أعلنت شركة أرامكو السعودية الأسبوع الماضي، طرح سندات دولية من خلال مصارف دولية بالدولار، تتراوح مدتها ما بين 3 و50 سنة من دون تحديد قيمتها الإجمالية، التي قد تتجاوز 8 مليارات دولار.
ويأتي الغرض الأساسي من هذا الطرح، هو سداد أرباح مع نهاية هذا العام، إلى حملة أسهم «أرامكو» والبالغة 75 مليار دولار حسب بيان تعهد الشركة لمساهميها، وحاجتها أيضاً لسداد قيمة شرائها لحصة «سابك» السعودية للبتروكيماويات بنحو 70 مليار دولار.
ولا شك في أن السبب الرئيسي لدخول سوق السندات العالمية، هو انخفاض معدل الطلب العالمي على النفط، والانخفاض الحاد في سعر البرميل إلى ما دون 25 دولاراً في مارس الماضي، بسبب جائحة «كورونا» والتي أدت إلى انهيار الطلب على وقود الطائرات والسيارات، وتراجع الطلب بأكثر من 9 ملايين برميل في اليوم الواحد.
وهنا تواجه جميع الدول المنتجة والمصدرة للنفط المشكلة المالية نفسها بالطبع، مع عجز في التدفقات والسيولة المالية، كما تواجه الشركات النفطية العملاقة المشكلة نفسها مع خفض وخسائر وانخفاض الأرباح.
ونحن في الكويت نواجه المشكلة نفسها، بسبب الانخفاض الحاد في التدفقات المالية والعجز في الميزانية العامة، الذي قد يصل إلى أكثر من 50 في المئة، أو 10 مليارات دينار مع نهاية السنة المالية الحالية في شهر مارس 2021.
وسنلجأ عاجلاً أو آجلاً إلى آلية الاقتراض المالي مع نهاية هذا العام والسنوات المقبلة، خصوصاً أن المؤشرات النفطية لا تنبئ بارتفاع سعر البرميل.
ويأتي ذلك في حين أن معظم الدول النفطية الخليجية والوطنية، بحاجة إلى أكثر من 150 دولاراً للبرميل لموازنة ميزانيتها العامة.
وستعتمد وزراة المالية معدل 30 دولاراً لسعر البرميل الخام الكويتي، بدءاً من شهر أبريل المقبل، ما يعني عجزاً مالياً هائلاً، مع إبقاء المصاريف المالية عند معدلها الحالي في نطاق 20 إلى 22 مليار دينار، وعدم لمس «جيب المواطن».
وتراجعت أرباح «أرامكو» السعودية في الربع الثالث من هذا العام إلى 12 مليار دولار، مقارنة بـ 21 مليار دولار للعام الماضي، أي بأكثر من 50 في المئة، ولا سبيل لها، الا بإصدار سندات ما بين 3 و50 سنة.
ويبقى السؤال عن مدى الإقبال على السنوات المتأخرة بأكثر من 10 و20 سنة، ومدى ثقة المستثمريين بالنفط وأدائه والضبابية المتعلقة بمستقبل النفط، مقابل التوجه العالمي على الطاقة النظيفة والبديلة والسيارات الكهربائية.
وتبقى التساؤلات حول مدى نجاح «أرامكو» باستقطاب المستثمرين، وإذا كانت ستعمل وتدخل الشركات النفطية الوطنية في إصدار السندات مثل الكويت والعراق وليبيا والجزائر مع العجز المالي، وكيفية التعامل مع ضعف التفقدات النقدية.
فهل ستراهن هذه الدول على نفوطها أو على خيار استهلاك الصندوق السيادي عندنا في الكويت؟ وماذا عن العراق مثلاً، خصوصاً أن معظم الشركات النفطية العملاقة تعمل وتنتج من حقوله النفطية السهلة في الاستخراج، وبأقل كلفة وبتقنيات حديثة من شركات مختلفة تشمل الصينية والروسية، وهي تعلم عن الاحتياطي النفطي والكميات الضخمة، وهل أوجدت الدول النفطية مخرجاً لدخول مستثمرين ماليين جدد مقابل النفط والاستثمار والرهان عليه، وتقييمه من مستثمرين جدد؟ وهل دخلنا مرحلة جديدة لمواجهة مشاكلنا المالية والتدفقات المالية الضئيلة المقبلة والإصرار على أن النفط هو الحل والبديل والخيار.
* كاتب ومحلل نفطي مستقل (naftikuwaiti@yahoo.com)