في خطبته، وهو يعاني مرض موته، وقد حمله أصحابه إلى المنبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت من آخر كلماته: «أيها الناس إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله»، عندها انفجر أبو بكر بالبكاء وعلا نحيبه، ووقف ثم قاطع النبي قائلاً: «فديناك بآبائنا، فديناك بأمهاتنا، فديناك بأولادنا، فديناك بأزواجنا، فديناك بأموالنا وظل يرددها».

إن موقف أبي بكر في فداء النبي، في ذاك الوقت لا ينفصل أبداً عن موقفنا اليوم لنصرة النبي المصطفى ضد من يسيئون إليه، فالحب الذي ملك قلب أبي بكر في ذاك الزمان هو الحب نفسه الذي يتملك قلوب المسلمين اليوم، بل إن شجبنا واستنكارنا لتلك الإساءات من رسوم وغيرها، إنما هي غضبة لله ولرسوله الكريم نعلن فيها رفضنا التام والمطلق لكل من يسيء إلى مقام نبينا الكريم، صلوات الله وتسليماته عليه.

لست في هذه المقالة بمعرض ذكر شمائل النبي المصطفى وأخلاقه الكريمة، التي تضيق عن حملها أمهات الكتب والأقلام، فيكفيه شرفاً قول الحق جل وعلا (وإنك لعلى خلق عظيم)، ولا نغالي أبداً إن قلنا إنه «خير خلق الله كلهم»، بل هو النور الوضاء للأكوان، وهو الرحمة المهداة للعالمين كافة.

لكن ما أود قوله نصرة لنبينا، أن دول الغرب عامة وفرنسا خاصة، تؤرقها شمس الإسلام التي تسطع على الدنيا يوماً بعد يوم، شاء من شاء وأبى من أبى، لماذا إذاً، تسيء فرنسا لرسولنا؟ وحاشاه صلى الله عليه وسلم، أن يناله من ذلك شيء، إنما هدفها الأول والأخير ضرب الإسلام بالإساءة إلى صاحب الرسالة الرمز نبينا الكريم، إنها تعاني مما يسمى«الإسلاموفوبيا»وتريد أن تفصل إسلاماً على هواها، إسلاماً تضيع فيه الهوية الإسلامية فلا حدود ولا شرائع.

فرنسا العلمانية ترفع شعار«إسلام فرنسا»وكانت تسعى لإقامة منظمة تسمى«إسلام دو فرانس» على حد قول الوزير الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان، والمقصود بإسلام فرنسا هو ذوبان الإسلام الحقيقي تحت مسمى اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي، إسلام ينتمي إلى ثقافتهم، ولكن هذا المشروع تعثر فكانت الهجمة الشرسة على الرسول الكريم.

إننا إزاء هذه الإساءات لن نتوانى عن نصرة نبينا بالقلم والفكر والكلمة، ثم المقاطعة المستمرة لكل منتجاتهم حتى تصل الرسالة مدوية، وفي هذا المقام نثمن عالياً موقف دولتنا الحبيبة الكويت الرسمي المتمثل في بيان وزارة الخارجية المستنكر لهذه الإساءات كما نثمن تضامن الشعب الكويتي بكل أطيافه في مقاطعة السلع الفرنسية لاسيما الجمعيات التعاونية، وفي الوقت نفسه نرفض تماماً أي إرهاب أو تطرف باسم الإسلام، لأن رسولنا الكريم يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

وأخيراً فإننا نطالب الأمم المتحدة، كما طالبت بعض المنظمات والدول، بتجريم الإساءة إلى النبي أياً كان مصدرها، كما نطالب الحكومة الفرنسية باعتذار رسمي لمقام نبينا الكريم.

h-alamer@hotmail.com humoudalamer