ردّ ورثةُ الراحل منصور الرحباني، مروان وغدي وأسامة، عبر وكيلهم القانوني وليد حنا، على ابنة عمهم ريما الرحباني من خلال بيانٍ تفصيلي فنّد كل نقاط الخلاف بين أولاد "الأخوين الرحباني" (عاصي ومنصور) والذي وجدتْ السيدة فيروز نفسها في "عيْنه".

"حروب" ورثة الأخوين الرحباني، ليست طارئة أو جديدة، بل هي خرجت إلى العلن قبل عدة أعوام عندما كشفت ريما الرحباني عما قالت إنه "مؤامرة" يحيكها أولاد عمها منصور في حق فيروز وعاصي الرحباني، من خلال منْع "سفيرة لبنان إلى النجوم" من الغناء وإعادة مسرحية "يعيش يعيش"، وتغييب اسم عاصي الرحباني عن مرسوم وزارة التربية الذي قضى بإدخال فن منصور والعائلة الرحبانية في المناهج التربوية، في محاولة لتذويب "الأخوين" بـ "الرحابنة الجدد".

وفي مرحلةٍ لاحقة، اتهمت ريما الرحباني أبناء عمّها بتوظيف علاقاتهم بالإعلام وببعض المؤسسات الفنية، للقيام بهذه "المؤامرات" بدلا عنهم، كما استخدمت "فيسبوك" كمنبر للهجوم مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عليهم، عبر منشورات، كان لـ أسامة الرحباني، حصة الأسد فيها.

وفي الفترة الأخيرة زادتْ انتقادت ريما لأولاد عمها، مرّةً من خلال السخرية ومرات أخرى عبر شنّ هجوم كاسح عليهم. فهي مثلاً، توجّهت الى أسامة الرحباني في أعقاب الحفل الفني الخيري بعنوان "متحدون من أجل لبنان" الذي شارك فيه أسامة وأحياه عدد من النجوم العالميين من فرنسا ولبنان في الأولمبيا باريس دعماً للشعب اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت، قائلة في منشور على "فيسبوك": "بعد مجزرة الأمسِ بالهُدُبِ او الهُدُبُّ بمعنى أَصَح او هالـ ... كمان بتمشي!"، سائلةً "مين سمحلو ينَصّب حالو مُمثل عن الإرث الرحباني"، وذلك على خلفية تأدية أغنية "حبيتك بالصيف" بطريقة مختلفة عن الأسلوب الأصلي في الحفل والتي قال أسامة إنه "تمّت ترجمتها الى الفرنسية بطريقة قريبة إلى ترجمة الأخوين الرحباني وكَتَبَ نص الأغنية ماثيو شديد، وكان اللقاء بين ماثيو وميلودي غاردو في تأدية الأغنية التي قدّماها بطريقتهما، إذ إن طريقة الغناء عند الفنانيين الفرنسيين مختلفة تماماً عن أسلوبنا، فطريقتهم أقرب للكلام منها إلى الغناء".

واعتبرت الرحباني في منشور آخَر طويل، وجّهتْه إلى أولاد عمها من دون أن تسمِيهم إنهم يعانون عقدة فيروز وعاصي، ومن بعدهما من عقدة زياد، الذي أثبت نفسه كـ زياد وليس كـ رحباني، وأنه لولا فيروز لما كان أعارهم أحد أي أهمية، وأن لا ذنب لهم لأن الله هو من وضع نِعَمه في بيتهم، ومعها أعطى أهله النبل والترفّع والصبر والصمت وطولة البال، مضيفة "ما تواخذوني لو ما فيروز ما حدا بيلكشن"... وهني بينن وبين عارفن بيعرفوا تماماً أنو لو ما منها كانوا ولا شي. بس عم يستغبونا ويستغبوا العالم وإلا كيف؟"... "نطرنا 30 سنة لا شتا ولا غيم". وأوضحت "هيدا الأرث ما رح يبقى ويستمر إلا بصوت فيروز ونصري وهدى وفيلمون وملحم وايلي شويري وجوزف صقر ومروان محفوظ وجورجيت صايغ وسهام شماس..شاء من شاء وأبى من أبى".

وقبل عدة أيام انضم زياد إلى شقيقته بصفتهما ورثة عاصي الرحباني، ونشرا تحذيراً أعلنا عبره "رفضهما التام لقيام أي كان، حتى ولو كان من ورثة منصور الرحباني، بإعادة تسجيل و/أو تصوير و/أو توزيع أي أعمال فنية تعود للأخوين رحباني أو زياد الرحباني من دون موافقتهما" كما حذرا "من منح أي أذونات ام إجازات للغير من طرف واحد تعود لأصحاب الحقوق".


ولكن البيان الذي صدر أمس باسم ورثة منصور الرحباني، اعتبر أن هؤلاء سكتوا لوقت طويل على "الحروب الوهمية المغرضة والمنظمة التي تخوضها الآنسة ريما الرحباني ضدهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الاعلام منذ عشر سنوات، والتي عادت واتخذت منحى تصاعدياً خلال الفترة الأخيرة بأسلوب تحريضي مسيء لا يأتلف ولا يتصل لا من قريب ولا من بعيد مع نبل وجمال وشفافية الراحل الكبير والدها عاصي الرحباني الذي تدعي خلافته".

وأشار بيان أسامة ومروان وغدي إلى أن "الغاية الحقيقية والدفينة من هذا الكمّ من الأحقاد والأوهام والأضاليل غير المُجْدية بدأت تظهر من خلال تعرّض الآنسة ريما الرحباني غير المسؤول والمدان لحالة "الاخوين الرحباني" الخاصة في العالم وإنتاجهما الفني الكبير بهدف واضح يرمي إلى محاولة إيجاد واقع جديد يرمي الى تصوير السيدة فيروز هي شريكة في الإنتاج الفني وفي عمليتي التأليف والتلحين لمنحها حصة كبيرة في الحقوق. وذلك في السياق نفسه للمحاولة الفاشلة الرامية إلى فصل عاصي عن منصور بشكل ينافي الوقائع الثابتة والأكيدة بالمستندات والوثائق والمقالات والتصاريح الاعلامية ضاربة عرض الحائط بالقوانين والأنظمة المرعية الاجراء".

وابرز ما جاء في البيان :

1- دعوة "الآنسة ريما الرحباني للاطلاع بتمعن على جميع الاتفاقيات والقوانين والأنظمة التي ترعى حماية حقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية في لبنان والعالم خصوصا مع التطور الحاصل في مجال المواقع والتطبيقات الإلكترونية... فتلك القوانين وجدت لتحمي نتاج المؤلفين والملحنين الفكري بشكل اساسي باعتبار انهم الحلقة الأضعف في عملية الاستفادة من الحقوق المادية، ةخصوصاً أن أصحاب الحقوق المجاورة من مؤدين وعازفين عادة ما يستفيدون من أدائهم وعزفهم بشكل مباشر وببدلات يتقاضونها عن أدائهم أو تسجيلاتهم للنتاج الفكري للمؤلفين والملحنين والتي يجنون منها الثروات أحياناً.

2- "تأكيد أن الموكلين لم يمنحوا أي إذن بشكل منفرد لأي طرف كان لاستغلال أي عمل من أعمال الاخوين الرحباني بأي شكل لا بل أن العديد من طلبات الاذونات وردتنا من جميع انحاء العالم (السويد – انكلترا – الارجنتين - البرازيل - فرنسا...) لاستعمال مقاطع من بعض الاغنيات أو الألحان في أفلام وثائقية أو أعمال أخرى كانت تتم إحالتها إلى ورثة عاصي والتي كانت تبقى دون جواب بالرغم من المراجعات المتكررة، وهذه وقائع ثابتة بالمستندات".

3- في مسألة منع انتشار أعمال الاخوين الرحباني العشوائي والمضر على شبكة الانترنت والمنصات الرقمية واستخدامه من العديد من الاشخاص دون أي اذن مسبق أو دون دفع الحقوق "نستغرب ما أدلت به الآنسة ريما الرحباني لجهة عدم قيامها سابقاً بمنْع أي انتشار عشوائي لتلك الأعمال في حين أنها قامت بخلاف ما تدّعيه في السابق، هي والسيدة فيروز وشقيقها زياد، في مراحل عدة حيث تم اقفال العديد من المواقع الالكترونية والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وإيقاف حفلات أداء حيّ وغيرها من الأمور من قبلهم أو من قبل بعضهم، كما تم سنة 2012 تكليف شركة معينة بالعمل على حذف أعمال الاخوين الرحباني عن عدد من المنصات والمواقع الالكترونية التي كان معمول بها آنذاك بشكل منفرد أيضاً، وهذه أمور ثابتة بالوثائق والمستندات، كما أن الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي تداولت بتلك الوقائع في مرات عديدة".

واستنكر البيان "تطاول" ريما الرحباني على منصور الرحباني، وتصويره على أنه ليس سوى مستفيد مادي من أعمال الأخوين رحباني، واتهامها بسرقة مكتب بدارو غداة تعرضه للقصف أثناء الحرب اللبنانية فـ "هذه الاتهامات الحقيرة مرفوضة بشكل مطلق ومستهجنة، فمن كان لينقذ محتويات المكتب لولا قيام منصور بذلك وهو شريك في ملكية تلك الأعمال؟ وألم تحصل الآنسة ريما على نسخة عن جميع المؤلفات والأعمال والتي سلّمها لها الكبير منصور؟ والسؤال الذي يطرح نفسه ما الغاية من وجود ظاهرة الأخوين الرحباني طوال تلك السنوات في حال لم يكن لمنصور الرحباني دوراً اساسياً فيها؟ ولماذا استمرّ عاصي مع منصور لغاية رحيله سنة 1986 ولا سيما بعد خلافه مع السيدة فيروز وترْكها المنزل الزوجي. النية أضحت واضحة يوماً بعد يوم أن هناك تصويباً لإلغاء إنتاج وجهد وتأليف كل ما صدر عن الكبير منصور الرحباني".

وتطرق البيان إلى "الحرب المستمرة لكسر صورة الأخوين من خلال محاولة الغاء الكبير منصور الرحباني" وإلى "الصفحات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي ترعاها وتديرها الآنسة ريما الرحباني والتي تقوم من خلالها باستعمال أعمال الاخوين الرحباني بعد إجراء عملية مونتاج وتصوير أفلام وثائقية وحذف الكبير منصور ومحاولة تزوير الحقائق لتصوير الامر بأن الأعمال هي أعمال عاصي وفيروز فقط وكل ذلك يشكل أفعالاً متمادية موثقة بالأدلة والبراهين وذلك كله في مخالفة صارخة للقوانين والانظمة المرعية الاجراء".

ويبدو أن هذا البيان، جاء رداً على حوار أجرتْه ريما الرحباني مع صحيفة "النهار" وإعتبرت فيه أن ثمّة تجاوزاً دائماً لورثة عاصي، ولفيروز شخصياً، ومحاولة لفصل الأخوين بطريقة "خبيثة" جداً، وأن هناك مخططاً قديماً لإسقاط عاصي من الأخوين، ومن ثم تذويب الأخوين بالرحابنة، وحصْر الرحابنة بأولاد منصور أنفسهم! ومن ثم تحجيم دور فيروز عبر الإصرار الكاذب على أنها مُجرّد مؤدّية وأن أي شخص مكانها كان يمكن أن يصل الى مكانتها! كما رأت أن المشاكل قديمة، وهي ظهرت مبهمةً للعالم بعد وفاة عاصي تحديداً، موضحة أن القصة بدأت منذ أن وقّع منصور أول عمل فني باسمه بدلاً من الأخوين رحباني، وسمّى العمل "صيف 840" عوض "عامية انطلياس".

واعتبرت أن السيناريو الوحيد المقبول لإنهاء هذا الملف هو أن يكون هذا الإرث خطاً أحمر يُمنع تغييره واللعب فيه وتأديته بغير صوت فيروز منفردة، لأنّها كانت تتواجد عند ابتكار هذه الأعمال وتتدخّل فيها وتقدّمها، بحضورها وبصوتها من دون مقابل من المؤلفين، وكانت عقود الإنتاج تعتبر أن الأخوين وفيروز هم منتجو العمل. والحل القانوني، هو الحل البديهي، وأن المشكلة ليست قانونية بل في كيفيّة تعاطي بعض الورثة بهذا الإرث! كما أكدت أن الأعمال الأصلية كما قدّمها "الأخوان" وفيروز، هي أكثر الأعمال مقرصنة وموجودة بكل الوسائل السمعية المتاحة والمعروفة في العالم انتشاراً وبيعاً مجاناً ومن دون أن يعود لأصحاب هذه الحقوق أي "قرش"، وأنهم لم يمنعوا أي عمل أصلي من الوصول الى أي مستمع أو مشاهد، حتى لو كان الآخَرون يستفيدون من عائدات لا تحقّ لهم. لكن أبناء منصور، صاروا يطالبون بسحب وتنزيل وحجب هذه الأعمال من طرف واحد، بالتزامن مع تسهيل إعادة غناء أعمال فيروز من خلال فنانات من الدرجة الثانية والثالثة والعاشرة بغية إعادة نسخ مشوّهة عن هذه الأعمال.