لأن آفة الإدمان على المخدرات تشكل تهديداً لأي مجتمع، فمن المهم جداً التوعية بمخاطرها والتحذير من أضرارها.
ويستخدم أهل الاختصاص مصطلح «المخدرات الترفيهية» (recreational drugs) ليشيروا به إلى أي عقاقير أو مواد كيميائية لها تأثيرات نفسية وذهنية سواء كانت عقاقير يسمح بها القانون أو محظورة قانونياً، وهذا يعني أنها تشمل بعض المستحضرات الدوائية الصيدلانية التي ينبغي أن توصف بجرعات معينة كعلاجات تحت إشراف طبي.
حلقة اليوم تلقي نظرات توعوية على آفة المخدرات الترفيهية من 3 زوايا مختلفة، من بينها زاوية الأخلاقيات الطبية التي تتناولها طبيبة الأسنان الشابة تالة الرز...
ثلاث مراحل
بشكل عام، يتداعى تعاطي المخدرات عبر المراحل الثلاثة المتعاقبة التالية:
• المرحلة الترفيهية: تعاطي عقار صيدلاني أو مخدر من دون مبرر طبي ومن دون استشارة طبيب، ويكون هدف المتعاطي هو مجرد الاستمتاع بما لذلك العقار أو المخدر من تأثير نفسي وذهني، ويكون التعاطي دون انتظام والهدف من ورائه هو الاسترخاء أو تخفيف التوتر.
• المرحلة المزمنة: التعاطي من منطلق الدافع القهري مع عدم القدرة على كبح جماح الرغبة، وهذا يعرف بـ«الإدمان».
• مرحلة الانحراف: الإصرار بشكل قهري على مواصلة تعاطي العقاقير والمخدرات على الرغم من ظهور أضرارها الصحية والاجتماعية والسلوكية والقانونية الخطيرة، بما في ذلك اللجوء إلى ارتكاب جرائم من أجل الحصول على المال اللازم لشراء المخدرات.
بوابات إلى «المشنقة»
وفي ضوء هذا التقسيم المتعاقب، يمكننا أن نلاحظ أن كل مرحلة تشكل «بوابة» يمكن أن تؤدي إلى المرحلة التي بعدها إذا لم يتم تدارك الأمر، بمعني أن المرحلة الترفيهية قد تؤدي إلى التعاطي المزمن الذي من الممكن له أن يقود في نهاية المطاف إلى التعاطي المنحرف بما له من عواقب كارثية من بينها الوفاة.
ووفقاً لتقارير وإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن معدلات تعاطي المخدرات الترفيهية مستمرة في التصاعد على مستوى العالم، وخصوصاً بين شرائح المراهقين والشباب. وتشير تقارير في المجال ذاته إلى أنه غالبًا ما تكون الفترة الزمنية قصيرة نسبياً بين تعاطي المخدرات لأغراض ترفيهية وبين الوصول إلى مرحلة الإدمان عليها، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعقاقير المخدرة المحظورة قانوناً.
خمسة تصنيفات
وسواء كانت أدوية صيدلانية أو عقاقير محظورة قانوناً، فإن جميع المخدرات الترويحية تندرج تحت التصنيفات الخمسة العريضة التالية:
1. المنبهات التنشيطية (كالكوكايين والأمفيتامين والإيفيدرين)
2. المهدئات (كالهيرويين والباربيتورات والأفيونيات التي لا تستلزم وصفة طبية)
3. المهلوسات (كالكريستال ميث (الشبو)، والكيتامين، والماريجوانا)
4. المذيبات العضوية الطيارة (كالإيثانول، ومخففات الطلاءات، ومذيبات الغراء)
5. معززات الأداء الرياضي (كالمنشطات، والأنسولين، وهورمون النمو)
عوامل الاختطار
وفي ضوء الأضرار التي تصيب صحة المتعاطي البدنية والنفسية (طالع الإنفوغرافيك المعنون: «10 مخدرات شيطاينة...»)، فإن عوامل الاختطار المؤدية إلى تلك الأضرار تشمل التالي:
• الحساسية الفردية إزاء العقار المخدر، وما إذا كان هناك تفاعلات عكسية مع أمراض موجودة مسبقًا.
• التفاعلات العكسية المحتملة مع مركبات أخرى في الدواء أو مع أدوية أخرى يتعاطها الشخص.
• تعاطي جرعات زائدة.
• طريقة التعاطي، أي ما إذا كان العقار المخدر يؤخذ بالتدخين أو بالشم أو عبر مجرى الدم مباشرة.
• معدل تكرارية التعاطي.
علامات «الانحراف»
بما أن المرحلة الأخطر هي مرحلة التعاطي المنحرف، فإنه من المهم تسليط الضوء في التالي على الأعراض والعلامات التي تظهر على المتعاطي في تلك المرحلة:
• تغيرات في المظهر الجسدي مثل: فقدان الوزن، تسوس الأسنان، تقرحات الجلد.
• إهمال الاعتناء بالنظافة البدنية الشخصية.
• عدم الاهتمام بالأنشطة المهمة سابقًا.
• الانعزالية والتصرف في إطار من السرية.
• تبديد المال بوتيرة لا يمكن تبريرها.
• البدء في اللجوء إلى السرقة وارتكاب جرائم أخرى بهدف الحصول على المال.
• تدهور الأداء التعليمي والوظيفي.
• الإصابة بأمراض معدية (غالبًا ما يكون فيروس نقص المناعة البشرية).
• ظهور اضطرابات ذهنية وعقلية وسلوكية لم تكن موجودة في السابق.
• السلوكيات الأسرية العنيفة.
• النزعة الانتحارية.
العلاج وإعادة التأهيل
لأن الطريق المؤدية إلى «مشنقة» الإدمان على العقاقير المخدرة قد يبدأ بمجرد تعاطي أدوية من دون استشارة طبيب متخصص، فأفضل طريقة للوقاية هي عدم تناول أي عقاقير إلا تحت إشراف طبيب مع الالتزام الصارم بتعليماته المتعلقة بالجرعات وبمدة تعاطي الدواء.
لكن إذا انزلقت قدما أي شخص في مستنقع الإدمان على أي عقار مخدر، فعليه أن يلجأ منذ البداية إلى معالج متخصص ليصمم له برنامجاً علاجياً لإعادة تأهيله، وهو البرنامج الذي يصممه المعالج استناداً إلى الاعتبارات التالية:
• مدى استعداد ورغبة المدمن في تلقي العلاج التأهيلي.
• صنف المخدر المسبب للإدمان.
• الفترة التي مرت منذ بدأ الإدمان.
• مستوى الرعاية المناسب للحالة.
• ما إذا كان ينبغي أن يكون برنامج إعادة للمرضى من خلال عيادة داخلية أو خارجية.