نص القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في مادته العاشرة، على عدد من الالتزامات التي تستهدف الوقاية والاحتراز من ارتكاب جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع وجوب اتخاذ هذه الالتزامات من قبل المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة في القانون ذاته.

ومن ضمن تلك الالتزامات أنه يجب على الجهات الخاضعة أن تعيّن مراقباً للالتزام على مستوى الإدارة العليا، يكون مسؤولاً عن تنفيذ متطلبات قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويتم ذلك عبر إنشاء وحدة أو إدارة داخل المؤسسة، أو إيجاد موظفين تابعين للإدارة العليا، يكونون مختصين في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، ويُعرفون بمسؤولي أو مراقبي الالتزام والمطابقة «Compliance officer» أو بالفرنسية «Responsable de la conformité».

وكما هو معلوم، فإن لكل جهة من الجهات الخاضعة لقانون غسل الأموال جهة رقابية عليها لضمان التزامها بتطبيق الواجبات والمتطلبات المفروضة في القانون؛ ومن ثمَّ يكون مسؤول أو مراقب الالتزام أو إدارة الالتزام - في حال وجودها - الممثل «غير الرسمي» لهذه الجهات الرقابية داخل المؤسسات والأعمال والمهن الخاضعة لتطبيق سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويمثل أيضاً حلقة الوصل بين الجهات الرقابية والمؤسسة الذي يتبع لها، إذ يفترض أن يكون مكلفاً بمتابعة ما يستجد من تعليمات صادرة من الجهات الرقابية المختصة بغسل الأموال، سواءً الداخلية أو الخارجية، كما أنه مكلف بالتأكد من استيفاء الجهة التي يتبع لها للواجبات والالتزامات المفروضة عليها من جهات الرقابة، ومن القوانين واللوائح والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

من هنا يمكننا تعريف مراقب الالتزام في إطار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بأنه شخص في الإدارة العليا للمؤسسة أو الأعمال والمهن المحددة في القانون، يتولى تحديد وتقييم وتقديم المشورة والمراقبة، ورفع التقارير عن مدى التزام الجهة التي يتبع لها بالقواعد واللوائح والقوانين المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي هذا السياق لا بد أن نشير إلى أن معظم الدول تضع عدداً من الشروط اللازم توافرها فيمن يتولى هذه المسؤولية، من أهمها أن يكون المرشح لوظيفة مراقب التزام من المواطنين، وقضى عدد ساعات تدريبية في مجال غسل الأموال، واجتاز أيضاً اختبارات محددة في المجال نفسه تضعها الجهات الرقابية.

وتختلف التشريعات في ضرورة وجود مراقب الالتزام باعتباره فرداً في الإدارة العليا في المؤسسة أو إدارة متكاملة تتبع الإدارة العليا، وذلك حسب حجم المؤسسة وأعمالها، وتختلف التشريعات أيضاً من ناحية وجود مراقب الالتزام بشكل دائم في المؤسسة أو المهنة، أو جواز الاستعانة فيه بشكل موقت عند الحاجة للمشورة والمراقبة والتقييم أو خلال فترة محددة من السنة.

إن من أهم الأعمال والواجبات المنوطة بمراقب الالتزام أو إدارة الالتزام - إن وُجدت - تنطوي على التنظيم والرقابة والمتابعة الداخلية داخل المؤسسة التي ينتمي لها بهدف المساعدة على الكشف والإبلاغ عن الأنشطة المشتبه بانخراطها في عمليات غسل أموال أو تمويل إرهاب، والتنسيق مع الجهات المختصة في شأنها؛ إذ ترتكز مهمته على حماية المؤسسة من مخاطر الولوج في المال المشبوه وعدم تسهيل تداوله وإخفائه عبر المؤسسة المنتمي لها. ومن الممكن أن نلخص مهام مراقب الالتزام في عدد من الأمور، أهمها:

1- المساعدة في وضع سياسة وإجراءات داخلية تحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والعمل على تنفيذها داخل المهنة أو المؤسسة التي ينتمي لها.

2- الرقابة على مدى مطابقة الأنظمة والمعاملات داخل المؤسسة مع القوانين واللوائح والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

3- وضع آلية لدراسة تقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى الخدمات والمعاملات المقدمة من مؤسسته أو العملاء الذين يتعاملون معها.

4- المتابعة الدورية لملفات العمليات والعملاء التي تظهر تقييماً عالي المخاطر.

5- مراقبة ومتابعة المؤشرات والتوصيات الصادرة من الجهات المختصة وتنظيمها وتفعيلها داخل المؤسسة.

6- رفع التقارير والتوصيات للإدارة العليا حول مدى مطابقة الالتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب داخل المؤسسة.

7- التدريب المستمر وحضور الدورات اللازمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتدريب واختبار العاملين في المؤسسة على الكشف والإبلاغ عن العمليات والعملاء عالي المخاطر.

لذا، من الواجب على مراقبي ومسؤولي الالتزام الحصول على المعرفة اللازمة والمستنيرة في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ وأهم هذه الأمور في القانون الكويتي الإحاطة بقانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولائحته التنفيذية من حيث الجرائم التي يحتويها والالتزامات التي يفرضها، وترجمة هذه المعرفة في المؤسسة التي ينتمي لها، والمتابعة الدورية للتعليمات الصادرة من الجهات الرقابية عموماً، ومن وحدة التحريات المالية خصوصاً، لا سيما النماذج التي تطرحها لكيفية الإبلاغ عن شبهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعن المؤشرات عالية الخطورة حول العمليات والعملاء، ومتابعة كل ما يُطرح من الهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية المحلية أو الدولية المتخصصة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولا بد أن نشير ختاماً إلى أن المادة 33 من القانون رقم 106 لسنة 2013 فرضت عقوبة الغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد على 500 ألف دينار على المؤسسات المالية والمهن والأعمال الخاضعة لهذا القانون، أو أي من أعضاء الإدارة التنفيذية أو الإشرافية أو المديرين، في حال عدم تعيين مراقب ومسؤول الالتزام عن عمد أو إهمال.

* أستاذ القانون الجزائي المساعد في كلية الحقوق - جامعة الكويت

Mail: ahmad.alqahtani@ku.edu.kw