إن السؤال المطروح عالمياً مع وصول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض، هو هل ستستطيع أن تحول وتغير جذرياً السياسة النفطية في الولايات المتحدة، والتركيز على الطاقة المتجدّدة والبدائل الطبيعية والصديقة للبيئة بدلاً من الوقود الأحفوري والتحول مثلاً عن النفط الصخري؟ ومن المؤكد أن الولايات المتحدة ستكمل مسارها في الاعتماد على مصادرها المحلية من الطاقة بكل أنواعها على النفط والغاز المحليين.
وستواصل أميركا مشوار الاكتفاء والاعتماد ذاتياً على مصادرها المحلية، بعدما نجحت في هذا المجال، إذ بلغ إجمالي انتاجها المحلي إلى أكثر من 13 مليون برميل في اليوم، لتكون أكبر دولة منتجة للنفط، وأصبحت لا تعتمد على نفوط دول الخليج.
ولن تتخلى الإدارة الجديدة عن هذا المركز المميز، وستحافظ عليه إلى الأبد حتى مع بعض التنازلات عن التوجه الكامل بالاعتماد على الطاقة النظيفة.
ولهذا السبب وفور إعلان نتائج الرئاسة الأميركية، ارتفعت قيم أسهم الشركات النفطية، وانخفضت قيم شركات الطاقة المتجددة، بسبب عدم حصول حزب الديموقراطيين على غالبية في مجلس الشيوخ، والذي سيحد من توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، وستواجه معارضة شديدة من أي تحول أو توقف في الاستثمار بالنفط الصخري.
ووعدت الإدارة الجديدة بصرف نحو تريليوني دولار لخلق وظائف جديدة، والتوجه نحو خفض معدل الكربون للحفاظ على البيئة مع تعديل وتنظيف وتصليح الأراضي التي دمرت من قبل شركات النفط والغاز، لتكون صالحة ومفيدة للبيئة، ومن ثم خلق وظائف مضافة، وفي بناء محطات لشحن السيارات والمركبات بالبطارية مع التحول عن السيارات التقليدية التي تعتمد على النفط مع نهاية 2035.
وسيؤدي هذا الأمر إلى نوع من التفاوض والتنازلات المختلفة، في سبيل تمرير قرار مقبول بين الطرفين على هذا المبلغ، مع الحفاظ على مواصلة والاستثمار في النفط الصخري وعلى بعض الأراضي الحكومية لبعض الوقت. ومن المؤكد أنه سيكون هناك اتفاق لصالح النفط الصخري والطاقة النظيفة البديلة، وستواصل الولايات المتحدة في الوقت نفسه وبقوة زيادة اعتمادها على الطاقات النظيفة، في حين أن البديل ليس بديلاً عن الأحفوري ولكن المساند له، إذ طالما أنها ستظل مكتفية ذاتياً فلن تتخلّى عنه.
قد لا نلاحظ أي تغيير جذري في سياسة الطاقة، ولكن من المؤكد أن التركيز سيكون على الطاقة النظيف والبديل عن الأحفوري، وعلى الإدارة الأميركية مراعاة أنها تلاقي معارضة قوية، وأنه عليها البحث عن التنازل مثلاً بعدم فرض ضرائب كبيرة على الشركات النفطية العملاقة ولا على طبقة الأغنياء.
وسيكون التحول سريعاً بالعودة إلى اتفاقية باريس لخفض معدلات التلوث، والعودة الي منظمة الصحة العالمية، وسيكون بطيئاً في الأمور المحلية الأكثر صعوبة، وسط الحاجة للتوافق والتنازلات المختلفة بين الطرفين.
* كاتب ومحلل نفطي مستقل
(naftikuwaiti@yahoo.com)