بدأت البطولات الأوروبية الخمس الكبرى لكرة القدم، فترة راحة تستمر حتى 21 نوفمبر الجاري، إفساحاً في المجال أمام المباريات الدولية وتصفيات دوري الأمم الأوروبية وكأس العالم 2022 في قطر، وهي فترة التوقّف الدولية الأخيرة في العام الجاري.
وتزامناً مع «الحظر المحلي»، نستعرض المشهد الراهن في ما يتعلّق بالفرق المتصدرة للبطولات الكبرى، في موسم استثنائي مزدحم بالمباريات فرضه فيروس «كورونا»، ما أربك الأندية التي لم تلتقط أنفاسها، نظراً لانتهاء الموسم الماضي متأخراً.
وقد تسبب ضغط المباريات هذا الموسم، حيث يخوض الفريق مباراة كل 3 أيام، ما بين الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا، فضلاً عن اللقاءات الدولية، باستنزاف قدرات اللاعبين، ما أدى الى ارتفاع معدل الإصابات.
وأكد تقرير نشره موقع «بريميير إنكوريز»، المتخصص في إصابات اللاعبين في الدوري الإنكليزي الممتاز، أن عدد الإصابات تضاعف تقريباً مقارنة بالفترة نفسها من الموسم الماضي، والذي امتد إلى الصيف بسبب توقّف النشاط لأشهر عدة في منتصفه نتيجة تفشّي فيروس «كورونا».
وخلال المراحل الأخيرة من الموسم الماضي وبعد استئناف الموسم، سمحت رابطة الدوري الإنكليزي لمختلف فرق البطولة بزيادة عدد اللاعبين على مقاعد البدلاء إلى 9 في كل مباراة، كما سمحت لكل فريق بإمكانية إجراء 5 تبديلات في المباراة الواحدة من أجل تخفيف حالة الإجهاد التي يعاني منها اللاعبون في ظل ضغط وتوالي المباريات.
ومع انطلاق هذا الموسم، سمح الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) للفرق الاستمرار في تطبيق هذه القاعدة، ولكن فرق الدوري الإنكليزي أعلنت تصويتها ضد ذلك لأن الإجماع كان سيعطي الأندية المشاركة في المسابقات الأوروبية ميزة غير عادلة، على عكس البطولات الأربع الأخرى في إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا وفرنسا، التي استمرت في تطبيق قاعدة التبديلات الخمسة.
وسط هذه الظروف القاسية، لم يتأثر بايرن ميونيخ، بطل أوروبا، وباريس سان جرمان، الوصيف، حتى الآن، وكرسّا زعامتهما التقليدية على الدوري الألماني والفرنسي تواليا، فيما كان المشهد سرياليا في الصدارة في إنكلترا وإسبانيا، في حين استعاد ميلان بريقه وعاد إلى القمّة الإيطالية.
في الـ«بوندسليغا»، ما زال بايرن ميونيخ، حامل اللقب في المواسم الثمانية الأخيرة، يؤكد رغبته الجامحة في فرض سطوته على الدوري، بعد الأداء المذهل الذي يقدمه بقيادة المدرب «الهادئ» هانز-ديتر فليك، وجعل من الفريق قوة هائلة تفتك بالمنافسين من دون رحمة، حيث يعمل اللاعبون بجد ما يصعّب الأمورعلى بقية الفرق للفوز على الفريق البافاري.
وقد تجاوز «بايرن» الخسارة المذلّة أمام هوفنهايم 1-4، في الجولة الثانية وانطلق بسرعة الصاروخ وحقق 4 انتصارات توالياً، أمّنت له الصدارة بـ18 نقطة، بفارق نقطتين أمام لايبزيغ القوي و3 أمام كل من الغريم بوروسيا دورتموند وباير ليفركوزن.
وفي «ليغ 1»، تخطّى باريس سان جرمان، حامل اللقب في المواسم الثلاثة الأخيرة، ذيول البداية الكارثية، حيث تعرض إلى خسارتين توالياً، أمام لنس ومرسيليا بنتيجة واحد بهدف نظيف. وهذه المرة الأولى من 42 عاماً، يتعرض خلالها الفريق للخسارة في أول مباراتين له في الدوري من دون تسجيل أي هدف في شباك منافسيه منذ موسم 1978-1979.
وتعرضت استعدادات «سان جرمان» لاستئناف الدوري، انتكاسة تمثلت في إصابة 7 من لاعبيه بـ«كورونا»، أبرزهم البرازيلي نيمار، الفرنسي كيليان مبابي والأرجنتيني أنخيل دي ماريا، فضلاً عن تعرض لاعبين عدة إلى الإصابة والإيقاف، ما وضع المدرب الألماني توماس توخل تحت مقصلة الإقالة، بيد أن الفريق سرعان ما استعاد إيقاعه وحقق 8 انتصارت توالياً، وضعته على رأس الهرم بـ24 نقطة، بفارق 5 نقاط عن ليل، و6 أمام رين ومرسيليا.
أما في الـ«بريمير ليغ»، فإن الإثارة صبغت الصراع على اللقب حتى الآن، وتعاقب على الصدارة أكثر من فريق، بينها ساوثمبتون الذي تنعم بها 48 ساعة للمرة الأولى منذ 32 عاماً، قبل التوقّف، ثم أزاحه عنها توتنهام لفترة وجيزة، بيد أن ليستر سيتي، وضع يده عليها مستفيداً من فوزه على ولفرهامبتون بهدف وحيد، وتعادل ليفربول، حامل اللقب، مع مضيفه مانشستر سيتي 1-1 في قمّة المرحلة الثامنة.
وقد استعاد ليستر، روحية البطل 2016، مستغلاً غياب الكبار عن المربع الذهبي راهناً، لاسيما مانشستر سيتي، وجاره «يونايتد» الجريح، وأرسنال، فيما وجد تشلسي إيقاعه بعد بداية متذبذبة، بينما «عض» ليفربول على أوجاعه ليستمر في حلبة المنافسة.
لكن المهاجم السابق آلان شيرر، محلّل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، ما زال يتوقّع أن يتنافس الـ»ريدز» مع «سيتي» على اللقب.ووفق إحصاءات «غريسنوت»، التابعة لشركة «نيلسن»، فإن انطلاقة ليستر هي الأفضل لفريق من خارج الستة الكبار منذ فعلها ليدز يونايتد، وحصد 18 نقطة من 8 مباريات قبل 19 عاما، قبل أن يحتل المركز الخامس في نهاية الموسم.
ويتصدر ليستر بـ18 نقطة، بفارق نقطة واحدة عن كل من توتنهام وليفربول، الذي سيستضيف المتصدر عند استئناف الدوري يوم 21 نوفمبر الجاري.
وعلى صعيد «لاليغا»، يبدو المشهد سريالياً، حيث ساهم الأداء الهزيل لريال مدريد، حامل اللقب، وبرشلونة، الذي تتعاظم فيه المشاكل الإدارية والفنية في الموسم الأول للمدرب الهولندي رونالد كومان، إلى قلب الموازين في الصدارة رأساً على عقب، إذ استغل ريال سوسييداد «مفاجأة الموسم»، بقيادة المدرب إيمانول الغواسيل، تراخي الكبار ليقدّم أحد أفضل مواسمه منذ فترة طويلة، بعدما حقق 6 انتصارات توالياً أعقبت تعرضه لخسارة وحيدة أمام فالنسيا افتتاحاً، وتعادلين، ليعتلي القمّة بـ20 نقطة، بفارق نقطتين أمام فياريال «الظاهرة الثانية»، و3 عن أتلتيكو مدريد، و4 عن «ريال».
وبالنسبة إلى «سيري آ»، يبدو أن ميلان في الطريق إلى استعادة أمجاده الغابرة هذا الموسم، حيث احتفظ بسجله الخالي من الهزائم حتى الآن، إذ تعادل مرتين وفاز 5 مرات.
ويُقدّم رجال المدرب ستيفانو بيولي، بقيادة المهاجم السويدي المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش (39 عاما)، أحد أفضل نتائجهم منذ مواسم عدة، ويطمح الفريق للعودة إلى منصة التتويج باللقب الأول منذ 2011.
كما تألق ساسوولو وحقق انطلاقة قوية، كانت حصيلتها 4 انتصارات و3 تعادلات، فيما بدت فرق يوفنتوس، بطل المواسم التسعة الأخيرة، أتالانتا، إنتر ميلان ولاتسيو «خارج الخدمة» راهنا.
ويتصدر الـ«روسونيري» بـ17 نقطة، بفارق نقطتين عن ساسوولو، و3 عن نابولي وروما.