قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إن «هذا العام كان استثنائياً»، حيث إن فيروس كورونا المستجد، «تسبّب للعالم بخسائر اقتصادية واجتماعية»، مضيفاً أنه «ينبغي أن نطمئن شعوبنا ونبعث فيهم الأمل، وعلينا إعادة فتح اقتصاداتنا وحدودنا لتسهيل حركة التجارة والأفراد. فنحن مستبشرون بالتقدم في إيجاد لقاحات وعلاجات لفيروس كورونا» المستجد.
وافتتح العاهل السعودي، أمس، أعمال قمة مجموعة العشرين، والتي تختتم اليوم، متوجّهاً بالحديث عبر شاشة إلى زعماء آخرين، في بداية اجتماعات افتراضية استثنائية تخيّم عليها جهود مكافحة وباء «كوفيد - 19» والأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة.
وتابع الملك سلمان متوجهاً لقادة الاقتصادات العشرين الأكبر في العالم: «يؤسفنا أننا لم نحظ باستقبالكم في الرياض نظراً للظروف الصعبة التي نواجهها جميعاً هذا العام».
وأضاف بحضور نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «ما زالت شعوبنا واقتصاداتنا تعاني من هذه الصدمة إلا أننا سنبذل قصارى جهدنا لنتجاوز هذه الأزمة من خلال التعاون الدولي».
وأضاف خادم الحرمين: «ساهمنا في مجموعة العشرين بـ21 مليار دولار للتصدي لجائحة كورونا، وقدمنا الدعم الطارئ للدول النامية بتعليق مدفوعات الدين».
وأعرب عن ثقته «بأن قمة الرياض ستؤدي إلى آثار مهمة وحاسمة وإقرار سياسات اقتصادية واجتماعية من شأنها إعادة الاطمئنان والأمل لشعوب العالم».
وأكد: «نهدف لاغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع. اتخذنا في مجموعة العشرين تدابير استثنائية لدعم اقتصاداتنا»، مشدداً على أنه «يتوجب علينا في مجموعة العشرين تقديم الدعم للدول النامية بشكل منسق».
وتابع: «نستبشر بالتقدم المحرز في إيجاد لقاحات وعلاجات وأدوات التشخيص لفيروس كورونا، إلا أن علينا العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول إليها بشكل عادل وبتكلفة ميسورة لتوفيرها لكل الشعوب. وعلينا في الوقت ذاته أن نتأهب بشكل أفضل للأوبئة المستقبلية». واضاف: «وعلينا الاستمرار في دعم الاقتصاد العالمي، وإعادة فتح اقتصاداتنا وحدود دولنا لتسهيل حركة التجارة والأفراد. ويتوجب علينا تقديم الدعم للدول النامية بشكلٍ منسق، للحفاظ على التقدم التنموي المحرز على مر العقود الماضية... كما ينبغي علينا تهيئة الظروف لخلق اقتصاد أكثر استدامة. ولذلك قمنا بتعزيز مبدأ الاقتصاد الدائري للكربون كنهج فعال لتحقيق أهدافنا المتعلقة بالتغير المناخي وضمان إيجاد أنظمة طاقة أنظف وأكثر استدامة وأيسر تكلفة». وأضاف الملك السعودي أنه انطلاقا من إدراك المملكة أن التجارة محرك أساسي لتعافي الاقتصادات «قمنا بإقرار مبادرة الرياض بشأن مستقبل منظمة التجارة العالمية، بهدف جعل النظام التجاري المتعدد الأطراف أكثر قدرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية». وكتب الملك سلمان في تغريدة في «تويتر» قبيل انطلاق القمة إن المجموعة «أثبتت قوتها وقدرتها على تضافر الجهود لتخفيف آثار جائحة كورونا على العالم. كانت مسؤوليتنا وستظل المضي قدماً نحو مستقبل أفضل، ينعم فيه الجميع بالصحة والازدهار». من ناحيته، شدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته على ضرورة ضمان وصول الجميع إلى اللقاحات، مؤكداً أن «روسيا مستعدة لإمداد الدول المحتاجة بلقاحاتها». وقال إن «التحديات التي واجهتها البشرية في عام 2020 غير مسبوقة والجائحة تسبّبت في أزمة اقتصادية نظامية لم يشهدها العالم منذ الكساد العظيم».
واعتبر ان «على مجموعة العشرين التنحي عن السياسات الحمائية والعقوبات»، مشدداً على أن «لا بديل عن منظمة التجارة العالمية اليوم لكنها تحتاج إلى التحديث وعلى مجموعة العشرين الاستمرار في بحث سبل إصلاحها».
وأعلن الرئيس الروسي، أن «الولايات المتحدة أسهمت بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد العالمي». وكتب نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، عبر «تويتر»، امس: «شاركتُ في قمة قادة مجموعة العشرين الافتراضية التي تستضيفها المملكة ويترأسها خادم الحرمين الشريفين... مجموعة العشرين هي المنصة الاقتصادية الأكبر عالمياً التي يتوحد حولها العالم للتصدي للتحديات المشتركة وتجاوزها». وأضاف: «أكدتُ خلال مشاركتي في قمة قادة مجموعة العشرين التي تحضرها كل المنظمات الدولية الرئيسية أن الإمارات ستظل داعمة لكل المبادرات الدولية المشتركة... ولكل السياسات والمشاريع التي تضمن بناء مستقبل مستدام للأجيال المقبلة». وظهر قادة أغنى دول العالم، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرافض للاقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في نوافذ متعددة على شاشة توسطّتها صورة العاهل السعودي. ويلتقي زعماء العالم في القمة التي تنظّمها دولة عربية للمرة الأولى بينما تتكثّف الجهود العالمية لإنجاز وتوزيع لقاحات ضد وباء «كوفيد - 19» على نطاق واسع في أعقاب تجارب ناجحة أخيراً، وفيما تتوالى الدعوات لسد عجز بنحو 4,5 مليار دولار في صندوق خاص بتمويل هذه الجهود. ويضم جدول أعمال القمة عدداً من القضايا، أهمها، الطاقة والمناخ والاقتصاد الرقمي والرعاية الصحية والتعليم. وبما أن القمة هذا العام استثنائية وافتراضية، قامت أمانة رئاسة مجموعة العشرين بتصميم صورةٍ جماعية افتراضية لقادة دول المجموعة، وعرضتها على جدران حي الطريف في الدرعية التاريخية. وتتطلع المملكة إلى تعزيز التعاون مع شركائها من الدول الأعضاء لتحقيق أهداف المجموعة. وكذلك إيجاد توافق دولي حول القضايا الاقتصادية المطروحة في جدول الأعمال، بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي وازدهاره.
كما ستسهم استضافة القمة في طرح القضايا التي تهم منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
من المفترض أن يتواجد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المملكة خلال أعمال القمة.
ويقول المنظمون إن دول المجموعة ضخّت 11 تريليون دولار «لحماية» الاقتصاد العالمي وساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة الوباء العالمي.
وتتوقّع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس أن ينكمش الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 4.5 في المئة هذا العام.
الملك سلمان وأردوغان يتفقان على قنوات حوار مفتوحة
أعلنت الرئاسة التركية ليل الجمعة، أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس رجب طيب أردوغان، اتفقا خلال اتصال هاتفي، «على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتحسين العلاقات الثنائية والتغلب على المشكلات». وكانت «وكالة واس للأنباء» السعودية، ذكرت في وقت سابق الجمعة، أن الملك سلمان اتصل بأردوغان لتنسيق الجهود المبذولة ضمن أعمال قمة مجموعة العشرين التي بدأت أمس.
الفالح: المستثمرون ليسوا صحافيين
سأل صحافي وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في جلسة حوارية على هامش أعمال القمة، عمّا يمكن أن تقوم به المملكة لجذب المستثمرين، فطلب منه مدير الجلسة توجيه السؤال للفريق الإعلامي للقمة. لكن الوزير السعودي أصرّ على الإجابة، وقال «المستثمرون ليسوا صحافيين، فالمستثمرون يبحثون عن دول يمكنهم وضع ثقتهم فيها وفي حكومة فعالة لديها تستطيع اتخاذ القرارات المناسبة».
«كوفيد - 19»... دعوة للـ 20 لتغطية عجز بـ 4.5 مليار دولار
طالب مسؤولون...السعودية ودول مجموعة العشرين الأخرى، قبيل انعقاد القمة الافتراضية، بتقديم 4.5 مليار دولار لسد عجز مالي في صندوق لقاحات تقوده منظمة الصحة العالمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد.
وجاءت الدعوة في رسالة وقّعتها رئيسة الوزراء النرويجية ايرنا سولبرغ ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ورئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لايين.
وشدّد الموقّعون في الرسالة التي تحمل تاريخ 16 نوفمبر 2020، على أنّ «التزام قادة مجموعة العشرين (...) بالاستثمار في سد العجز البالغ 4.5 مليار دولار سينقّذ الأرواح (...) ويوفّر استراتيجية للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والبشرية العالمية».
وأضافت الرسالة الموجّهة إلى رئيس القمة الحالية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز: «من خلال هذا التمويل (...) ستوفّر مجموعة العشرين الأسس لإنهاء الوباء».
وأنشأت منظمة الصحة العالمية، الصندوق وهو عبارة عن آلية لتعاون دولي، بهدف ضمان عدم احتكار الدول المتقدمة للأدوية واختبارات الكشف واللقاحات التي تُنتَج لاحقاً ضد الفيروس.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للصحافة في نيويورك، إن «الإنجازات الأخيرة حول اللقاحات ضد كوفيد - تمنح الأمل» لكن يجب أن «تصل إلى كل العالم»، أي «أن يجري التعامل مع اللقاحات كمنفعة عامة» وتكون «متوافرة للجميع».
وأضاف أن «تلك هي الطريقة الوحيدة لوقف الجائحة».
واستثمرت 10 مليارات دولار منذ سبعة أشهر في تطوير اللقاحات والتشخصيات والعلاجات «لكن يوجد نقص بـ28 مليار، بينها 4.2 مليار يجب جمعها قبل نهاية العام».
وتابع غوتيريس، أن «هذه التمويلات أساسية لتصنيع وإيصال وتوفير اللقاحات ضد كوفيد-19» و«دول مجموعة العشرين لديها الإمكانات» للتمويل.
«الديبلوماسية الرقمية»
ستكون أعمال قمة الـ20 مصغّرة ومختصرة مقارنة بما كانت عليه في السابق، إذ إنها كانت تشكّل عادة فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على أن تنحصر هذه المرة في جلسات عبر الإنترنت ضمن ما يُسميه مراقبون «الديبلوماسية الرقمية».
ومع انطلاق الحدث العالمي، ظهرت بعض اللقطات الطريفة والعفوية، حيث طلب الرئيس الصيني شي جينبينغ مساعدة تقنية، وتحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع أحد مساعديه.
ورغم انعقاد الاجتماعات عبر الشاشة، عرضت المملكة صورة قادة مجموعة العشرين على جدران منطقة الدرعية التاريخية في الرياض وأدّت مقاتلاتها عرضاً جوياً أمس، قبيل الكلمة الافتتاحية.