في العاصمة الأميركية، سباق بين التحالفات الدولية المتعددة... كل منها يسعى للفوز بقلب الرئيس جو بايدن ودعم إدارته وإقناعهما بأن الرؤية التي يقدمها هي الأكثر تطابقاً مع المصالح الأميركية. التحالف الذي كان رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، أشار إليه في خطاب قبل أسبوعين، وقال إنه يضم، إلى بعض الدول الخليجية وإسرائيل، الأردن ومصر وقبرص واليونان، نشط في الأيام الأخيرة في تقديم رؤية مبنية على أمرين: الأول التوصل لتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية خليجية وعربية، والثاني تعزيز قدرات هذا التحالف في مواجهة إيران وملفها النووي ونشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
ويأتي النشاط العربي - الإسرائيلي - الأميركي في وقت عقد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ندوة تحدث فيها كل من سفير الإمارات يوسف العتيبة، والباحث الفلسطيني سامر خوري، والباحثة الإسرائيلية فلور حسن نعوم، والخبير في المعهد المتخصص بعملية السلام ديفيد ماكوفسكي.
ومما قاله العتيبة إن «التطبيع مع إسرائيل يسير بشكل إيجابي»، وإن الإمارات تشهد «صفقات تجارية ثنائية قوية، وتجارة، واستثمارات ستزيد» بعد انحسار وباء فيروس كورونا.
وأضاف أنه عندما يزور (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو الإمارات «سيتم التطرق إلى التعاون في البحث، والاستثمار، والتجارة، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الأثر الاقتصادي للتطبيع، الذي حقق مستوى مشجع وغير متوقع من المشاركة بين الناس».
وكانت «غرفة دبي للتجارة والصناعة» أعلنت أن حجم التجارة بين البلدين بلغ 272 مليون دولار في الأشهر الخمسة الماضية التي تلت التطبيع.
بدوره لفت خوري الى «تقدم القيادة الفلسطينية في السن». وقال إن «من الضروري إعطاء فرص القيادة للأجيال الشابة»، وهذا ممكن مع الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في مايو المقبل.
وأضاف انه لا بد من فرض شروط على مشاركة حركة «حماس» في الانتخابات، مثل إعلان التزامها نصوص «ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تشمل الاعتراف بإسرائيل، ومنع الإرهاب».
أما نعوم فأشارت الى أن الفلسطينيين والعرب الإسرائيليين يفيدون من التطبيع، وأن القدس بدأت تتحول الى «جسر طبيعي مع دول خليجية، حيث إن 40 في المئة من سكانها من عرب، والتطبيع يفتح لهم آفاق الإفادة من السياحة الإسلامية في القدس الشرقية».
وتابعت: «يتم تطوير القدس حالياً لمبادرات السياحة والتجارة والتكنولوجيا، ولدى القدس الشرقية القدرة لتصبح مركزاً للبحث والتطوير في الشرق الأوسط».
ماكوفسكي، من ناحيته، اعتبر أنه «إذا منعت إسرائيل النشاط الاستيطاني خارج الجدار الأمني في الضفة الغربية، يجب على واشنطن أن تنظر الى ذلك بإيجابية، اذ عليها أن تميز بين المستوطنات التي تتجاوز الجدار، ولا تتماشى مع نموذج الدولتين، والمستوطنات داخل الجدار، والتي تتوافق مع مبدأ حل الدولتين»، بالاقتران مع مبادلات في الأراضي بين الدولتين.
وأضاف الباحث الأميركي: «في مقابل التزام إسرائيل مبدأ تبادل الأراضي ووقف البناء خارج الجدار، قد يكون هناك من هو مستعد لاتخاذ خطوات نحو التطبيع».
وتابع أن«التوصل لاتفاق سياسي شامل مع الفلسطينيين غير ممكن اليوم، لذلك ستحتاج إدارة بايدن إلى التفكير والتصرف بشكل خلاق للحفاظ على حل الدولتين».
في سياق متصل، أصدر«مجلس الأطلسي» الأميركي، و«مركز سياسات الإمارات»، و«معهد دراسات الأمن القومي» الإسرائيلي، بياناً موجهاً إلى إدارة بايدن، حددت فيه أهم المحاور التي يجب أن تنصب عليها السياسة الخارجية.
ومما جاء في بيان مراكز الأبحاث، أن على الإدارة الأميركية «العمل على إعادة إحياء حل الدولتين الذي يؤسس الفصل السياسي والإقليمي والديموغرافي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
وأضاف البيان المشترك:«يجب أن تعمل إدارة بايدن على خلق مسار للمشاركة الديبلوماسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتقديم تأكيدات بأن أمن إسرائيل لن يتضرر من إقامة الدولة الفلسطينية، كما يجب على الولايات المتحدة استئناف مساعداتها الاقتصادية والإنسانية للفلسطينيين»، والتي كانت الإدارة السابقة أوقفتها.
كما دعا البيان الى«معالجة الأزمة في قطاع غزة، وإعادة القنصلية الأميركية الى القدس»الشرقية، أي التي يفترض أن تصبح عاصمة للفلسطينيين، وذلك الى جانب الحفاظ على موقع السفارة الأميركية الحالي في القدس الغربية، التي ستبقى في عهدة الإسرائيليين، بموجب أي تسوية.
وتابع البيان أن«على الدول العربية أن تساعد في دعم انخراط الفلسطينيين في عملية السلام سياسياً ومادياً»، وأن «على إسرائيل اتخاذ خطوات بناءة لتحسين ظروف السلام والحد من الأعمال التي تقوض التقدم بين الطرفين».
ودعا السلطة «إلى استئناف التعاون الأمني الكامل مع إسرائيل، وإنهاء السياسات التي تكافئ العنف ضد الإسرائيليين»، وشدد على أنه «يجب على جميع الأطراف العمل على معالجة التهديد الذي تشكله سيطرة حماس المستمرة على غزة».
كما دعا البيان العربي - الإسرائيلي - الأميركي المشترك، إدارة بايدن إلى «التشاور عن كثب مع حلفاء الشرق الأوسط في السعي للحد من طموحات إيران النووية وعدوانها الإقليمي، واستخلاص الدروس من المقاربات المتضاربة لإدارتي (باراك) أوباما و(دونالد) ترامب».
كذلك، تعتقد مراكز الأبحاث الثلاثة أن على واشنطن «إنشاء قناة رسمية لحوار متعدد الأطراف بين دول الخليج وإسرائيل»، ويمكن إضافة مصر والأردن، على أن يتركز الحوار حول «إيجاد طرق لتخفيف التهديدات الإيرانية، والتي تتضمن الملف النووي وأعمالها العدوانية في المنطقة وخارجها، والصواريخ البالستية، والعمليات السيبرانية، وحملات التضليل».
عبدالله بن زايد وبلينكن بحثا العلاقات الإستراتيجية
بحث وزير الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «العلاقات الإستراتيجية وقضايا المنطقة».
وذكر بيان نُشر أمس، على موقع الخارجية الإماراتية، أن الوزيرين بحثا في الاتصال الهاتفي «التعاون المشترك بين البلدين لمواجهة التهديدات الإقليمية والعمل معاً من أجل صون الأمن والاستقرار في المنطقة».