أوضح بنك الكويت الوطني، أن النشاط الاقتصادي في الكويت شهد تعافياً ملحوظاً في الربع الثالث من 2020، بالتزامن مع رفع معظم التدابير الاحترازية تدريجياً، بما في ذلك عمليات الإغلاق وحظر التجول والقيود المفروضة على الحركة والتنقل، التي تم فرضها بين مارس ويونيو لاحتواء تفشي جائحة «كوفيد- 19».

ورجح البنك أن يصل العجز في الكويت إلى 10.5 مليار دينار (33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، وفقاً لسعر قدره 50 دولاراً لبرميل النفط، وتقليص النفقات بنسبة 5 في المئة، مشدداً على أن ذلك العجز ما زال مرتفعاً للغاية، ويؤكد أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لتعزيز الكفاءة، وتبني برنامج الإصلاح الشامل في المدى المتوسط.

وبيّن البنك في تقريره الاقتصادي، أنه انعكاساً للتحديات التمويلية التي تواجه الكويت على المدى القريب، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني السيادي للدولة درجتين إلى «A1»، والتي تعتبر درجة استثمارية قوية.

وأوضح التقرير أنه يمكن للكويت تحمل المزيد من الاقتراض نظراً لانخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وأفاد بأنه في واقع الأمر، إذا تم إقرار قانون الدين العام الجديد، واستغلت الكويت أسواق الدين المحلية والدولية، من خلال إصدارات جديدة بقيمة صافية تصل إلى 3 مليارات دينار سنوياً، فإن الدين العام سيظل عند مستوى 31 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي بحلول (2023 /2024)، مقابل 12 في المئة للعام الحالي.

وشدّد على أنه رغم ذلك، لا ينبغي اعتبار إمكانية زيادة الديون بديلاً عن تطبيق الإصلاحات المالية، التي توفر طريقاً إلى الاستدامة على المدى الطويل.

واعتبر أنه يجب أن تتضمن خطوات ضبط أوضاع المالية العامة في مرحلة ما بعد الجائحة، خفض النفقات المتكررة مع إعطاء الأولوية للمشاريع التنموية، إضافة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية.

ورأى «الوطني» أنه رغم التدابير الأخيرة لدعم صندوق الاحتياطي العام، إلا أن أصوله السائلة قد تستنفد خلال الأشهر المقبلة، ما يعني أن هناك حاجة ملحة لإقرار قانون الدين العام الجديد.

أنشطة الأعمال

أشار التقرير إلى استقرار متوسط سعر النفط في الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية، عند مستوى 35 دولاراً للبرميل، أي أقل بكثير من التقدير البالغ 78 دولاراً اللازم لتحقيق توازن الميزانية.

وأفاد البنك في تقريره الاقتصادي، بأن أنشطة الأعمال مازالت أقل من مستوياتها الاعتيادية قبل الأزمة، وأن ظهور موجة ثانية من الجائحة على مستوى العالم اعتباراً من سبتمبر خصوصاً في أوروبا، فضلاً عن الزيادة الملحوظة في حالات الإصابات الجديدة على المستوى المحلي، تهدد بفرض قيود جديدة وعودة التداعيات الاقتصادية إلى واجهة الاحداث مجدداً في الربع الرابع من العام الحالي.

ولفت التقرير إلى استقرار معدلات الإنفاق الاستهلاكي عند مستويات قوية للغاية، على خلفية الطلب المكبوت وإجراءات الدعم التي تم تطبيقها، في حين عادت مبيعات العقار تقريباً إلى مستويات ما قبل أزمة كورونا.

وبين أنه من جهة أخرى، مازال إنتاج النفط ضعيفاً في إطار الالتزام بتطبيق سياسة «أوبك» وحلفائها، إلى جانب ضعف وتيرة ترسية المشاريع في الربع الثالث من العام الحالي، والتي لم تزد كثيراً عن أدنى مستوياتها المسجلة منذ سنوات عدة والتي شهدتها في الربع الثاني من العام الحالي.

ونوه إلى إمكانية التغلب على ضغوط التمويل على المدى القريب من خلال إقرار قانون الدين العام الجديد، إلا أنها تبرز أيضاً الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات مالية جوهرية بعد الانتخابات البرلمانية في 5 ديسمبر المقبل.

أسعار النفط

ولفت التقرير إلى انخفاض أسعار النفط في الربع الثالث، إذ تراجع سعر مزيج خام برنت بنسبة 0.5 في المئة على أساس ربع سنوي وأغلق عند مستوى 41 دولاراً للبرميل.

ونوه بأنه رغم من تحرك الأسعار ضمن نطاق محدود خلال شهر يوليو، إلا أنها ارتفعت في أغسطس واقتربت من أعلى مستوياتها خلال ما يقارب شهرين عند مستوى 45 دولاراً تقريباً، بدعم من تحسن بيانات سوق العمل الأميركي، وتراجع مخزونات الخام الأميركي بمستويات أفضل مما كان متوقعاً.

واعتبر أن تزايد حالات الإصابة بالفيروس، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، ألقت بظلالها على سوق النفط، ما أثار مخاوف بشأن استدامة انتعاش الطلب خلال الصيف.

وأوضح أن وكالة الطاقة الدولية خفضت تقديراتها للطلب على النفط للعامين الحالي والمقبل، في ظل استمرار ارتفاع مخزونات النفط العالمية بالتزامن مع العودة إلى فرض حظر التجول الجزئي والقيود المفروضة على التنقل في أجزاء مختلفة من أوروبا.

وبيّن أنه في منتصف أكتوبر، ارتفع سعر مزيج خام برنت إلى نحو 43 دولاراً للبرميل بفضل التقدم المحرز على صعيد انتاج اللقاح والتفاؤل بشأن حزمة التحفيز المالي الأميركية.

ويأتي ذلك في وقت بلغ سعر خام التصدير الكويتي، والذي يعتبر المؤشر المحلي لأسعار النفط، 41.3 دولار للبرميل في منتصف أكتوبر، بعدما ارتفع 13 في المئة خلال الربع الثالث، نظراً لتقليص معدل الخصومات على أسعار أنواع النفط القياسية الأخرى في ظل تعافي الطلب.

وأظهر ارتفاع إنتاج النفط الكويتي في الربع الثالث من أدنى مستوياته المسجلة في 16 عاماً، بمقدار 2.09 مليون برميل يومياً ليصل إلى 2.29 مليون برميل يومياً في سبتمبر، إذ كان التزام الكويت بخفض حصص الإنتاج التي أقرتها «أوبك» مع حلفائها مثالياً، وبلغ في المتوسط 101.3 في المئة خلال الربع الماضي.

الناتج المحلي

أظهرت البيانات الأولية أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، انكمش 1 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2020.

ويعتبر هذا الربع الثاني على التوالي من الانكماش بعد تسجيل انخفاض 1.1 في المئة خلال الربع الرابع من 2019، والذي تفاقم نتيجة لتراجع النشاط التجاري في مارس على خلفية الجائحة ما أجبر الموظفين للبقاء في منازلهم، وتسبب في إغلاق بعض الأعمال التجارية وسط فرض تدابير حظر التجول الجزئي.

وأشار التقرير إلى أن نسبة الانكماش في الناتج المحلي غير النفطي بلغت 3.5 في المئة على أساس سنوي، ما يعتبر الأسوأ على مدار الأرباع الثمانية الماضية.

وأوضح أنه في المقابل، شهد الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي، نمواً بـ1.2 في المئة بظل ارتفاع إنتاج النفط (2.74 مليون برميل يومياً في المتوسط في الربع الأول من العام الحالي) بعد انتهاء العمل باتفاقية «أوبك» وحلفائها في مارس.

وتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 ككل بنسبة 6.2 في المئة، مع انكماش القطاع النفطي 8 في المئة، والقطاع غير النفطي 4 في المئة.

واعتبر أنه في ظل التعافي الجزئي حالياً للقطاع غير النفطي، بدعم من الإنفاق على مبيعات التجزئة، وبفضل تقليص تخفيضات حصص الانتاج على الجانب النفطي، ووسط توقعات بارتفاع هامشي في أسعار النفط العام المقبل، يمكن للاقتصاد الكويتي، أن ينمو بنحو 2 في المئة عام 2021.

ورجح أن ينمو القطاع غير النفطي 3 في المئة العام المقبل، ما يعد أسرع وتيرة نمو يسجلها منذ 2015.

العجز المالي

لفت التقرير إلى تسجيل الحكومة لعجز مالي قدره 3.9 مليار دينار، في السنة المالية (2019 /2020) وبنحو 9.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019، إذ تراجعت الإيرادات 16.2 في المئة إلى 17.2 مليار دينار على خلفية انخفاض أسعار خام تصدير النفط الكويتي 10.2 في المئة.

وكشف عن تراجع الإنفاق 3.2 في المئة إلى 21.1 مليار دينار مع انخفاض النفقات الرأسمالية 13.1 في المئة، وسط إلغاء أو تأجيل المشاريع التنموية ومخفض التكاليف.

ونوه بانخفاض النفقات الجارية 1.7 في المئة على خلفية خفض الدعوم، والتي تشمل تكاليف الوقود بنسبة 17.5 في المئة.

وذكر التقرير أنه تم تمويل العجز من خلال صندوق الاحتياطي العام، الذي انخفضت أصوله المتبقية إلى 16.9 مليار دينار في مارس 2020 حسب تقارير عدة.

وأفاد باتخاذ الحكومة إجراءات عدة للحد من عمليات السحب والحفاظ على الأموال السائلة المتاحة في صندوق الاحتياطي العام، بما في ذلك مبادلة أصول بقيمة 2.5 مليار دينار لدى صندوق الاحتياطي العام مقابل سيولة من صندوق الأجيال المقبلة، وتحويل الأموال من المؤسسات الحكومية المستقلة ووقف استقطاع حصص صندوق الأجيال القادمة بنسبة 10 في المئة بحال تسجيل عجز.

ويأتي ذلك في وقت تتوقع الحكومة تسجيل عجز في ميزانية السنة المالية (2020 /2021)، بقيمة 14 مليار دينار، وفقاً لافتراض سعر النفط عند مستوى 30 دولاراً للبرميل.

المبيعات العقارية

وبين «الوطني» أن المبيعات العقارية عادت تدريجياً للانتعاش بعد تخفيف التدابير الاحترازية في شهر يونيو.

وبلغ إجمالي المبيعات العقارية 662 مليون دينار في الربع الثالث من 2020، بزيادة نحو 6 أضعاف عن الربع السابق، رغم انخفاضها 20 في المئة مقارنة بأداء الربع الثالث من 2019.

ورأى أنه في ظل التداعيات الشديدة التي خلفتها الجائحة على النشاط التجاري وطلب الوافدين على العقار، فإن القطاعين التجاري والاستثماري سيستغرقان وقتاً أطول للتعافي، مع تأثر القطاع الاستثماري سلباً بارتفاع معدلات الشواغر نسبياً حتى قبل الجائحة.

وتوقع أن يشهد أداء القطاع السكني مرونة ملحوظة نظراً لقاعدة الطلب المحلي، التي لم تتأثر في الأغلب ونتيجة للعرض المحدود خصوصاً في المناطق الرئيسية، في وقت سيعتمد تعافي قطاع العقار على وتيرة التعافي الاقتصادي ومدى استمرار كورونا.

ارتفاع الإسناد

وأوضح التقرير أنه وفقاً لمجلة ميد، فقد ارتفعت قيمة المشاريع التي تم إسنادها إلى 192 مليون دينار في الربع الثالث من 2020 مقارنة بأدنى مستوياتها المسجلة في سنوات عدة والتي بلغت 106 ملايين في الربع الثاني من العام الحالي.

وأرجع ذلك بشكل حصري تقريباً الى إسناد مشروع واحد فقط، وهو الأعمال الأرضية من مشروع توسعة مبنى الركاب الجديد بمطار الكويت الدولي بقيمة 165 مليون دينار.

وأضاف التقرير أن إجمالي قيمة المشروعات التي تم إسنادها بلغ 866 مليوناً منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الثالث.

وأوضح أنه يبدو أنه لن يتم تحقيق المستويات المستهدفة لترسية المشاريع البالغة 2.1 مليار دينار كما كان متوقعاً في وقت سابق بحسب توقعات «ميد».

الإنفاق والتضخم

أفاد تقرير «الوطني» بأن الإنفاق الاستهلاكي واصل انتعاشه القوي، إذ تشير أحدث البيانات الصادرة عن شركة الخدمات المصرفية الآلية «كي نت»، إلى تسارع وتيرة نمو إجمالي المعاملات (عمليات السحب من أجهزة السحب الآلي ونقاط البيع والمشتريات عبر الإنترنت) إلى 30 في المئة على أساس سنوي في سبتمبر، مقابل 27 في المئة لأغسطس، وتراجع بنسبة 2.6 في المئة ليونيو.

ولفت التقرير إلى ارتفاع معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى أعلى مستوياته المسجلة في أكثر من 3 أعوام، وصولاً إلى 2.2 في المئة على أساس سنوي في أغسطس، بدعم من استمرار زيادة تكلفة المواد الغذائية بنحو 5 في المئة، والمفروشات المنزلية ومعدات الصيانة بنحو 3.7 في المئة، والسلع والخدمات المتنوعة 5.5 في المئة.

وأوضح أنه على صعيد تضخم أسعار الإيجارات السكنية، ظل مستقراً في أغسطس، وأنه رغم تحديث قراءات المؤشر عادة كل 3 أشهر فقط، إلا أن مؤشر الإسكان ظل محتفظاً حتى الآن بمستوياته السابقة نفسها لمدة 14 شهراً على التوالي، إذ لم يسجل بعد أي ضغط هبوطي على الإيجارات خلال الجائحة في ظل مغادرة بعض الوافدين للبلاد.

وتوقع أن يتراجع معدل التضخم العام المقبل إلى 1.5 في المئة، على أساس سنوي في ظل تأثير الأداء الضعيف للإيجارات السكنية على معدل التضخم الكلي.

وأكد أنه من المستبعد امتداد موجة ضغوط الأسعار الأساسية لفترة طويلة، نظراً لتوقع أن يشهد الأداء الاقتصادي مستويات نمو متواضعة.

ويأتي ذلك في وقت ظل نمو الائتمان المحلي قوياً خلال شهر أغسطس، إذ بلغ 0.5 في المئة على أساس شهري، ما أدى إلى نمو بنسبة 4.9 في المئة على أساس سنوي، في حين كانت التسهيلات الشخصية تمثل الدافع الذي ساهم في تحفيز النمو، بينما ظل الائتمان التجاري ضعيفاً.

وأفاد التقرير بأنه بعد انخفاض التسهيلات الشخصية بين فبراير ومايو، عاد مرة أخرى ليسجل انتعاشاً قوياً، إذ ارتفع بنسبة 1.5 في المئة على أساس شهري في أغسطس، و4.8 في المئة على أساس سنوي.

ونوه إلى أنه بعد انخفاض ودائع المقيمين في يوليو، عاودت انتعاشها مجدداً، وحقّقت نمواً بنسبة 1.3 في المئة على أساس شهري في أغسطس، و5.4 في المئة على أساس سنوي.

ارتفاع تداولات البورصة

لفت تقرير «الوطني» إلى ارتفاع مؤشر السوق العام لبورصة الكويت 6.1 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من 2020، على خلفية ارتفاع أسعار النفط والتفاؤل بتحقيق انتعاش اقتصادي بعد رفع القيود المتعلقة بكورونا.

وأشار إلى ارتفاع متوسط التداولات اليومية من حيث كمية الأسهم المتداولة إلى 233 مليون سهم في الربع الثالث من عام 2020، بخلاف المتوسط اليومي للأسهم المتداولة والتي بلغت 148 و165 مليون سهم خلال الربع الثاني من 2020 والربع الثالث من 2019 على التوالي.