أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد إيراني، أن بلاده ترى المملكة العربية السعودية بلداً مهماً وكبيراً في المنطقة، وأن قادة طهران لم يكونوا يؤمنون بقطع العلاقات معها، وأنهم يرون «في إطار التعاون المشترك يمكن حل معظم المشاكل الثنائية والتغلب على معظم الأزمات الإقليمية.

وقال إيراني، في لقاء مع «الراي» إن بلاده أعربت مرات عن استعدادها لبدء المباحثات مع المملكة، في أي مكان وزمان وتحت أي عنوان بشكل مباشر أو غير مباشر، «وأبلغنا ذلك لإخواننا وقلنا إننا على استعداد لمناقشة أي اتهامات وبحث كل المواضيع الخلافية على طاولة المباحثات». ورأى أن مسيرة العلاقات الثنائية بين بلاده والكويت تمضي بمسارها الطبيعي، وتسير قُدماً نحو الأفضل من منطلق المزايا الجغرافية والوشائج التاريخية والشعبية بين شعبي البلدين. وعن مدى تفاؤله بالإدارة الأميركية الجديدة وإمكانية إحياء الاتفاق النووي مرة ثانية، قال إيراني إنهم متفائلون كون هذا الاتفاق كان مشتركاً، وضمنه قرار مجلس الأمن ذو الرقم 2231 الذي جاء حصيلة مفاوضات معقدة استغرقت 13 عاماً، مؤكداً حرص بلاده على الحفاظ على هذا الاتفاق. وأشار إلى أنه في حال عودة السلطات الجديدة في البيت الأبيض الى هذا الاتفاق، فإن إيران سوف تفي بكامل التزاماتها بالسرعة الممكنة، لافتا إلى ان هاجسهم الوحيد حالياً وهو يمثل قلق كل دول المنطقة أيضاً هي المغامرات التي يمارسها ترامب خلال أيامه الأخيرة في البيت الأبيض.

وفي ما يلي تفاصيل اللقاء: • كيف ترون مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل التعاون في ظل العهد الجديد؟

- مسيرة العلاقات الثنائية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة الكويت تمضي بمسارها الطبيعي، ولا شك أن الوضع السائد في العالم بعد ظهور وانتشار جائحة كورونا، قد أثر على كل المعادلات ومستويات التواصل بين الدول لكن لحسن الحظ ومن منطلق المزايا الجغرافية والوشائج التاريخية والشعبية ولأهمية تعزيز التعاون الإقليمي، فإن علاقاتنا الثنائية تمر بحال جيدة ومناسبة وتسير قُدماً نحو الأفضل حيث نجد الرسائل المتبادلة بين القيادات ومسؤولي البلدين متواصلة وبمناسبات مختلفة، وهناك أحياناً بعض اللقاءات والاتصالات مستمرة، كما كانت في السابق.

• بعد فوز بايدن في الرئاسة الأميركية، ما مدى تفاؤلكم في إحياء الاتفاقية النووية؟

- نحن متفائلون دوماً، وان الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية كان اتفاقاً مشتركاً ضمنه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231. فهذا الاتفاق هو حصيلة مفاوضات معقدة استغرقت 13 عاماً، أعقبها مباحثات ختامية مكثفة دامت 13 شهراً، ولذا فإن الجمهورية الإسلامية الايرانية حريصة على الحفاظ على هذا الاتفاق، ومن الطبيعي أن تطالب بالعودة الى الوضع السابق. ونحن نرى أن السبيل الأمثل للسلطات الجديدة في البيت الأبيض هو العودة الى هذا الاتفاق، وفي هذه الحالة فإن ايران سوف تفي بكامل التزاماتها كذلك بالسرعة الممكنة، ان هاجسنا الوحيد حالياً وهو يمثل قلق كل دول المنطقة أيضاً وهي المغامرات التي يمارسها ترامب خلال أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، حيث من الممكن ان يحول دون أي انفراج وانفتاح في العلاقات مع الجمهورية الاسلامية بعد وصول السيد بايدن لسدة الرئاسة الأميركية من خلال مبادراته غير المدروسة والخطيرة.

• هل توافق إيران على مفاوضات جديدة لملء الفراغات المحتملة في الاتفاق السابق؟

- العودة الى الاتفاق النووي لا تحتاج الى مفاوضات وشروط مسبقة. ان السيد بايدن الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية كان ضمن فريق الرئيس اوباما، ويعلم كل تفاصيل المباحثات والاتفاق النووي، وان هذا الفريق قد وقَع الاتفاق ليس مع ايران فحسب، بل برفقة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، بالاضافة الى ألمانيا. ومن الطبيعي جداً ان تعود هذه الدول وتلتزم بتعهداتها.

ومن دواعي الأسف أن بعض دول المنطقة يشعرون بالقلق إزاء عودة بايدن للاتفاق النووي، وكانوا يأملون بنجاح سياسة أقصى الضغوط التي تبناها ترامب ضد الشعب الايراني لكن هذا لم يحدث. ونرى أن هزيمة ترامب في الانتخابات تعني فشل سياساته ولاسيما سياسة أقصى الضغوط.

والاتفاق النووي الذي شاركت فيه كل الدول الكبرى، يمكن أن يكون نموذجاً مناسباً لحل الكثير من الازمات في العالم الذي أصبح بأمس الحاجة لتوفير الهدوء والأمن لشعوبه بدلاً من المغامرات والتوترات.

• كلام يدور حول صحة الإمام خامنئي، فما مدى صحة ذلك؟

- الصحة العامة لسماحة السيد القائد جيدة وطبيعية، وفي كل فترة نسمع تداول إشاعات مغرضة ذات نوايا شخصية حول وضعه الصحي في الشبكات الاعلامية خارج إيران. واذ ننفي صحة الخبر الاخير نؤكد أن لقاءاته المتعددة والتي تنشر في الاعلام الايراني وخطاباته تبين عدم صحة تلك الأخبار المتداولة. على أي حال فإن أسلوب انتخاب القائد الجديد مذكور بوضوح في دستور الجمهورية الاسلامية (المادة 107 حتى 111) وليس هناك أي غموض في هذا المجال. فإحدى وظائف مجلس صيانة الدستور المكون من 88 ممثلاً، يتم انتخابهم مباشرة من قبل الشعب، هو انتخاب قائد الجمهورية حين تقتضى الضرورة لذلك.

• هل نجحت إيران في الحصول على اللقاح وكيف وضع «كورونا» في إيران حاليا؟

- الوضع العام لشيوع جائحة كورونا في إيران هو كسائر الدول في المنطقة. والعالم يمر بفترات ارتفاع وانخفاض، ومنذ بداية الأزمة أوائل العام الماضي، انتشرت الموجة الأولى من الوباء بشكل واسع، ثم انخفض خلال الموجة الثانية عدد المصابين والمتوفين، ولكن بعد انتهاء فصل الصيف، وبداية الخريف شهدنا وضعاً حاداً من جديد، وهو ما يسمى بالموجة الثالثة، وتبعتها ظروف معاناة صعبة للغاية لأبناء الشعب الإيراني.

وللأسف، وبسبب الحصار غير العادل واللاإنساني المفروض من قبل الولايات المتحدة الأميركية على الشعب الايراني، فقد واجهنا مشاكل في توفير وصول الأموال وحتى الأدوية اللازمة. ولكن بحمد الله، ومن خلال مثابرة وجهود المسؤولين وفرض الحظر الجزئي وتعاون الناس، تجاوزنا هذه المرحلة في الشهر الماضي، ولحسن الحظ فإن عدد المصابين والمتوفين قد انخفض بشكل كبير منذ حوالي شهر ويتواصل الانخفاض التدريجي.

• هل تسير حركة التبادل التجاري بين البلدين بشكل مطلوب؟

- على الرغم من الظروف الناجمة عن شيوع فيروس كورونا في بلدينا، فإن التبادل التجاري يمر بوضع جيد نسبياً، وبشكل عام فإن التعامل التجاري بين البلدين متواصل عن طريق البحر، وكذلك بعض الرحلات الجوية المحملة بالبضائع. ومن الطبيعي أن حجم التبادل التجاري قد انخفض مقارنة بالعام المنصرم حيث كانت الأمور تسير بشكل معتاد. وكما تقلص عدد الزوار والسياح الكويتيين والمواطنين الايرانيين المقيمين لكن بسبب جملة من المزايا كقرب المسافة وجودة البضاعة، والأسعار التنافسية والتي تعتبر عاملاً محفزاً للتجار وتعزز النشاط التجاري بين البلدين، وهو الامر الذي أدى لأن يستقر التعاون التجاري في وضع جيد نسبياً. والجمهورية الإسلامية الإيرانية طالما أعربت عن استعدادها لتلبية الاحتياجات العامة للشعب الكويتي مهما كانت الظروف وأكدت تعاونها لذلك.

• تنعقد القمة الخليجية في المملكة العربية السعودية غداً، كيف تنظرون إلى أجواء المصالحة الخليجية؟

- الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب بأي جهد يؤدي لرأب الصدع ولمّ الشمل وتوحيد الرؤى بين دول المنطقة. ولاشك أن جهود الكويت ولاسيما مبادرات الأمير الراحل ساهمت في إيجاد مناخ يجمع قادة مجلس التعاون، ومن ثم مبادرات سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وجهود وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر، كلها موضع تقدير وثناء، وتعبر عن النهج الاعتدالي الذي تتبناه الكويت لمعالجة قضايا ومشاكل المنطقة وخارجها.

ونحن في إيران نؤمن بأن أي جهد يبذل لإزالة الخلافات بين دول المنطقة سيساعد على تحقيق التآلف بغية تعزيز الأمن والاستقرار في ربوع المنطقة، وهذا الأمر يعود بالنفع للجميع.

• كيف تنظرون لما يحدث في اليمن؟

- إيران طالما دعت الأطراف المتخاصمة في اليمن للحوار والتفاوض المباشر، ولم تدخر جهداً في هذا السبيل، وهي ترحب بأي مبادرة تؤدي الى المصالحة بين الأشقاء. فالشعب اليمني يعيش في ظروف قاسية للغاية وكلنا يعلم بأن كارثة إنسانية كبرى وقعت في اليمن ولا تزال مستمرة.

• وما نظرتكم لمستقبل علاقاتكم مع دول المنطقة؟

- الجمهورية الإسلامية باعتبارها الجار الأكبر للدول المطلة على الخليج، تسعى لتكون لها أفضل العلاقات مع جيرانها على الضفة الجنوبية، وترى أن مصالحها ومنافعها ومصالح دول المنطقة تتحقق في حسن الجوار والتعايش السلمي، وتؤكد على تعزيز الأمن والاستقرار في ربوع المنطقة. والدليل على ذلك مشروع مبادرة هرمز التي قدّمها فخامة الرئيس الايراني الدكتور حسن روحاني في عام 2018، ولاقت ترحيب معظم دول المنطقة وخارجها.

وفي ما يتعلق بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية، فنحن منذ البداية لم نكن نؤمن بقطع العلاقات معها، حيث نعتبرها بلداً مهماً وكبيراً في المنطقة، ونرى أنه في إطار التعاون المشترك يمكن حل معظم المشاكل الثنائية والتغلب على معظم الأزمات الإقليمية، وقد أعربنا مرات عن استعدادنا لبدء المباحثات في أي مكان وزمان وتحت أي عنوان بشكل مباشر أو غير مباشر، وابلغنا ذلك لإخواننا وقلنا إننا على استعداد لمناقشة أي اتهامات وبحث كل المواضيع الخلافية على طاولة المباحثات.أما بالنسبة للعراق، فمستقبل العلاقات في ظل العهد الجديد طبيعي جدا، وقد زار رئيس الوزراء العراقي الكاظمي إيران وهناك اتصالات متواصلة بين قيادتي البلدين، كما يجب العلم ان العلاقات العراقية - الإيرانية لا ترتبط بالأشخاص، فهناك الكثير من الروابط التي تربط بين البلدين. ​

لقاح «كورونا» الإيراني سينجز في مارس المقبل

تحدث السفير محمد إيراني عن مراحل كشف «لقاح» كورونا في إيران، مبيناً أن هناك شركات صيدلانية مهمة عدة تتابع جهودها بجدية، حيث أنهت حالياً المرحلة الثالثة من الاختبار ومنذ منتصف ديسمبر الماضي باشرت الاختبار السريري المحدود. وذكر أن المسؤولين المعنيين يأملون إنجاز هذا اللقاح قبل نهاية العام الإيراني الحالي (أواسط مارس المقبل) وهو لقاح من انتاج محلي يحظى بدعم وإشراف منظمة الصحة العالمية، حيث يتم تقديمه لأبناء الشعب.

مقتل سليماني أكبر خدمة لـ «داعش»

قال إيراني ان «الشهيد قاسم سليماني أحد القادة الميدانيين الكبار والمحبوبين في حربه ضد إرهاب داعش، ولعب دوراً حاسماً في الحيلولة دون سقوط مدن عربية كبرى، ووقف وتصدى لبؤر داعش التكفيرية في ساحات عديدة في شمال ووسط العراق، وفي غرب وشرق سورية، وكان له دور مفصلي في استعادة هذه المناطق وتحريرها من يد قوى البغي والضلال، واغتيال هذا القائد الشهم بيد القوات الأميركية يعتبر أكبر خدمة لإرهابيي داعش، ولهذا نشهد اليوم بؤر هذا التيار الإرهابي تستعيد حياتها من جديد».

انتخابات الرئاسة الإيرانية

ذكر السفير إيراني ان الانتخابات الرئاسية في إيران تقام في شهر يونيو كل أربع سنوات، والدورة الثالثة عشرة لهذه الانتخابات من المقرر ان تجري في 27 المقبل، وهذه الانتخابات كما هي العشرات من الانتخابات السابقة تحظى بترحيب أبناء الشعب وبمشاركة واسعة من الناخبين الذين يتمتعون بشروط الانتخاب، وبحسب ما تتوقعه المصادر الداخلية ستكون المشاركة الشعبية واسعة كما كانت في السابق.

ومن الطبيعي أن المرشحين المتنافسين في السباق الرئاسي لم يتضحوا بعد ولكن يبدو ان كل التيارات السياسية الناشطة في الساحة الايرانية سوف تقدم مرشحيها لهذه المنافسة النزيهة.

على أميركا مغادرة المنطقة

أكد السفير أن على الأميركان أن يغادروا المنطقة عاجلاً أم آجلاً، فهذا مطلب شعوب المنطقة وما يريده الشعب العراقي. ومن وجهة نظرنا فان التواجد الأميركي سبب توتر وعدم استقرار منطقتنا، فكلنا شاهدنا الاعتداء الغاشم والجريمة النكراء في اغتيال الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس اللذين نعيش الذكرى السنوية لاستشهادهما هذه الأيام، واستوجبت الحزن والحداد في إيران والعراق، لكنها في الوقت نفسه زادت من التحام الشعبين.

الجالية الإيرانية من الأفضل ويحبون الكويت كبلدهم الأم

أكد السفير أن أبناء الجالية الايرانية، تحملوا ظروفاً صعبة نجمت عن وباء كورونا، وبعض من سافر منهم لم يتمكنوا من العودة الى الكويت خلال الأشهر الاولى، واضطروا الى السفر الى دولة أخرى والبقاء فيها 14 يوماً لكي يسمح لهم بدخول الكويت، والبعض منهم عادوا الى إيران بسبب الظروف المعيشية الصعبة.

وأضاف أنه كمحصلة عامة فإنهم منذ سنوات طوال يعيشون مع أبناء الشعب الكويتي الطيب وراضون بوجودهم في الكويت، وأنهم، وحسب اعتراف الكثير من السلطات الكويتية، من أفضل الجاليات وأكثرها هدوءاً والتزاماً بالقوانين، مقارنة بالجاليات الأجنبية الأخرى، ويحبون الكويت كبلادهم الأم.