أشار بنك الكويت الوطني، إلى أنه بعد التراجع التاريخي الذي أصاب المبيعات العقارية في الربع الثاني من 2020، على خلفية تداعيات الجائحة وتأثير إغلاق أنشطة الأعمال على مستوى الكويت حتى شهر يوليو الماضي، عادت المبيعات مجدّداً للانتعاش في الربع الثالث من العام الجاري، وتمكّنت من الوصول تقريباً إلى مستويات ما قبل الجائحة لتبلغ 662 مليون دينار، بزيادة قدرها نحو 5 أضعاف على أساس ربع سنوي.

وعزا البنك في تقريره العقاري، هذا الانتعاش إلى رفع قيود الحظر على أنشطة الأعمال والسماح بحرية التنقل، ما ساهم في زيادة مبيعات القطاعات الفرعية الثلاث، بدعم من الطلب المكبوت بعد أشهر عدة من فرض القيود الاحترازية.

وأوضح التقرير أنه رغم تحسن النشاط العقاري تدريجياً من أدنى مستوياته المسجلة في أبريل ومايو، إذ وصل إلى 245 مليون دينار كويتي في سبتمبر، إلا أن المبيعات قد تتراجع مجدّداً في ظل استمرار ضعف القطاعين التجاري والاستثماري على خلفية تداعيات الجائحة على أنشطة الأعمال والوافدين.

ولفت إلى ارتفاع مبيعات القطاع الاستثماري (أي الشقق والعمارات السكنية)، بأكثر من 5 أضعاف على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من 2020، لتبلغ 138 مليون دينار، على الرغم من استمرار تراجع مستوياتها مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي بنحو 49 في المئة على أساس سنوي.

وأرجع الفضل في الارتفاع على أساس ربعي سنوي إلى النمو المفاجئ في عدد الصفقات، والذي ارتفع أكثر من 6 أضعاف على أساس ربع سنوي، فيما يعزى في الغالب إلى انخفاض الأساس المرجعي للمقارنة في الربع الثاني من 2020، أكثر من كونه بفضل تحسن الأنشطة.

وتابع أن عدد الصفقات بلغ 149 صفقة في الربع الثالث من 2020، بانخفاض 56 في المئة على أساس سنوي، ما يعد أقل بكثير من المتوسط ربع السنوي لعام 2019 البالغ 349 صفقة.

ورجح أن يكون تراجع أحجام المبيعات بصفة استثنائية، ما بين مارس إلى يوليو، قد ساهم في حجب اتجاهات الأسعار، إلا أن تحسن وتيرة الأنشطة في الربع الثالث من العام الجاري، على الرغم من أنها مازالت منخفضة وفقًا لمعايير ما قبل الجائحة، قد يعني تحسن قراءات الأسعار.

وأشار إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار المباني من مارس إلى يونيو، يأتي نتيجة لقلة أحجام المعاملات العقارية وعدم اتضاح قراءات الأسعار، إلا أنها اتجهت بشكل حاد نحو الانخفاض في الأشهر الأخيرة، مع تزايد حجم المعاملات، وأعطى مؤشراً أكثر موثوقية وكفاءة.

واعتبر التقرير أن أسعار القطاع الاستثماري تتجه نحو الانخفاض في الوقت الحالي، تماشياً مع الأوضاع الضعيفة التي تعتري السوق، اذ انخفضت أسعار الشقق بنسبة 6 في المئة على أساس سنوي في سبتمبر.

وبيّن أنه نظراً لتعدد المصاعب التي يوجهها قطاع العقار الاستثماري حالياً، تشير التوقعات إلى أن عملية التعافي بالكامل ستستغرق بعض الوقت، إذ يتعرض القطاع، الذي كان مثقلاً بالعرض المفرط وانخفاض الإيجارات حتى قبل تفشي الجائحة، لمواجهة ضغوط إضافية في الفترة الحالية والتي تتمثل في ضعف طلب الوافدين نتيجة للتأثيرات السلبية للجائحة على تلك الفئة من السكان، والذي يعد المحرك الرئيسي للطلب في القطاع الاستثماري.

وأشار التقرير إلى ارتباط تعافي الطلب بوتيرة التعافي الاقتصادي، ودرجة النجاح في السيطرة على معدلات الإصابة بالفيروس، التي مازالت مرتفعة، ما يزيد من خطر تجدد فرض حظر التجول وإعادة القيود الاحترازية.

ويأتي ذلك في وقت أقر مجلس الأمة قانوناً جديداً يستهدف تقليص أعداد العمالة الوافدة إلى حد كبير ومعالجة اختلال التركيبة السكانية، إذ تم تكليف الحكومة بإعداد خطة مفصلة خلال عام من تاريخ العمل بالقانون، الأمر الذي سيزيد الضغوط على القطاع الاستثماري.

تزايد المبيعات

أشار التقرير إلى ارتفاع مبيعات القطاع السكني 6 أضعاف على أساس ربع سنوي، وبنسبة 21 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2020، لتصل إلى 433 مليون دينار، ما يعتبر أعلى معدلاتها منذ الربع الأول من 2015.

وعزا تلك المبيعات القوية إلى تزايد عدد الصفقات التي بلغ مجموعها 1676 صفقة، في تناقض واضح مع مستويات الربع الثاني من العام الجاري التي بلغت 251 صفقة فقط، كما يعد هذا المستوى الأعلى منذ 2013.

وأفاد أن انتعاش القطاع السكني يعود جزئياً للطلب المكبوت، بعد أشهر من فرض قيود الحظر، إلى جانب الركائز القوية التي يتميز بها القطاع، بما في ذلك مرونته وقدرته على الصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الجائحة.

ولفت إلى أن الركائز القوية التي يتميّز بها القطاع، من العرض المحدود وتزايد عدد السكان على المستوى الوطني، إلى جانب السيولة الجيدة، وفقد عدد ضئيل جداً من المواطنين لوظائفهم أثناء الجائحة ما ساهم في الحفاظ على استقرار الطلب.

وذكر أنه من جهة أخرى، ونظراً لتعرض ربحية القطاع الاستثماري للمزيد من الضغوط نتيجة للشواغر وانخفاض الإيجارات، هناك أدلة غير مؤكدة على تحول المستثمرين إلى القطاع السكني، بحثاً عن الفرص الاستثمارية، كالمضاربة العقارية وإمكانية إيجاد فرص إيجارية أفضل.

اتجاهات الأسعار

وأوضح التقرير أن قراءة اتجاهات الأسعار واجهت بعض العراقيل خلال الأشهر الماضية، نتيجة لضعف أحجام المبيعات، إلا أن مؤشرات الأسعار أصبحت الآن أكثر موثوقية نظراً لتحسن وتيرة أنشطة القطاع خلال الربع الثالث من عام 2020، إذ ارتفعت أسعار المنازل والأراضي بنسبة 4 و6 في المئة على التوالي على أساس سنوي في سبتمبر.

وبيّن أنه رغم إمكانية تراجع الأداء القوي لنشاط القطاع السكني، وتضاؤل مبيعاته خلال الأشهر المقبلة مع تلاشي تأثيرات رفع القيود، إلا أن التوقعات تشير إلى حفاظه على مستويات جيدة بصفة عامة في المدى القريب والمتوسط، بفضل توقعات الطلب المتزايد والمتواصل من قبل المواطنين على القطاع السكني.

صعود بعد انخفاضات استثنائية

نوّه تقرير «الوطني» إلى ارتفاع مبيعات القطاع التجاري في الربع الثالث من 2020، لتصل إلى 91 مليون دينار، بنمو 5 أضعاف على أساس ربع سنوي، بفضل تخفيف القيود، على الرغم من بقائها عند مستويات منخفضة مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة بنحو 54 في المئة على أساس سنوي.

وعزا التقرير ارتفاع المبيعات إلى انتعاش عدد الصفقات بنحو 7 أضعاف على أساس ربع سنوي، في أعقاب الانخفاضات الاستثنائية الناتجة عن «كورونا» في الربع الثاني من 2020، وإن كانت تعتبر منخفضة بنحو 82 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بمستوياتها الاعتيادية خلال فترة ما قبل الجائحة.

ويأتي ذلك في وقت وقع القطاع التجاري، الذي عادة ما يشهد مبيعات أقل من القطاعات الأخرى، تحت وطأة ضعف الأنشطة التجارية خلال فترة الإغلاق، في ظل توارد التقارير المختلفة عن المصاعب التي تواجهها بعض الشركات في تسديد قيمة إيجار المساحات التجارية، ما أدى إلى خفض قيمة الإيجار وتأجيل السداد لمختلف المستأجرين التجاريين، وإن كانت فئة مستأجري قطاع التجزئة هم الأشد تأثراً نظراً لارتفاع إيجارات مراكز التسوق.