اعتبر مركز الشال للاستشارات الاقتصادية، أنه لم يعد بإمكان البلد شراء الوقت بفائض المالية العامة، إذ إن العجز الفعلي لموازنتها في السنة المالية السابقة بلغ نحو 3.9 مليار دينار، في حين أن العجز المتوقع للسنة المالية (2020 /2021) سيبلغ نحو ضعفي ونصف سابقتها، وسيبلغ في أفضل الأحوال نحو 10 مليارات دينار، أو نحو 26 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019، ونحو 6.5 في المئة من حجم احتياطي الأجيال القادمة.
وأوضح «الشال» في تقريره الاقتصادي الأسبوعي، أن عصر النفط إلى أفول، وإن استغرق عقدين أو 3 من الزمن، وأن المعدل السنوي لسعر برميل النفط على المدى المنظور، لن يتجاوز 60 دولاراً في أحسن الأحوال، وهو أدنى بنحو 30 في المئة عن سعر التعادل للموازنة وفقاً لحسابات وزارة المالية، بما يعنيه كل ذلك من فقدان لاستدامة المالية العامة.
وأضاف التقرير أن الاقتصاد أيضاً يعاني من خلل هيكلي بسيطرة القطاع العام، بمساهمته بنحو 70 في المئة من إجماليه، وأنه لا بأس في ذلك لو كان قطاعاً كفؤاً، ولكنه قطاع باهظ التكلفة هابط الإنتاج كماً ونوعاً، ويعتبر عاجزاً عن خلق فرص عمل مستدامة، ولذلك هو اقتصاد غير مستدام.
وأشار إلى أن القطاع يوظف نحو 81.5 في المئة من العمالة المواطنة ويدعم ما عداهم، أكثر من نصفهم بطالة مقنعة، معتبراً أنه ولكون الوظيفة العامة عالية المكافأة وقليلة المتطلبات، فلن يستطيع القطاعان العام والخاص بتكوينهما الحالي استيعاب القادمين إلى سوق العمل، أي أن ميزان العمالة غير مستدام.
ونوه بأنه إذا ما أضيف إلى ما تقدم متطلبات الثورة ضد الفساد، وثورة الإصلاح الجوهري للارتقاء بالتعليم، وجهد مخلص وجاد لتضييق فجوة الانقسام المرضي داخل المجتمع الصغير، مشدداً على أنه من دونها جميعاً لا أمل في مشروع إصـلاح، في حين تصبـح المتطلبـات مـن الإدارة العامـة الجديدة متطلبات غير مسبوقة ولا يمكن مواجهتها دون إدارة نظيفة ومتفوقة.
المالية العامة
توقف «الشال» عند تقرير المتابعة الشهري للإدارة المالية للدولة لغاية نهاية شهر سبتمبر 2020، والمنشور على موقع وزارة المالية الإلكتروني، لافتاً إلى أن العجز المقدر في الموازنة والبالغ نحو 14.052 مليار دينار، سيتراجع إلى ما بين 10 و12 مليار دينار، أي نحو 26 و31 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 وأعلى إذا ما احتسب على حجمه للعام 2020.
وأفاد التقرير أن جملة الإيرادات المحصلة حتى نهاية الشهر السادس من السنة المالية الحالية، بلغت نحو 4.552 مليار دينار، أو ما نسبته نحو 60.7 في المئة من جملة الإيرادات المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 7.503 مليار دينار.
وكشف أن الإيرادات النفطية الفعلية حتى 30 سبتمبر الماضي، بلغت نحو 3.886 مليار دينار، أي بما نسبته نحو 69 في المئة من الإيرادات النفطية المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 5.628 مليار دينار، وبما نسبته نحو 85.4 في المئة من جملة الإيرادات المحصلة.
وأوضح أن معدل سعر برميل النفط الكويتي بلغ نحو 34.7 دولار، خلال الأشهر الستة الأولى من السنة المالية الحالية (2020 /2021).
وأضاف أنه تم تحصيل ما قيمته نحو 665.552 مليون دينار كإيرادات غير نفطية خلال الفترة نفسها، وبمعدل شهري بلغ نحو 110.925 مليون دينار، بينما كان المقدر في الموازنة للسنة المالية الحالية بكاملها نحو 1.874 مليار دينار، أي أن المحقق إن استمر عند هذا المستوى، سيكون أدنى للسنة المالية الحالية بكاملها بنحو 543.241 مليون دينار عن ذلك المقدر.
وتابع أن اعتمادات المصروفات كانت قد قدرت بنحو 21.555 مليار دينار، وقد صرف فعلياً حتى 30 سبتمبر الماضي نحو 5.407 مليار دينار، في حين تم الالتزام بنحو 1.065 مليار دينار وباتت في حكم المصروف، لتصبح جملة المصروفات الفعلية وما في حكمها، نحو 6.473 مليار دينار، كاشفاً أن معدل الإنفاق الشهري سيرتفع كثيراً مع نهاية السنة المالية الحالية.
وأوضح أن المعدل الشهري للمصروفات بلغ نحو 1.079 مليار دينار، وأن النشرة تذهب إلى خلاصة مؤداها أن الموازنة في نهاية الشهر السادس من السنة المالية الحالية، سجلت عجزاً بلغ نحو 1.912 مليار دينار.
مؤشرات نقدية
توقف «الشال» عند النشرة الإحصائية الفصلية بين أبريل ويونيو الماضيين، المنشورة عبر موقع بنك الكويت المركزي الإنترنت، والتي تشير إلى أن الميزان التجاري حقق في الربع الثاني من 2020 فائضاً طفيفاً بلغ نحو 90 مليون دينار، بانخفاض 94.9 في المئة عن مستوى فائض الربع الأول من العام الحالي، مبيناً أن الانخفاض الشديد سيواكب نتائج ما تبقى من العام الحالي.
ولفت التقرير إلى أن قيمة صادرات الكويت السلعية في الربع الثاني من العام الحالي، بلغت نحو 1.979 مليار دينار، منها نحو 89.1 في المئة صادرات نفطية، بينما بلغت قيمة وارداتها السلعية من دون العسكرية نحو 1.889 مليار دينار.
وبيّن أن الكويت كانت قد حقّقت فائضاً في الربع الأول من العام الحالي، بلغ نحو 1.760 مليار دينار، أي أن الميزان التجاري حقق فائضاً في النصف الأول من العام الحالي بنحو 1.850 مليار دينار، وهو أدنى بنحو 63.4 في المئة عن الفائض المحقق في النصف الأول من 2019 والبالغ نحو 5.057 مليار دينار.
وتوقّع أن يحقق الميزان التجاري فائضاً متدنياً لكامل العام الحالي، في واحد من المؤشرات على انزلاق الاقتصاد إلى حافة الخطر.
وأشار التقرير إلى تسجيل أسعار المستهلك في الربع الثاني من العام الحالي، ارتفاعاً طفيفاً بلغت نسبته نحو 0.3 في المئة، إذ بلغ معدلها نحو 115.7 (سنة 2013=100)، مرتفعاً من معدل نحو 115.4 في الربع الأول من العام الحالي، عازياً ذلك إلى غلبة تأثير الارتفاع في أسعار السلع والخدمات المتنوعة من معدل نحو 110.9 إلى معدل نحو 113 بزيادة 1.9 في المئة.
وتشير النشرة إلى انخفاض المعدل الموزون للفائدة على الودائع، من نحو 1.876 في المئة بالربع الأول من 2020، إلى نحو 1.603 في المئة بالربع الثاني من العام الحالي، أي بنسبة انخفاض ربع سنوي بلغت نحو 14.6 في المئة.
ويأتي ذلك في وقت واصل المعدل الموزون للفائدة على القروض، انخفاضه من نحو 4.672 في المئة، إلى نحو 4.039 في المئة للفترة نفسها، أي بنسبة انخفاض ربع سنوي بلغت نحو 13.5 في المئة.
من جهة أخرى، بلغ حجم ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية نحو 37.749 مليار دينار، مرتفعاً من مستوى 35.897 مليار دينار في نهاية الربع الأول، أي بنسبة ارتفاع ربع سنوي بلغت نحو 5.2 في المئة.
ولفت التقرير إلى ارتفاع مطالب البنوك المحلية على القطاع الخاص إلى نحو 41.426 مليار دينار، من نحو 40.960 مليار دينار في نهاية الربع الأول، أي بنسبة ارتفاع ربع سنوي بلغت نحو 1.1 في المئة.
ورأى التقرير أن أهمية الإحصاءات والأرقام المنشورة تكمن في التفاوت في فائض الميزان التجاري بين ربعي السنة الأول والثاني، وأن الفائض وإن تحسن لما تبقى من العام نتيجة ارتفاع أسعار النفط، إلا أنه سيبقى أدنى وبعيداً عن فائض العام الفائت، في حين أن مستوياته الهابطة ستبقى في المستقبل.