في يومه الأول وزيراً للخارجية، عقد أنتوني بلينكن مؤتمراً صحافياً في مبنى الوزارة، توقع فيه أن تكون طريق عودة إيران والولايات المتحدة الى الاتفاقية النووية طريقاً طويلة، وقال إن أولى أولوياته هي تأمين الإغاثة الإنسانية للأوضاع في اليمن، وهو ما تطلب إعادة النظر بقيام إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بوضع تنظيم الحوثيين على لائحة التنظيمات الإرهابية.
وعن مبيعات الأسلحة إلى بعض الدول الخليجية، وصف بلينكن خطوة «إعادة تقييم المبيعات»، بـ«المتعارف عليها»، وقال إنه «عند تسلم أي إدارة جديدة الحكم في واشنطن تقوم بمراجعة كل سياسات سابقاتها بما في ذلك مبيعات الأسلحة»، وأضاف أن الإدارة الجديدة «ستواصل العمل على الدفع قُدماً لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية».
ولفت الوزير الأميركي إلى أنه «بالنسبة لإيران، كان الرئيس جو بايدن واضحاً، إذا عادت إيران للالتزام بشكل كامل بالتزاماتها بموجب اتفاقية المبادئ المشتركة، فستقوم الولايات المتحدة بالشيء نفسه».
وفيما بدا استئنافاً للمفاوضات مع إيران من حيث انتهت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، من حيث البناء على الإيجابية التي يفترض أن تولّدها الاتفاقية النووية، قال بلينكن إن واشنطن ستستخدم العودة للاتفاقية، «بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا، للبناء عليها في اتجاه اتفاقية أقوى وأطول أمداً (تغطي) عدداً من الأمور الأخرى التي تثير مشاكل عميقة مع إيران».
على أن بلينكن بدا أنه يعتقد أن عودة إيران لاتزال بحاجة إلى بعض الوقت، من دون أن يقدم تفسيرات.
لكن السفير السابق مهندس العقوبات الأممية على إيران في زمن أوباما، دينيس روس، سبق أن أشار في مقالة في «واشنطن بوست» الى أن تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم الإيراني، والبحث عن الدول التي توافق على استيراد الفائض من اليورانيوم المخصب لإبقاء المخزون الإيراني متناسقاً مع نص الاتفاقية، هي «خطوات تحتاج لوقت لإتمامها».
في هذا السياق، رأى بلينكن أن العودة للاتفاقية مع إيران «ما تزال بعيدة»، وأن «إيران ما تزال غير ملتزمة، وسيتطلب الأمر بعض الوقت إن هي أرادت العودة الى التزاماتها، ثم يلزمنا وقت حتى نقيّم إذا ما كانت (إيران) تفي بالتزاماتها».
أما كيفية تطبيق العودة للاتفاقية في دنيا الواقع، قال الوزير الأميركي إنه «في حال عادت إيران الى التزامها بنود الاتفاقية، سنبني فريقاً قوياً من الخبراء، وسنشرك فيه عدداً كبيراً من وجهات النظر، ولن نتخذ قرارات بناء على تفكيرنا الجماعي (داخل الادارة) بل سنستمع للآراء المغايرة».
وعن أولى أولوياته، قال بلينكن إن هذه يتصدرها «مراجعة موضوع العقوبات على الحوثيين»، لافتاً إلى أن «الحوثيين ارتكبوا عدواناً كبيراً باجتياحهم صنعاء قبل سنوات، والسيطرة على البلاد، وشنهم هجمات ضد شركائنا في السعودية، وارتكابهم تجاوزات في حقوق الإنسان وأعمالا دموية أخرى، وخلقهم أوضاعاً وفراغاً سمح لبعض الفصائل المتطرفة أن تملأه».
وأضاف أن «أهم ما يمكننا القيام به هو تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية لشعب اليمن، والتأكد أن أي من الخطوات السياسية التي سنقوم بها (مثل تصنيف الحوثيين تنظيماً إرهابياً) لن تعرقل المجهود الإنساني».
وتابع بلينكن أن «الحوثيين يسيطرون على مناطق يعيش فيها 80 في المئة من الشعب اليمني، لذا أريد التأكد أن أي خطوة، بما في ذلك التصنيف، لن يؤثر على تقديم المعونات الإنسانية، خصوصاً إن كانت خطوة التصنيف لا تصب في سياساتنا وأهدافنا... هذه هي الأولوية عندي».
وعن «اتفاقية ابراهام» التي أفضت لتوقيع سلام بين إسرائيل، من جهة، وكل من الإمارات والبحرين، من جهة ثانية، قال الوزير الأميركي: «ندعم التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، ونأمل بالبناء على هذه الاتفاقية مستقبلاً».
ومن المتوقع أن تواصل الديبلوماسية الأميركية حثّها الدول العربية - التي لا تتمتع باتفاقيات سلام مع إسرائيل بعد - على عقد اتفاقيات على غرار ما فعلت الإمارات والبحرين والسودان، وإلى حد ما المغرب.
وتفادى بلينكن الإجابة إن كانت إدارة بايدن تعترف باعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، حسبما فعلت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وحول مبيعات الأسلحة إلى بعض الدول الخليجية وطلب الإدارة إجراء تقييم حول الصفقات التي ما تزال قيد الإتمام، قال بلينكن إن «هذا أمر معروف لدى بدء عهد أي إدارة، إذ تقوم بطلب مراجعة أي صفقات لاتزال قيد الاتمام للتأكد أن ما سيتم بيعه يتناسب مع إستراتيجيتنا وأهدافنا وسياستنا الخارجية».
وعن كيفية التعاطي مع روسيا، كرر بلينكن العناوين العريضة للمكالمة الهاتفية التي دارت بين بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقال: «أعربنا عن قلق على أمن السيد (المعارض اليكسي) نافالني، وموضوع حقوق الإنسان بشكل عام في روسيا».
وأعرب الوزير الأميركي عن عجبه عندما يرى «مدى الخوف لدى الحكومة الروسية من رجل واحد، أي السيد نافالني».
وأضاف: «نحن نقوم بمراجعة كل الأمور، بما في ذلك استخدام روسيا سلاحاً كيماوياً في محاولة اغتيال نافالني، وكذلك في موضوع إمكانية تقديم روسيا مكافآت مالية للأفغان الذين يقتلون قواتنا في أفغانستان، وطبعا ننظر في إمكانية تدخل روسيا في انتخاباتنا».
وختم بلينكن: «كل هذا تتم مراجعته، ولا يمكننا القول أين أصبحنا في المراجعة».
في سياق متصل، شنت دوائر معنية بالشأن الإيراني في واشنطن حملة لإقناع إدارة بايدن بجعل إفراج إيران عن كل الرهائن الغربيين المحتجزين لديها شرطاً للعودة للاتفاقية النووية، أو لاستئناف أي مفاوضات معها.
وفي صحيفة «واشنطن بوست»، كتب المسؤول السابق عن الملف الإيراني اليوت أبرامز ان «العديد من القضايا المتعلقة بإيران معقدة، لكن واحدة منها بسيطة للغاية، (وهي) احتجاز إيران الرهائن الأميركيين».
وأضاف: «يجب على إدارة بايدن تأمين الإفراج عن الرهائن، ولا ينبغي أن يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يجب أن تتخذ الإدارة إجراءات لوقف احتجاز رهائن من قبل النظام في طهران، ولا ينبغي رفع عقوبة واحدة عن إيران حتى يتم تحقيق ذلك».
وأشار إلى غربيين سبق أن اعتقلتهم إيران بتهم التجسس وأفرجت عنهم في وقت لاحق، وقال إن «كل هؤلاء أشاروا إلى أنه لم يتم إجراء أي تحقيقات معهم أثناء اعتقالهم، وهو ما يؤكد أنه لو كانت إيران فعلاً تعتقدهم جواسيس، لحاولت على الأقل استجاوبهم، ولكن موضوع اتهامهم بالجاسوسية مجرد عذر لأخذ رهائن والتفاوض عليهم مع حكوماتهم».