دعا الاتحاد الاوروبي «جميع أصحاب المصلحة والقوى السياسية اللبنانية إلى دعم التأليف العاجل لحكومة مهمة تتمتع بالصدقية وخاضعة للمساءلة في لبنان قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة».

وجاء هذا الموقف في بيانٍ لمجلس الاتحاد الاوروبي وزّعتْه بعثة الاتحاد في بيروت وبدا بمثابة إحاطة شاملة بـ «العاصفة الكاملة» التي تضرب لبنان وأشبه بـ «أَوْرَبةٍ» للمبادرة الفرنسية التي كان أطلقها الرئيس ايمانويل ماكرون إبان زيارتيه لبلاد الأرز غداة «بيروتشيما» (وقع في 4 اغسطس) وفي مطلع سبتمبر الماضي.

وأتى البيان في نحو 1200 كلمة غلبتْ عليها صيغة «يجب» و«ينبغي» و«لا بد» في مخاطبة المسؤولين اللبنانيين مع تأكيد «مرجعية» الشعب اللبناني كمرتكز للدعم بعد «سماع صوته»، وذلك غداة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسيل والذي يفترض أن يكون ناقش الأزمة اللبنانية في ضوء أفكار ألمانية لاقت المبادرة الفرنسية التي بات واضحاً أنها صارت مبادرة أوروبية.

ولاحظ الاتحاد في بيانه «بقلق متزايد أن الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخطيرة التي ترسخت في لبنان قد استمرت في التفاقم خلال الأشهر الأخيرة. والشعب اللبناني هو أول من يعاني المصاعب المتزايدة التي تواجهها البلاد. ويدعو الاتحاد الأوروبي القيادة السياسية في لبنان إلى الإصغاء إلى الناس وهم يعبرون بوضوح عن طموحاتهم ومخاوفهم، وأن تأخذ مطالبهم على محمل الجد وتأخذ في اعتبارها رأيهم، وأن تنفذ الإصلاحات من دون المزيد من التأخير».

وأضاف البيان: «إلى جانب جائحة كوفيد-19، أدى التفجير الذي وقع في 4 اغسطس 2020 في مرفأ بيروت إلى تفاقم التحديات المتعددة التي كان يواجهها لبنان. ويقدم الاتحاد الأوروبي خالص تعازيه الى أسر الضحايا الكثر والمصابين في هذا التفجير المأسوي. ويحض الاتحاد الأوروبي السلطات اللبنانية على الوفاء بالتزامها بإجراء تحقيق غير منحاز ونزيه وشفاف ومستقل من دون مزيد من التأخير».

ورحب الاتحاد الأوروبي بـ «مبادرة المجتمع الدولي السريعة والملحوظة لدعم الشعب اللبناني في أعقاب تفجير 4 أغسطس. وقدم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بسرعة الجزء الأكبر من المساعدات في هذا الصدد. بالإضافة إلى ذلك، أجرى الاتحاد الأوروبي بالاشتراك مع البنك الدولي والأمم المتحدة تقويما سريعا للأضرار والحاجات».

وإذ أكد انه «يقف إلى جانب الشعب اللبناني، وسيستمر في تقديم الدعم لتحقيق التعافي الذي يتركز على الشعب»، رحّب بـ «مؤتمر دعم الشعب اللبناني الذي نظمته الأمم المتحدة وفرنسا في 2 الجاري، بمشاركة واسعة من المجتمع المدني والمؤسسات»، ودعا إلى تحقيق أقصى قدر من الكفاية والشفافية في إيصال المساعدة الدولية وتوفير المساعدة الإنسانية بطريقة مبدئية، معرباً عن «دعمه لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار من أجل إعادة إعمار لبنان أفضل، مسترشدا بمبادئ الشفافية، والشمولية، والمساءلة».

وتابع البيان: «لا بد أن يمهد هذا الدعم الطريق لتحقيق تعاف مستدام على نطاق أوسع. ففي سياق أشمل من التعافي الذي يتركز على الشعب، ستبقى المساعدات الملحوظة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لإعادة إعمار لبنان ديموقراطي وشفاف وشامل ومزدهر وقفا على التقدم الملموس في الإصلاحات الضرورية».

وأكد الاتحاد الاوروبي «الحاجة الملحة إلى قيام السلطات اللبنانية بتنفيذ الإصلاحات من أجل إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي وتهيئة الظروف التي ستجذب الدعم من المستثمرين». ودعا السلطات اللبنانية إلى تنفيذ التزاماتها السابقة، بما في ذلك تلك التي تم التعهد بها في إطار مؤتمر «سيدر- 2018»، والتي تحظى بدعم مجموعة الدعم الدولية للبنان وأعضاء المجتمع الدولي الآخرين». ودعاها ايضا إلى «التعجيل في تنفيذ الإصلاحات القائمة على الاتفاقات التي توصل إليها القادة السياسيون في لبنان بعد تفجير 4 اغسطس 2020 لحل الخلافات السياسية دعما للإصلاحات».

وأضاف: «يستتبع ذلك خصوصاً إجراء إصلاحات مجدية وعميقة اقتصادية وعلى صعيد الحوكمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وتحسين تقديم الخدمات العامة، ومعالجة مستويات الفقر المتزايدة، والحد من أوجه عدم المساواة، وجعل التمويل العام مستداماً، واستعادة صدقية القطاع المالي، وضمان استقلال القضاء، وضمان احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، ومكافحة الفساد وتلبية التطلعات المشروعة التي يعبر عنها الشعب اللبناني سلميا. وإن الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم الإصلاحات، ولكن لا بد للبنان أن يتولى بنفسه عملية الإصلاح».

وتابع: «لا بد من استئناف المحادثات الفاعلة مع صندوق النقد الدولي في أقرب وقت. وينبغي على وجه السرعة تنفيذ أولويات السياسة الرئيسية، مثل اعتماد قانون خاص بمراقبة رأس المال»كابيتال كونترول«، وإجراء تدقيق جنائي سريع وشامل لمصرف لبنان، واتخاذ تدابير لضمان استقرار القطاع المصرفي بشكل طارئ. ويتعين على لبنان أن يأخذ زمام المبادرة في ترتيب أولويات تدابير الحوكمة الرئيسية، بما في ذلك التنظيم الموثوق به لقطاع الكهرباء، وإنشاء هيئة لمنع الفساد، ووضع نظام ملائم للمشتريات العامة، وغير ذلك من التدابير التي تكفل إدخال تغييرات ملموسة وضمان الشفافية والمساءلة الكاملتين للشعب اللبناني».

وأردف: «ينبغي أن تكون عملية الاصلاح شاملة وأن تشرك النساء والشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص لاستعادة ثقة الشعب وأن تضمن احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية».

وأعلن الاتحاد الأوروبي انه «يقدم دعما كبيراً الى أكثر المجتمعات ضعفاً في لبنان، بما في ذلك دعم شبكات الأمان الاجتماعي، أثناء هذا الوقت من الأزمة، وانه يدعو لبنان إلى ضمان استدامة هذه الجهود الاستثنائية وحماية حقوق الإنسان، وتاليا تعزيز النظم الوطنية لتلبية الحاجات الأساسية للسكان».

وكرر الاتحاد «حض حكومة تصريف الأعمال الحالية على العمل بسرعة وبحسم ضمن حدودها الدستورية، ولكن من غير الممكن تنفيذ البرنامج الذي يحظى بالدعم المطلق من مجلس النواب والذي يتضمن التزامات الإصلاح الدقيقة والتي تتمتع بالصدقية والمحددة زمنياً، والتي تعالج الصعوبات التي يواجهها لبنان بالكامل إلا من خلال حكومة قادرة على العمل». ودعا «جميع أصحاب المصلحة والقوى السياسية اللبنانية إلى دعم التأليف العاجل لحكومة مهمة تتمتع بالصدقية وخاضعة للمساءلة في لبنان قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة. ويؤكد الاتحاد»أيضا ضرورة ضمان مشاركة النساء والشباب مشاركة مجدية وفاعلة في كل هذه العمليات".

وأكد ايضاً «ضرورة تعزيز المجتمع المدني اللبناني وإشراكه بالكامل في جميع عمليات صنع القرار ذات الصلة». وشدد الاتحاد على «أهمية القطاع الخاص في إعادة إعمار لبنان».

وأثنى على «الجهود الدؤوبة والجبارة التي يبذلها لبنان والشعب اللبناني لاستضافة أكثر من مليون لاجئ سوري إلى حين توافر ظروف عودتهم الآمنة والطوعية والكريمة بما يراعي معايير القانون الدولي السارية ومبدأ عدم الإعادة القسرية، وفقا للخلاصات السابقة للمجلس ولما ذكره الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي في 10 نوفمبر 2020».

وأعلن الاتحاد انه «يفي بالكامل، بما في ذلك من خلال الصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي للاستجابة للأزمة السورية، بالتعهدات التي قطعها في مؤتمرات بروكسيل في شأن»دعم مستقبل سوريا والمنطقة«، بما في ذلك دورته الرابعة التي عقدت في 30 يونيو 2020».

كما أثنى على «الدعم الذي يقدمه لبنان الى الاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك أولئك الذين فروا من سورية».

ورحب «ببدء المناقشات بين لبنان وإسرائيل في شأن ترسيم حدودهما البحرية التي تسهلها الولايات المتحدة ويستضيفها مكتب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان في مقر»اليونيفيل«، مشجعاً»الطرفين على إزالة العقبات وإحراز تقدم سريع في هذا الصدد مع مراعاة الانعكاسات الإيجابية التي ستترتب على نجاح الطرفين وعلى السلام والاستقرار في المنطقة".

وأكد الاتحاد «من جديد التزامه وحدة لبنان وسيادته واستقراره واستقلاله وسلامة أراضيه». وأكد ايضا «أهمية التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية كلها، بما يتفق مع إعلان بعبدا»، مشدداً على أهمية التزام لبنان المستمر بالتنفيذ الكامل لالتزاماته الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1559 و1680 و1701 و1757.

وأثنى على «دور القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل في صون السلام والاستقرار في جنوب لبنان»، مؤكداً «أهمية تعزيز القدرات التشغيلية للقوات المسلحة اللبنانية، وغيرها من مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، بصفتها الجهة الوحيدة التي توافر الاستقرار والنظام والأمن في البلاد، مع التزام القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان».

وبحسب البيان، فإن المجلس «وافق اليوم على الخلاصات في شأن لبنان، حيث يلاحظ بقلق متزايد الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخطيرة التي ترسخت في البلاد وتفاقمت من جراء جائحة كوفيد-19 وتفجير 4 اغسطس في مرفأ بيروت. وتؤكد هذه الخلاصات على الدعم القوي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي الى شعب لبنان في هذا المنعطف الحاسم».

ودعت الخلاصات «جميع أصحاب المصلحة والقوى السياسية اللبنانية إلى دعم التأليف العاجل لحكومة مهمة تتمتع بالصدقية وخاضعة للمساءلة في لبنان قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة».

وحددت «الإصلاحات اللازمة لمعالجة أزمة لبنان»، مشددة على أنه «لا بد أن تكون عملية الإصلاح شاملة وأن تشرك النساء والشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص من أجل استعادة ثقة الشعب اللبناني».

وأكدت الخلاصات أن الاتحاد الأوروبي «سيستمر في تقديم الدعم من أجل تعافي الشعب في لبنان. ولتحقيق هذه الغاية، أطلق الاتحاد الأوروبي، بالاشتراك مع الأمم المتحدة والبنك الدولي،»إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار«، من أجل»إعادة إعمار لبنان أفضل«مسترشدا بمبادئ الشفافية، والشمولية، والمساءلة».

وختم: «إلا أنه بالإضافة إلى التعافي الذي يركز على الشعب، ستبقى المساعدات الملحوظة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لإعادة إعمار لبنان ديموقراطي وشفاف وشامل ومزدهر وقفا على التقدم الملموس في الإصلاحات الضرورية».