أكد الموزع الموسيقي ربيع الصيداوي أن الفن ليس إمكانات فقط، بل هو أخلاقيات في البداية، لافتاً إلى أن هناك فنانين مزيفين، موجودون على الساحة الغنائية «وهم الذين تجدهم دائماً مهتمين بالإعلام وفي محاولة إظهار أنفسهم في أنقى صورة ويريدون تحقيق أكبر نسبة من المشاهدة مقارنة مع الفنان الحقيقي».

ورأى الصيداوي في حوار مع «الراي»، أن «على الفنان أن يسعى حاله حال غيره للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، وألا يجعل موهبته سبباً في أن يكون كسولاً، وللأسف غالبية الفنانين الحقيقيين كسالى»، مشيراً إلى أن بعض الفنانين لولا وجود التكنولوجيا لما استطاعوا الغناء.

الصيداوي أفصح عما يجول في خاطره بما يشبه فضفضة المشاعر المكنونة، بحكم طبيعة عمله التي رأى فيها نفسه مظلوماً، كاشفاً عن أنه عندما طالب بحقه «زعل» منه بعض من هم معه في الوسط الفني الغنائي.

• في البداية، هل لك أن تتحدث عن أهمية التوزيع الموسيقي في تنفيذ الأغنية ؟ - التوزيع الموسيقي مهم جداً، لما له من دور واضح في الأغنية، ونادراً ما يتم الاستغناء عنه في الأغنية الخليجية. فالموزع الموسيقي هو المسؤول عن الجو العام للأغنية من اختيار الإيقاع، السرعة والآلات المصاحبة، إضافة إلى المقدمة الموسيقية والصولو والتحويلات الموسيقية وغيرها.

• هل نستطيع أن نقول إن التوزيع الموسيقي هو المسؤول الأول عن فشل أي عمل غنائي؟ - نعم، فمثلما كان التوزيع الموسيقي سبباً في نجاح الكثير من الأغاني، فبالتأكيد يكون سبباً في فشلها أيضاً.

• من أين تبدأ مهمتك الفعلية كموزع موسيقي وأين تنتهي ؟ - تبدأ من بعد اتفاق الملحن والشاعر على طريقة غناء الكلام، ومن ثم يأتي الملحن ويجلس معي ويقدم لي الجملة الموسيقية ومن هنا أبدأ بوضع الفكرة العامة للأغنية من إضافة الآلات والجمل الموسيقية، إلى أن أنتهي منها وأسلمها للملحن، وهنا ينتهي دوري.

• هل هناك مدارس في التوزيع، وما هي؟ - نعم، هناك مدارس في التوزيع الموسيقي، ولكن للأسف ليس في موسيقانا العربية. هذه المدارس موجودة في الخارج، وهي مشهورة جداً وجميعنا نعرفها وهي «الجاز»، «الهيب هوب»، وغيرهما، وهذه لها آلاتها الخاصة وتوزيعها مختلف. ونحن في الموسيقى العربية لا نستخدم مثل هذه المدارس، لأننا نعمل على قالبين، هما الكلاسيكي والحديث الذي تطور أخيراً، وبدأنا نأخذ جملاً من الجاز وندمجها مع الموسيقى الخليجية، فأصبح لدينا «مكس»، وأنا مع هذا الشيء، ولكن بحذر حتى لا أطمس الهوية الخليجية.

• بما أن الموزع يقدم جملاً موسيقية من ابتكاره وخياله الفني، فكيف له أن يضمن حقوقه الفنية؟ - قبل فترة قريبة جداً، كان هناك جدل بخصوص هذا الموضوع في كيفية حفظ حقوق الموزع، لأنه عادة يقوم بتأليف الجمل الموسيقية الخاصة بالأغنية، ولكن لم ننته بشيء مفيد. هناك نموذج جميل في مصر، حيث عملوا على أن يكتب في «تتر» الأغنية فواصل موسيقية وتوزيع موسيقي إلى جانب اسم الموزع حتى يضمن حقه ويعرف الجمهور أن هذه الفواصل من تأليف الموزع نفسه.

• موضوع التوزيع الموسيقي سبّب مشاكل بين بعض الملحنين والموزعين، والسبب أن هناك من يقول إن الموزع أخذ دور الملحن في الأغنية. ما تعليقك؟ - بعض الملحنين بدأوا «يتحسسون» مما يقدمه الموزع للعمل، وأنا شخصياً حدثت لي مشكلة مع ملحن كبير (زعل) لأنني قلت له أريد أن أكتب بجانب اسمي توزيع وفواصل موسيقية، واستغربت من ردة فعله. والمفروض ألا «يزعله» هذا الأمر، لأنني لم أتعدَ على حدوده في العمل، بل بالعكس، أنا أضفت رؤية موسيقية مكملة لرؤيته في التلحين.

• هل الموزع الموسيقي مظلوم في إبراز دوره بين المطرب والملحن والكاتب أمام الجمهور؟ - نعم، والسبب أن الناس يظنون أن الملحن هو الذي يعمل كل شيء في الأغنية حتى تظهر لهم بالشكل الذي شاهدوه أو سمعوه. فالصورة النمطية عن الملحن ما زالت موجودة في ذهن الناس وأعتقد أن السبب في هذا هو الموزع الموسيقي، لأنه كسول جداً في الإعلان عن نفسه، بحكم أن غالبية وقته تكون في العمل. لهذا، نجده لا يبرز في الإعلام، إضافة إلى أن في مجتمعنا العربي ليس لدينا حقوق للموزع الموسيقي، وللأسف لا أحد يتكلم ويدافع عنا، فتجد الموزع هو من يتكلم عن نفسه. تخيّل، أنا في الكويت ليس لدي مسمى وظيفي أستطيع أن أسمي نفسي به.

• هل ساهمت التكنولوحيا في تحسين أصوات بعض من الفنانين؟ - بعض الفنانين لولا وجود التكنولوجيا لما استطاعوا الغناء، وأعتقد أن المستمع انتبه لهذا الموضوع، خصوصاً عندما يستمع لأغنية من فنان ويستمتع بصوته، ومن ثم يستمع للفنان نفسه في حفل (لايف) ويُصعق! والمشكلة أن مثل هؤلاء الفنانين لا يعترفون بقلة إمكاناتهم وضعف صوتهم، علماً أن هذا ليس عيباً، ولكن رحم الله من عرف قدر نفسه. فلا يصح أن يكون صوتك ضعيفاً وتنتقد الفنانين الكبار وأنت تعلم أن البرامج الإلكترونية هي التي جعلتك تغني.

لا مانع أن يكون صوتك ضعيفاً، ولكن لديك رسالة وتريد أن تؤديها، وبمساعدة التكنولوجيا صنعت لنفسك أسلوباً موسيقياً وأصبح صوتك حلواً، وقدمت من خلاله عملاً يحبه الناس. ولكن الأهم أن تقتنع بإمكاناتك وتحترم إمكانات الأكبر منك من الذين يغنون من غير مساعدة مثل هذه البرامج.

• بصراحة، هل هناك فنان حقيقي وفنان مزيف؟ - أكيد، فالفن ليس إمكانات فقط، بل هو أخلاقيات ومن ثم إمكانات. نعم، لدينا فنانون مزيفون، وهم الذين تجدهم دائماً مهتمين بالإعلام وفي محاولة إظهار أنفسهم في أنقى صورة ويريدون تحقيق أكبر نسبة من المشاهدة مقارنة مع الفنان الحقيقي الذي لديه مشكلة، وهي إيمانه بفكرة أن من يريده عليه أن يقدر موهبته ويبحث عنه، لكن للأسف نحن لسنا في العصر الكلاسيكي. فعلى الفنان أن يسعى حاله حال الغير للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، وألا يجعل موهبته سبباً في أن يكون كسولاً، وللأسف غالبية الفنانين الحقيقيين كسالى.

• توقفك عن العمل مع فرقة ميامي هل هو لمصلحتهم؟ - لمصلحتنا جميعاً، فهم جميعهم إخواني وأقرب شخص لي في الدنيا هو الفنان خالد الرندي، وسبب توقفي هو أنني أردت أن أُدخل موسيقى جديدة وأعمل أسلوباً ثانياً لفرقة «ميامي»، لكن خالد رفض لأنه ما زال مُصرّاً على «ستايل الفرقة» المعروف، وهو يراه صحيحاً وأنا أحترم رأيه جداً. لكن وصل الأمر إلى أنه عندما يقدم لي الأغنية وأشتغل عليها لا تعجبه، وأصبحت بيننا حرب داخل الاستوديو، فقلت له مستحيل أن أخسرك ولا أريد أن أخسرك، دعنا نكون أصدقاء ولكن لا ينفع أن نعمل مع بعض.

• ارتبط اسمك باسم الفنان بشار الشطي في أعمال كثيرة ناجحة. ما السر وراء هذا النجاح المتكرر؟ - النية الصافية وحبنا وشغفنا للعمل والرسالة الفنية المشتركة بيننا التي نسعى دائماً إلى إيصالها، والحمد لله استطعنا أنا وبشار أن نقدم أعمالاً نالت استحسان ورضى الناس. وللعلم، هو مكافح ومجتهد جداً ومحب لعمله، ولهذا السبب أنا مستمتع بالعمل معه ويحفزني لتقديم فن مختلف ومميز.

• لك أيضاً بصمة واضحة في صناعة الإعلانات التلفزيونية من ناحية التوزيع، فهل وجدت في هذا المجال ما لم تجده في الأغنية؟ - ما يميز الإعلانات التلفزيونية، أنني أخرج من العمل العاطفي المعتاد وأدخل في عمل مواضيع أخرى بها رسائل وأهداف سامية تخدم المجتمع، ومثل هذه الإعلانات تجعلني كموزع موسيقي أطلق العنان لكل ما بي من أفكار ناتجة عن حبي لمثل هذه النوعية من الأعمال.