مع بدء العد العكسي لحلول الـ 2021، يسود بيروت شعورٌ متناقض هو مزيجٌ من «التقاط الأنفاس» والفرح برحيل عامٍ كارثيّ ومن «حبْسِ الأنفاس» بإزاء «أسوأ السيناريوهات» التي حجزتْ «مَقاعد» لها على روزنامة السنة الجديدة وصفحاتها التي لن تُفتح على... بياض.

وفيما دَخَلَ لبنان «مزاج» نهاية العام وآخِر أيامه التي غالباً ما تكون في العالم فسحةً لـ «جردةٍ» بالإخفاقات والإنجازات على مدار 12 شهراً، برزت تغريدة انتقادية لاذعة من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش للطبقة السياسية، قال فيها إن «القادة السياسيين ينتظرون (الرئيس الأميركي المنتخب جو) بايدن.

لكن، هذا لبنان، وليس الولايات المتحدة».

وعلى وقع «دفْعِ» ملف تشكيل الحكومة الجديدة لِما بعد رأس السنة بفعل التدافع الخشن بين القوى السياسية الرئيسية، «بالأصالة أو النيابة» عن نفسها أو بعضها البعض، ملأتْ «التياراتُ المتعاكسة» في أكثر من عنوان المشهدَ الداخلي القابع في «فوهة» صراعات المنطقة ومنعطفاتها الكبرى التي تلوح في الأفق.

فـ«لبنان بالليل» الذي استعاد نبْضَه أخيراً بتحريره من قيود «كورونا» والذي لطالما شكّلت سهراتُه «ساحةَ التسليم والتسلم» بين سنةٍ راحلة وأخرى وليدة في مراسم تنصيبٍ لم تكن يوماً إلا صاخبةً ومدججة بـ «حب الحياة» الذي طبع شعباً صار مرادفاً لأسطورة طائر الفينيق، يبدو تائهاً بين تَفَلُّت بعض الحانات والملاهي والمطاعم (سُطر بحقها أكثر من 800 محضر ضبط) من ضوابط الوقاية وشروطها، وبين الحاجة لـ «التقاط» حبل النجاة (من الإقفال الحتمي) الذي توفّره ليلة رأس السنة رغم الإقبال الضعيف على فاعلياتها المحدودة أصلاً بفعل الأزمة المالية الخانقة ووطأتِها على اللبنانيين الذين لن ترقص غالبيتهم إلا «كالطير مذبوحاً من شدة الألمِ» الذي خفّف من وطأته موْضعياً مجيء نحو 120 ألف مغترب ومعهم جرعة دعْم الـ fresh dollar التي لجمت التحليق المُخيف للدولار (بقي بحدود 8350 ليرة).

ولا تختلف حال «لبنان وكورونا» في ضياعها الذي عبّر عنه التأخر المتمادي في إطلاق مسار التلقيح الذي «أقلع» في دول خليجية وأوروبية وأميركية ويسابق في «بلاد الأرز» دخولَ السلالة الجديدة المتحوّرة من «كوفيد - 19» جواً من بريطانيا وتَوالي التحذيرات من «انفجارٍ» وبائي بعد الأعياد وسط شحّ في عدد الأسرة ولا سيما في العناية الفائقة.

وعلى وهج هذه المخاوف خرج وزير الصحة حمد حسن، الذي كان أُعلن أنه سيوقّع أمس الاتفاق مع شركة «فايزر» لتزويد لبنان بلقاحها، من لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون، موضحاً أنه حصل على الإذن بالتفاوض مع «فايزر»لإبرام العقد، ولاحقاً سنأخذ بملاحظات هيئة التشريع والاستشارات لجهة إمكان إدخال تعديلات على العقد وإبرامه بالسرعة المطلوبة».

ولفت إلى «أن كمية اللقاحات التي تم حجزها هي بنسبة 15 في المئة من عدد القاطنين على الأرض اللبنانية أي نحو مليوني جرعة تغطي مليون مواطن. وقمنا بعقد سابقاً مع منصة كوفاكس لتغطية 20 في المئة من المجتمع اللبناني، ونحن نتكلّم على مليونين و800 ألف لقاح»، وواعداً بأن «الدولة ستقوم بتأمين اللقاح بعدالة وبصورة مجانية للطبقات والفئات المستهدفة وفق المعايير الطبية العالمية، مع الخصوصية اللبنانية».

وتَرافق ذلك مع تقارير (صحيفة «الجمهورية») عن أن عون قرّر الامتناع عن تلقّي اللقاح عند وصوله الى لبنان، مفضّلاً الاكتفاء بالتدابير الاحترازية التقليدية التي يتّخذها.

وبينما كانت الأبعاد الداخلية لتعقيدات الملف الحكومي تستقطب الاهتمام خصوصاً على خط الرئيس المكلف سعد الحريري - فريق عون، جاءت إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي وجّه سلسلة رسائل من بوابة المجاهرة بأن «حزب الله» بات يملك «ضعف كمية الصواريخ الدقيقة التي كان يملكها قبل عام»، وهي الرسائل التي رغم أنها حملت عنوان الردع مع إسرائيل إلا أنها اعتُبرت أيضاً في سياق «ربْط نزاع» مع إدارة بايدن وأي مفاوضات جديدة مع إيران.

وفي حين بدا نصرالله كأنه يتحدّث باسم «محور المقاومة الذي هو أقوى من أي وقت» والمعنيّ بالردّ على اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، عزّزت مجمل إطلالته اقتناع أوساط سياسية بأن الملف الحكومي هو رهينةُ المسار الخارجي وتحديداً انتظار تسلُّم بايدن الحُكْم.

وهذا الانطباع حضر في تغريدة انتقادية لكوبيتش، كتب فيها «الوضعان الاقتصادي والمالي والنظام المصرفي حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الأحداث الأمنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتزّ، أما القادة السياسيون فينتظرون بايدن. لكن، هذا لبنان، وليس الولايات المتحدة».