«قطع الأعناق... ولا قطع الأرزاق»، تعليق كتبه، أول من أمس، الزميل في عالم الإعلام، والتاجر في العالم الرقمي الجديد عبدالوهاب العيسى، وهو يعرض عبر حسابه في منصة «إنستغرام» أحد مقاطع الفيديو التي انتشرت لأصحاب المشاريع المهددة بالإغلاق القسري من جديد، ومنعهم من الاستمرار في العمل في هذه الأجواء الصعبة التي يعملون فيها وهم بعد لم يتمكنوا من تجاوز المصاعب التي تكبدوها والخسائر التي سجلوها بعدما كانوا الضحية الأولى لشهور طويلة منعوا خلالها من العمل في الإغلاق السابق وامتد إغلاقهم لفترة أطول بكثير من غيرهم.

هذا التعليق، وإن كان الأخ عبدالوهاب العيسى قد وضعه عن الحالة الجديدة الماثلة أمامنا، أول من أمس، لشباب حاصرهم الألم وحاولوا إيصال صوتهم بكل الطرق السلمية والراقية إلى المسؤولين، إلا أن «عبدالوهاب»، وهو يتحدث عن الغير إنما كان أيضاً يعبّر من خلاله عما يختلج صدره من آلام، وكأنه يقول:

«إياك أعني والحديث لكِ يا جارة».

والملاحظ أن هذا التعليق جاء منه بعد يوم من تغريدة ملفتة جداً للنظر وتعبر عن حالة من اليأس والإحباط بلغها، حيث قال: «الكويت ما فيها كبير يصغر، ولا صغير يكبر».

ومثل هذا اليقين اليائس إذا بلغه الشباب النشطون، فهو مؤشر بالغ الخطورة ينبئ، إما بالركون إلى العمل الحكومي... أو هجرة الأعمال لمن يظنون أن الوضع العام في البلاد لن يسمح لهم بشكل أو بآخر بالنمو، وهو انطباع غير صحيح بإذن الله.

«عبدالوهاب» الذي أعرفه شاباً جاداً وطامحاً سجل قفزات تجارية كبيرة جداً في زمن قياسي عبر منصة «بوتيكات»، وبينما كانت الأعمال الأخرى تشكو من آثار جائحة «كورونا» كانت «بوتيكات» تنمو وبشكل سريع جداً مستفيدة من الجائحة بشكل عكسي، ولكن شاءت إرادة الله أن تقع هذه الشركة الصاعدة في شبهات غسيل الأموال التي لا نقبل اقترافها من أحد كبيراً كان أو صغيراً، وأصابها ما أصابها من قيود متوقعة، ولكنها عطلت هذا النمو وجعلته تراجعاً مخيفاً.

حقيقة، لا أملك أن أجزم ببراءة إنسان أو شركة في قضية ماثلة أمام النيابة والقضاء، فلا حق لي ولا لغيري في ذلك مهما سمعنا من «عبدالوهاب» عن ثقته بسلامة عمل الشركة وامتلاكها ملايين الوثائق التي تثبت كل عملية بيع وتوصيل لأي سلعة وتحويل لأي أموال، ولكن ما أعرفه أن الوقت الذي يمضي يضع الشركة على طريق الهاوية الآن، وإن ثبتت البراءة لاحقاً وسلامة الأعمال فهل سيتسنى للملّاك تدارك التردي ووقف الانهيار؟

لا نملك إلا أن نقول إننا نضع ثقتنا كلها في النيابة والقضاء، متمنين للزميل «عبدالوهاب» البراءة والنهوض من جديد، فهو قادر على ذلك بإرادته التي أعرفها، وبنباهته الذهنية التي شاهدنا نتائجها.

وفي النهاية، لـ«عبدالوهاب»، ولكل شابة وشاب يحاولون بناء أنفسهم، لا تيأسوا ولا تقنطوا من رحمة الله إن كنتم أبرياء، واعلموا أن الكويت كانت ومازالت وستظل «أرضاً فيها تطيب الإقامة»، ويمكن فيها للصغير أن يكبر... والشواهد كثيرة.