بعدما نال حقه كمقدم تلفزيوني من خلال العديد من البرامج واستقباله لكبار النجوم العرب، قرّر الإعلامي اللبناني محمد قيس أن يخوض تجربة جديدة هي التمثيل، متسلّحاً بشهادة جامعية وبنصّ جميل ومُنْتِجٍ آمن به ومُخْرِجٍ تربطه به علاقة صداقة وبثنائيةٍ مع فنانة محبوبة هي ماريتا الحلاني.
ويبدو قيس وكأنه خطّط لكل شيء، ويعرف إلى أين يريد الوصول في مجالٍ تكثر فيه المنافسة كما في مجال التقديم.
وفي حديث إلى «الراي»، أكد أن البرامج الفضائية والمثيرة للجدل التي تُقدَّم اليوم على الشاشات لا تعجبه، معتبراً «أن الظرف الذي نمرّ به حالياً يفرض تقديم برامج ترفيهية، ولكن هل نحن قادرون على تأمين الإنتاجات الضرورية، وهل المجتمع اللبناني قادر على تقبّلها أو الاستماع للمقابلات الفنية؟ هذا غير ممكن، ولذلك يفترض أن أكسر كل هذه الحواجز وأصل إلى برّ الأمان».
ويصف قيس نفسه بـ «القائد»، موضحاً أن مسيرته تؤكد ذلك وأنه لا يهتم إذا وُصف بالغرور لأن الصراحة أفضل من النفاق، مضيفاً أنه ليس عيباً أن يكون الناس مقسمين بين قادة وتابعين وإلا لن تسير الحياة.
• ما الأسباب التي دفعتْك للاتجاه نحو التمثيل في هذه المرحلة؟
- سأشارك في بطولة مسلسل بعنوان «الحي الشعبي» الذي لفتتْني قصته، ومن خلاله سأطلّ كثنائي مع ماريتا الحلاني. أما السبب الذي جعلني أخوض في هذا الوقت تجربة التمثيل، فيمكنني القول إنني سبق أن اعتذرتُ عن مجموعة من المشاريع التمثيلية، بسبب بعض الظروف التي حالت دون أن أقبل ببعضها، كما أن هناك عروضاً أخرى وجدتُ أن تركيبتها لم تكن مُناسِبة، ولكن هذه المرة كل شيء ملائم.
عروض التمثيل بدأت تصلني قبل سبعة أعوام، وكنت أرجئ الإقدام على التجربة بانتظار ما يُرْضيني. عادةً، نحن الشباب شكلنا يساعدنا أكثر في سن الثلاثين للعب بعض الأدوار، لأنه يوحي بالرجولة ويعطي صدقيةً أكثر. إلى ذلك، فإن دراستي الجامعية هي «Communication Arts» في جامعة LAU، وهذا الاختصاص فيه مواد خاصة بالإعلام والمسرح، وهذا يعني أنني لا أتعدى على المهنة، وأثق بالمجال الذي سأدخله.
• ولكن هل الدراسة تكفي للقول إن الموهبة موجودة؟
- لا، ولذا أعمل على هذه الناحية. وعندما قررتُ خوضَ التجربة تعاقدتُ مع بوب مكرزل ونحن نُجْري جلسات مكثفة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً، ونتحدّث عن تطور الشخصية وأعماقها. أما على المستوى الشخصي، فإنني سأستفيد من هذه التجربة التي هي نوع من إعادة تأهيل لما درستُه في الجامعة، لأن ما نتعلمه في الجامعة مختلف تماماً عن الممارسة عندما نقف في موقع التصوير. وعلى سبيل المثال، هل كل مَن درس الإعلام يمكنه أن يقدّم برنامجاً على الفور؟ من المؤكد أنه يحتاج لتدريبٍ، إلى أن يصل إلى مرحلة التقديم.
قراري لا علاقة له بعملي كمقدم برامج، والذي حققتُ من خلاله نجاحاً محلياً وعربياً، ولكن ما قبل «كورونا» ليس كما بعده، وما قبل 4 أغسطس ليس كما بعده، وأنا أرغب في خوض تجربة ثانية مختلفة، وأن أكسر الروتين.
بدأت على الهواء بسن صغيرة جداً، وكنتُ يومها في الـ17 من عمري، وخضتُ الكثير من التحديات عبر التنويع في البرامج التي قدّمتُها، ومن خلال تقديم أهمها. والظرف الذي نمرّ به حالياً يفرض تقديم برامج ترفيهية، ولكن هل نحن قادرون على تأمين الإنتاجات التي تحتاج إليها مثل هذه البرامج، وهل المجتمع اللبناني قادر على تقبّلها؟ هذا غير ممكن على الإطلاق، ولذلك يفترض أن أكسر كل هذه الحواجز وأن أصل إلى برّ الأمان.
• ولكن البرامج الترفيهية تبقى أخفّ وطأة من برامج الفضائح والبرامج المثيرة للجدل التي تعرضها الشاشات اللبنانية بهدف تحقيق نسب مشاهدة عالية؟
- هذه البرامج لا تستهويني لا من قريب ولا من بعيد. ومَن يقدمونها أحرار بأنفسهم، ولكنني لا أشبههم ولا هم يشبهونني. أما بالنسبة إليّ كمقدّم، فلا أشعر بأنني أستطيع أن أقدم برنامجاً ترفيهياً للناس، فأنا ابن بيئتي وأعرف ماذا يريد الناس، فهل يا ترى هم قادرون على الجلوس والاستماع إلى المقابلات الفنية؟ بالنسبة إليّ هم لا يستطيعون، وهل نحن مادياً قادرون على إنتاج برامج ألعاب؟ بالطبع نحن غير قادرين.
• على أي أساس اختارك المُنْتِج مروان حداد لبطولة العمل، هل لأنك شاب جميل مثلاً؟
- مروان حداد لم يقع اختياره عليّ اليوم، وهو عندما تعامل مع غيري من النجوم لم يفعل ذلك لأنهم يتمتعون بالجمال. سبق أن تحدثنا قبل أعوام عن إمكان تعاوننا، إلى أن وصلنا إلى مسلسل «الحي الشعبي» وتم التوافق عليه. وهو قال لي إن الدور يناسبني وسأقدمه بشكل جيد.
أظن أن الشاب في الثلاثين يلعب أدواراً أجمل من العشرين. عندما حققتُ نجاحي كمقدّم في العشرين لم يكن بالإمكان أن أبدأ في التمثيل. المقاربة عندي مختلفة، فأنا بدأتُ في التلفزيون كمقدّم في الـ17 من عمري، واكتسبتُ شهرتي في العشرين. ولم يكن بالإمكان أن أقبل وأنا في مثل هذه السنّ بدور ثان وثالث. وفي الوقت نفسه، لن أنتظر حتى أصبح في الـ40 والـ45 كي ألعب الأدوار نفسها، لذلك انتظرتُ الوقت المُناسِب كي أتمكن من إكمال ما بدأتُ به، مع الحرص على عدم خدش صورتي كمقدّم. الكل يحبّ أدوار البطولة، وأنا أيضاً. هناك أناس في الحياة خُلقوا كي يكونوا قادة وآخَرون كي يكونوا تابعين.
• وأنتَ ولدتَ كي تكون قائداً؟
- في طبيعة حياتي أنا قائد ولست تابِعاً، والتابعون مطلوبون أيضاً وإلا فإن الحياة لن تسير، لا يمكن أن نكون كلنا قادة.
• ولماذا تعتبر نفسك قائداً؟
- مسيرتي هي التي تتحدث عني، كيف بدأتُ وإلى أين وصلتُ وما حققتُه وقدمتُه. ولو أنني تابِعٌ لكنتُ جلستُ وانتظرتُ الفرص ولم أسع وراءها ولكنتُ بقيت في مكاني.
• ألا تعتقد أن مَن يقرأ هذا الكلام سيقول عنك مغروراً؟
- فليقولوا عني مغرور أفضل من أن يقولوا إنني منافق.
• هل لديك أحلام في التمثيل؟
- طبعاً. أنا لا أعمل بطريقة عبثية. أنا أخطط في حياتي، وإلى التخطيط هناك نقاط تَحَوُّل تسرّع الأمور. لكن كل شيء كان مرسوماً، كما كان معروفاً إلى أين أريد الوصول. وأكبر دليل على كلامي تأجيل كل العروض السابقة، والقبول بعرض «الحي الشعبي». الأحلام موجودة، ولكنني لن أتحدّث عنها. يجب أن أنهي تجربة المسلسل أولاً وأن ألمس التفاعل معي.