لم اتوقع تفاعل الناس مع مقالي السابق، الذي حكيت فيه معاناتي، والفوضى التي عمّت حياتي بعد تعطّل غسالتي.
وكيف تهاوى كل نظام حياتي اليومية والأسبوعية.
والغريب أن الكل تقريباً يمرّ بالتجربة المريرة نفسها، حين يغيّر مكعباً واحداً من حاجات نظام حياته.
أخبرني البعض أنه لو غيّر ترتيب أوراقه أو طاولته أو مكتبته أو ملابسه في الخزانة أو أشيائه في الأدراج... يتبعها اضطراب متتالٍ لأمور أخرى في حياته.
وكأن ترتيب أفكارنا ووضوح رؤيتنا يعتمد على تناسق الألوان في الخزانة، أو شكل ترتيب الجوارب في الدرج أو الأقلام في المقلمة أو وضعية الكرسي ومكان الدفاتر... وغيرها.
تلك التفاصيل البسيطة التي لا نعيرها بالاً، ونكاد لا نراها أو ندركها أو حتى ننتبه لوجودها.
هي في الحقيقة مهمة... ومهمة جداً لنضج أفكارنا وتحقيق حالة السلام لنفوسنا واستقرار عقولنا وصحة واتزان أجسادنا. حقاً كم ذلك مثير ومدهش ! من هنا لابد أن نقول بضرورة فهم الإنسان في سياقه الخاص: بيئته وطفولته وتجاربه، ووعيه ونضجه وأوجاعه وكسوره وأشباحه.
وما يفضل ويرتاح إليه. وكيف يرى الحياة ومكانه فيها، ما يسعده ويحزنه، وكيف ينظّم أشياءه ولماذا... وإن كان الهدوء يجلب له الحكمة والاتزان والتأمل والثقل والسداد والوضوح والثبات والرأي السليم والرؤية الثاقبة والاستقرار... أم لا ؟! لأن خارج هذا السياق، سيساء فهمه والحكم به وعليه.
لذا علينا وضعه في سياقه الصحيح أولاً، ثم التحاور معه والحكم عليه وفهمه جيداً.
ومضة هناك أيام يشتري لك الفرح فيها غريباً ابتسم لك وعبر أو صدى لحن من مذياع بعيد.
أعاد لك عطر الذكرى.
هناك أيام يشتري لك الفرح فيها أفقر وأضعف وأصغر خلق الله فتشعر حينها أنك امتلكت الدنيا وما فيها.