على غرار سنة الغش بـ «الآيفون والبلاك بيري»، والتي أدخلت مؤسسات التعليم العالي في أزمة الطاقة الاستيعابية خلال العام 2011، تعيش المؤسسات التعليمية حالياً أزمة استيعاب مخرجات التعليم عن بُعد، والتي فاق عددها ومعدلات طلابها المتوقع، حيث أصبحت وفق ما يردده البعض «ملتقى للمنقطعين عن الدراسة، ومقار إيواء للرجال والنساء، لأن النجاح يكون مرة في العمر».
ووصف مصدر تربوي لـ«الراي»، الإقبال على التعليم المسائي، خلال العام الحالي، بـ«الهجوم المنظم»، من قبل آلاف المنقطعين عن الدراسة، حيث الأبناء مع آبائهم والبنات مع أمهاتهن، ممَنْ انكبوا جميعاً على هذه المراكز، التي قفز عدد المنتسبين في بعضها من 300 إلى 900 طالب، فيما فاقت فصولها الافتراضية الـ 50 طالباً، مبيناً أن غياب التقييم لطلبة التعليم عن بُعد، أوجد هذا الوضع الخاطئ في الفصل التكميلي الفائت لطلبة الثاني عشر، حيث كانت التجربة سيئة إلى أبعد الحدود، دخلت فيها مراكز خدمة الطالب على الخط، يساندها المعلم الخصوصي، والدرجات التي كانت تُمنح للجميع بلا معايير.
وأوضح المصدر أن المخرجات التعليمية لطلبة الفصل التكميلي، والتي حصل فيها 5 طلاب على المعدل الكامل، بنسبة 100 في المئة، دفعت وزارة التعليم العالي إلى مضاعفة أعداد بعثاتها الداخلية والخارجية، لاستيعاب الأعداد الاستثنائية التي لم يرسب منها أحد، إذ قفزت بعثاتها الخارجية من 1900 في العام الفائت، إلى 2800 بعثة، وقفزت الداخلية من 2000 إلى نحو 6 آلاف بعثة، فيما استقبلت جامعة الكويت نحو 8 آلاف طالب وطالبة، ولم تُعلن الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بعد عن عدد المقاعد التي ستوفرها للطلبة، رغم توقع البعض بأنها قد تتراوح بين الـ14 إلى 15 ألف طالب وطالبة.
وفيما استغرب المصدر طرح 9 آلاف بعثة داخلية وخارجية لمخرجات الثانوية العامة، لفت إلى أن هذه المخرجات أصبحت شوكة في فم التعليم العالي، متسائلاً: إلى متى الرضوخ للقرارات الشعبوية التي تقود إلى كوارث تعليمية وأزمات تُهدد مؤسسات الدولة وتغيب فيها معايير العدالة والمساواة بين الطلبة؟ مرجحاً أن تستمر الأزمة لسنتين مقبلتين، وسوف يُحرم كثير من الطلبة من حرية اختيار التخصص، وقد تندلع أزمة المخرجات وسوق العمل، وتؤدي إلى وجود مخرجات تعليمية لا توجد لها فرص عمل، ومن هنا تبدأ البطالة المقنعة وأزمة انتظار التوظيف في ديوان الخدمة المدنية.
وبيّن أن موعد اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول بحسب التقويم الدراسي المعتمد من قبل وزارة التربية للعام الدراسي 2020 - 2021 سيكون في 17 يناير المقبل للصفين العاشر والحادي عشر، ويستمر حتى 28 منه، فيما تبدأ اختبارات الثاني عشر في 31 يناير، وحتى 11 فبراير، فكيف ستكون آلية عقد هذه الاختبارات بعد رفض وزارة الصحة للاختبارات الورقية؟ وشدّد المصدر على ضرورة عقد اجتماع عاجل بين وزارتي التربية والصحة، لشرح المبررات التربوية في عقد الاختبارات الورقية، وتوضيح الأزمات المترتبة على غياب التقييم الحقيقي لطلبة الثانوية، مع الابتعاد عن كل التوجهات الشعبوية التي تطرح حالياً خلال فترة الانتخابات، وعدم الالتفات إلى الأصوات التي بدأت تتصاعد بهدف التكسب الانتخابي، لأنها تجهل خطورة غياب الاختبارات الورقية، وأثرها الكبير على مستوى التعليم في الكويت.