أن تجد في المطار أو في أي مكان آخر بمختلف أنحاء الكويت، أفرعاً لشركات صرافة، يمكنك من خلالها تحويل أموالك، أو تصريفها إلى عملة أخرى فهذا دارج في إطار العادة، لكن أن تتيح البنوك المحلية هذه الخدمة عبر شركات صرافة مملوكة لها، فهذا من شأنه أن يُغيّر في قواعد اللعبة بين المصارف وشركات الصرافة.
وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر مصرفية أن هناك نقاشاً مصرفياً فُتح أخيراً، حول إمكانية استحواذ بنكي على شركات صرافة، مبينة أن بعض البنوك قام بالفعل بمغازلة كيانات «صرافة»، وأنها أعطت بعض الإشارات التي عكست من خلالها اهتمامها بالاستثمار في هذه القطاع.
ويوجد في الكويت أكثر من 400 مؤسسة صرافة تعمل غالبيتها بنظام الفرع الواحد، وتخضع لرقابة وزارة التجارة والصناعة، فيما هناك 40 شركة صرافة تحت رقابة بنك الكويت المركزي، والذي يشترط رأسمال يبلغ مليوني دينار لكل شركة.
مفاوضات مفتوحة
ولفتت المصادر إلى أنه في حال توافق البنوك المهتمة بالشراء مع ملاك شركات الصرافة إذا قرّروا البيع، سينتقل النقاش إلى المرحلة الثانية، حيث الدخول في مرحلة الفحص النافي للجهالة، منوهة إلى أن المفاوضات المفتوحة في هذا الخصوص لاتزال أولية، ولم يتفق أي طرف مع آخر على أي إجراء يعكس اتخاذ قرار محدد حتى الآن.
وشددت المصادر على أنه لم يتضح بعد شكل الاهتمام المصرفي بقطاع الصرافة بصورة نهائية، حيث كل الخيارات الاستثمارية مفتوحة بهذا الشأن، موضحة أن البنوك المهتمة قد تلجأ إلى الاستحواذ على شركات صرافة بشكل كامل أو جزئي، أو حتى القفز بالفكرة نفسها إلى افتتاح أفرع صرافة جديدة تنافس الكيانات القائمة.
ولعل ما يسهّل هضم فكرة استثمار البنوك بقطاع الصرافة تنافسها خارج قطاع خدماتها الأصيلة، من خلال تقديم أنشطة تشابه أعمال شركات الصرافة، وتمتعها بالإمكانات المناسبة لذلك، كما أنها تستطيع تحقيق التميز أو تحسين الخدمة، خصوصاً في ما يتعلق بالتحويلات التي تتم أصلاً عبر أنظمتها، أو تحويل عملة إلى أخرى.
تحرك مصرفي
وفسّرت مصادر مقربة هذه الخطوة، بأنه تحرك مصرفي جديد لتبني إستراتيجية تهدف إلى التواجد في قطاع الصرافة، لكن هذه المرة ليس من باب التعاون التقليدي، من خلال تخصيص حسابات لشركات الصرافة، لاستخدامها في عمليات الإيداع والسحب النقدي، بل عبر تنفيذ الاستثمار المباشر في هذا القطاع، والحصول على تراخيص خاصة للمصارف بمزاولة هذه الأعمال.
وبينت المصادر أن هناك سبباً رئيساً يحفّز البنوك على الاستثمار المباشر في قطاع الصرافة، فبخلاف نجاح التجربة في العديد من الأسواق، ومن ضمنها السعودية ومصر، هناك قناعة مصرفية بأن البنوك غير مستفيدة من تنفيذ تحويلات شركات الصرافة عبرها، سواءً لجهة العائد غير المجدي، والحاجة التشغيلية الكبيرة التي تقوم بها لتنفيذ هذه التحويلات.
وأوضحت، أن هذه الحالة دفعت بعض البنوك في الفترة الأخيرة إلى تقليص تعاملاتها مع شركات الصرافة، وإغلاق بعض حساباتها، رغم أنه تم الاتفاق في فترة سابقة على تحديد بنك رئيسي لكل شركة صرافة تتعامل معه في مسألة الإيداعات والسحوبات النقدية، لاسيما بعد تنامي شكاوى البنوك من إمكانية تعرضها لعمليات غسل أموال بسبب تعاملاتها غير المحددة مع شركات الصرافة بحساب رئيسي.
الوساطة المالية
وذكرت المصادر أن البنوك سبق وأن توسعت في قطاعات ذات صلة، عبر تأسيس شركات استثمارية، سجل بعضها بعض النجاحات، وكان بمثابة قيمة مضافة لأنشطة البنك الرئيس، فيما لم يحقق بعضها المستهدف منه لأسباب مختلفة، كما أنه معلوم توسع بعض المصارف نحو قطاع الوساطة المالية، حيث يوجد لدى 3 بنوك شركات وساطة مالية، ومن ثم يكون التوسع نحو قطاع الصرافة ضمن فكرة أوسع تعمل عليها البنوك لتكوين منظومة خدمية ترسّخ حضورها لدى عملائها بجميع قطاعات خدماتهم.
علاوة على ذلك، يتميز السوق المحلي بأنه واعد لجهة تحويلات الوافدين التي بلغت في 2019 نحو 4.4 مليار دينار، كما أن جزءاً من إنفاق الكويتيين على السفر، والذي بلغ نحو 3.7 مليار دينار في 2019، يتم عبر التحويلات، مع الأخذ بالاعتبار أن شريحة واسعة من المواطنين والشركات وأصحاب الأعمال، وخصوصاً الصغار، يفضلون التحويل عبر شركات الصرافة.
ويعتبر وجود شركات صرافة تابعة للبنوك خطوة جيدة تسهم بشكل مباشر في خلق قنوات أكثر بأسعار رسمية أمام العملاء، فضلاً عن دعمها لاستقرار أسعار الصرف بالسوق والقضاء نهائياً على ما يعرف بالسوق السوداء، لا سيما في ظل الخطوات الإصلاحية التي تتبناها الحكومة والبنك المركزي بالفترة الحالية.