاً إثبات جدية الحكومة في محاربة الفساد وإقرار رؤية لتحقيق النمو المستهدف حسب رؤية 2035، وبعد ذلك يمكن فرض ضريبة بنظام الشرائح على الأفراد والشركات، على أن يتواءم معدلها مع الدخل الشهري أو الأرباح أو عوائد الشركات.

ولإنجاح المشروع لابد من إقناع المواطنين بجدية البرامج وخطط الحكومة ونيل ثقتهم، وبالطبع لا يمكن حدوث ذلك وسط انتشار الفساد، ووجود مالية عامة منفلتة.

ومن هنا، فأنا مع أن فرض الضرائب ضروري على أن يكون ذلك في الوقت والاتجاه الصحيحين، وعلى المدى الطويل وليس مباشرة، خصوصاً أن لهذا الإجراء انعكاساته التي يمكن أن تؤثر سلباً على حركة الاقتصاد والمبيعات والإنفاق، وعلى طريقة المعيشة التي يعتمدها المواطن في الفترة الحالية إذا لم تراع النموذج المثالي في التطبيق وضمان العدالة للطبقة الفقيرة والمتوسطة، التي لا يتعين تحميلها كلفة هكذا إجراء.

هل ترى أن تركيبة مجلس الأمة والحكومة مترابطة لتحقيق الأهداف المطلوبة؟

لا - ويمكن القول إنه لم يتقدم أي من أعضاء المجلسين ببرنامج أو رؤية إصلاحية قابلة للتنفيذ، ونحن نرى أن مجلس الأمة لا يفكر سوى في تحقيق المكتسبات الشعبية، في حين أن الحكومة لا تفعل شيئاً سوى الدفاع عن نفسها دون إيضاح وجهة نظرها كما ينبغي والدفاع عن آرائها بالقضايا المطروحة على أكثر من صعيد.

هل تعتبر أن إجراءات الحكومة للتحفيز الاقتصادي كانت كافية في ظل أزمة كورونا؟

لا - بل وأقل من كافية مقارنة مع محيطنا الخليجي والدولي، وعملياً لم يُقدَّم محلياً تحفيز في الأزمة إن صحت التسمية سوى تأجيل أقساط التمويلات، لكن لم توضع أي برامج تحفيزية حقيقية متكاملة مثلما فعلت دول الخليج والعديد من دول العالم التي سارعت لإقرار حزم تحفيزية تنعش اقتصاداتها بالفعل، وتنقذ الشركات المتضررة من أزمة كورونا الاستثنائية، والتي أوجدت تعقيدات مالية صعبة وغير تقليدية لجهة التأثير السلبي على جميع القطاعات الاقتصادية.

هل ترى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنموذجها الحالي تستحق الدعم؟

نعم - دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يشكّل أهمية اقتصادية كبيرة، لا سيما أن تنمية هذا القطاع تسهم في توفير فرص عمل مختلفة للمواطنين، ومن ثم تخفف على القطاع الحكومي أعباء تنامي كلفة الرواتب والتي تجاوزت مع الدعوم نحو 71 في المئة من إجمالي مصاريف الميزانية.

ومحلياً هناك مشاريع عديدة أثبتت استحقاقها للدعم، بعد أن شجّعت المبادرين على التوجه نحو القطاع الخاص بالفترة الماضية، إلا أن سياسة الحكومة لجهة تغييرها شروط العمل في مؤسسات حكومية وتعديل رواتبها وإقرارها مزايا وكوادر خاصة، انعكست سلباً على موظفي القطاع الخاص، ما قاد إلى هجرة عكسية من موظفي الشركات، وخصوصاً إلى بعض الجهات الحكومية، أملاً في الحصول على الكوادر والمزايا التي زادت من وهج العمل الحكومي، وقللت من فرص القطاع الخاص نحو استقطاب المزيد من المواطنين، لا سيما الأكفاء.

هل تؤيد سياسة الحكومة في تعيين المواطنين أم ترى أن هذا الدور يتعيّن أن يقوم به القطاع الخاص بدعم حكومي؟

لا - أعتقد أن تلك السياسة خاطئة بكل المقاييس، فالحكومة تعاكس الحكومة، وتحديداً سياستها التي تبنتها منذ 20 عاماً، والتي استهدفت من خلالها تشجيع المواطنين على الانتقال والعمل لدى شركات القطاع الخاص، بمنحهم بمزايا إضافية عن العاملين بالحكومة، وتحديداً بما يعرف بدعم العمالة.

إلا أن شيئاً ما تغير، وعاكست الحكومة سياستها لتوظيف المواطنين وتشجيعهم للعمل بالقطاع الخاص، من خلال زيادة مزايا العمل في مؤسساتها، وإذا كان من غير الواضح أسباب هذا التحول، إلا أنه نتيجة لهذه التوجهات والتي تنامت في السنوات الأخيرة لا تفضل شريحة كبيرة من الخريجين العمل بالقطاع الخاص، مفضلة انتظار العمل الحكومي، فيما عادت شريحة أخرى سبق وانتقلت وظيفياً إلى الشركات، للجهات الحكومية السابقة، ما أثّر على جهود الحكومة في هذا الخصوص، وعلى خطط القطاع الخاص في استقطاب الكفاءات الوطنية المميزة، ورفع نسبة العمالة الوطنية، لا سيما في جهات القطاع الخاص التخصصية.

الكويت في ذيل القائمة خليجياً

يرى الغانم أن الكويت تتذيل القائمة الخليجية سواء لجهة الرؤية أو الاقتصاد، بعد أن فقدت كل مقومات تميزها تاريخياً. ويقول «للأسف، بسبب سياسة الحكومة وعدم قدرتها ونقص إمكاناتها في التواصل السليم مع الجميع، والتعامل بغموض في العديد من القضايا الاقتصادية المهمة فقدت الاتصال مع الجميع، فلا المواطن العادي يسمع منها، ولا رجال الأعمال قادرون على بناء رؤاهم، وما عزز ذلك عدم وجود قنوات تواصل فعالة لإيصال الرسائل التي تريدها الحكومة بحرفية».

ويضيف الغانم «إذا جاز لي القول فأنا أرى أن الحكومة لعبت في الفترة الماضية دور المحامي السيئ الذي يدافع عن أهم قضية، وهي إنقاذ الاقتصاد».

«وربة» يتقدم بثبات على طريق الأرباح التشغيلية

يقول الغانم، إن «وربة» نجح خلال العام الماضي بتحقيق أداء مالي جيد رغم التحديات التي فرضتها الأسواق، والتطورات الاقتصادية محلياً ودولياً.

ويبين أن الإدارة التنفيذية للبنك نفذت الخطط الموضوعة، من قبل مجلس الإدارة بكل حرفية، ومهنية بما عاد بالنهاية بالنفع على مساهمي البنك، ومودعيه، ولتؤكد أن «وربة» يتقدم بثبات على طريق التركيز على الأرباح التشغيلية، من الأنشطة المصرفية الرئيسية.

ويشير الغانم إلى أن «وربة» تمكن من الحفاظ على ميزة التنوع في مصادر الربحية، وفتح مجالات جديدة، ومنتجات مبتكرة، موضحاً أن تراجع الأرباح خلال 2020 يعود إلى الزيادة في مخصص انخفاض القيمة وخسائر الائتمان بمبلغ 26.73 مليون دينار مقارنة بعام 2019، والذي قابله زيادة في صافي ربح التشغيل بـ15.211 ألف.

وحقق «وربة» أرباحاً بقيمة 17.065 مليون دينار في الربع الرابع من 2020، مقابل 4.395 مليون للفترة نفسها من 2019، بارتفاع 288.3 في المئة.

كما ارتفع إجمالي إيرادات البنك التشغيلية في 2020 بنحو 31.8 في المئة؛ لتصل إلى 78.794 مليون دينار، مقابل 59.762 مليون في 2019.