أظهرت دراسة حديثة لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول «أوابك» أن جائحة فيروس كورونا، أدت إلى حدوث تغيرات حادة، سواءً على صعيد الاقتصاد العالمي أو على صعيد أسواق الطاقة، متوقعة أن يؤدي الركود الاقتصادي العالمي واسع النطاق، إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي 6 في المئة عام 2020.

ورجّحت الدراسة أن تخلّف هذه الأزمة تأثيرات عميقة على صناعة الطاقة، على أن تتباين انعكاسات هذه الصدمة، سواءً على صعيد الدول أو قطاعات الطاقة المختلفة.

وأشارت دراسة «الانعكاسات الأولية لجائحة كورونا على الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة»، إلى أن الدول التي خضعت إلى الحظر الشامل، ستُعاني من انخفاض 25 في المئة بالطلب على الطاقة بنهاية 2020، بينما سينخفض الطلب في تلك التي خضعت للحظر الجزئي 18 في المئة.

وأوضحت أن النفط سيتحمّل العبء الأكبر من الصدمة، بسبب تراجع حركة التنقل والطيران التي تمثل نحو 60 في المئة من الطلب العالمي، إذ بلغ حجم تقلص هذا الطلب في أبريل الماضي نحو 25 مليون برميل يومياً.

وأضافت «أوابك» أن الفحم يأتي في الدرجة الثانية من ناحية مدى التأثر من الجائحة، بينما كان تأثيرها على الطلب على الغاز الطبيعي أكثر اعتدالاً.

نقاط رئيسية

أظهرت الدراسة النقاط الرئيسية لتأثير «كورونا» على الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي، وهي التغير الجذري في توقعات استثمارات الطاقة العالمية، حيث يتجلى تأثير الجائحة في إحداث صدمة كبيرة في مجال الاستثمارات في القطاع، خصوصاً وأن سرعة وحجم الهبوط في هذه الاستثمارات في النصف الأول كانت غير مسبوقة.

وكانت التوقعات في بداية 2020 تُشير إلى أن الاستثمارات الرأسمالية العالمية في قطاع الطاقة سترتفع 2 في المئة، إلّا أن سرعة تفشي «كورونا» قلبت جميع التوقعات رأساً على عقب، مع توقعات بأن يسجل هذا العام أكبر انحدار شهدته الاستثمارات في قطاع الطاقة، إذ سيبلغ حجم الانخفاض 400 مليار دولار، أي 20 في المئة من حجم الاستثمارات في 2019.

وأشارت الدراسة إلى توقعات وكالة الطاقة الدولية بتراجع الإنفاق الاستهلاكي العالمي على النفط الذي شكّل 50 في المئة من إجمالي الإنفاق على الطاقة في 2019 بما يزيد على تريليون دولار بنهاية العام الجاري.

وكشفت عن حالات عدم اليقين التي نجمت عن الجائحة حيث شهدت الاستثمارات في إمدادات الوقود تقلبات بصورة ملحوظة خلال العقد الحالي، بينما كانت الاستثمارات في قطاع الكهرباء أكثر استقراراً نظراً لموقعها المركزي في عملية التنمية الاقتصادية وفي استراتيجيات التحوّل في الطاقة، بالإضافة إلى أن النمو في الطلب على الكهرباء الذي تجاوز النمو في إجمالي الطلب على الطاقة.

تخفيض الاستثمارات

بيّنت الدراسة أن «كورونا» أدى إلى انخفاض كبير في الطلب على النفط، مع عدم اليقين حول الفترة الزمنية المطلوبة للتعافي منها، معتبرة أنه تحت هذه الظروف وبوجود طاقات فائضة في العديد من الأسواق، سيُصبح تخفيض الاستثمارات نتيجة طبيعية واستجابة ضرورية من الأسواق.

وأفادت بأن الاقتصادات الأكثر احتياجاً إلى الاستثمارات لديها نطاق أضيق من الخيارات التمويلية، إذ من المتوقع أن تترك الأزمة الحالية الحكومات وأجزاء كبيرة من قطاع الشركات تحت أعباء كبيرة من الديون، في حين ستخرج معظم شركات الطاقة من هذه الأزمة بميزانيات ضعيفة بشكل ملموس.

وذكرت أن القطاع الخاص سيتصدر الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة، إذ يعتمد المخرج من الأزمة الحالية بصورة كبيرة على التمويل القابل للاستمرار، وعلى خيارات المشاريع المملوكة للحكومات وعلى هذه الحكومات.

وشدّدت الدراسة على أن «كورونا» شكّل صدمة كبيرة لنظام الطاقة، وعلى أن الاستجابة تمثل فرصة لتوجيه قطاع الطاقة نحو مسار أكثر مرونة وأماناً واستمرارية، منوهة بأن سرعة بناء القدرات البديلة التي ستعوّض نظيرتها التي خرجت من الإنتاج بفعل التقادم هي إحدى المحددات الرئيسية للتدفقات الاستثمارية.

إدخال التكنولوجيات

أوضحت «أوابك» أن عدم الرغبة في الالتزام بتخصيص رؤوس الأموال للمشاريع الجديدة، يمكن أن يُقّيد الحكومات والشركات لفترة طويلة الأمر الذي سيؤخر سرعة إدخال التكنولوجيات الأكثر حداثة في نظام الطاقة.

وأشارت إلى بدء الاستثمارات في بناء طاقات جديدة، في مصافي التكرير ومصانع البتروكيماويات، والغاز الطبيعي المسال في السنوات الراهنة، بتجاوز النمو في الاستهلاك في المدى القريب، لافتة إلى أن تأثير الأزمة على الطلب يعني أن مشكلة الطاقة الفائضة ستصبح كبيرة جداً، ومنوهة إلى وجود مخاطر متعلقة بهذه القطاعات نظراً لما تستدعيه من استثمارات رأسمالية كثيفة، الأمر الذي يتطلّب مستويات عالية من الاستغلال.

انعكاس الانخفاضات

كشفت الدراسة عن توقف انعكاسات الانخفاضات في الاستثمارات الحالية على سرعة واستمرارية التعافي الاقتصادي، إذ ان انخفاض الاستثمارات في عام 2020 أدى إلى تقليص إمدادات النفط المتوقعة في 2025 بما يقدّر بنحو 2.1 مليون برميل يومياً، وإلى نحو 60 مليار متر مكعب من إنتاج الغاز الطبيعي.