إن إحدى أهم القضايا التي تشغل دول ومنظمات العالم منذ منتصف القرن الماضي هي الأمن الغذائي، وهو من أبرز مقومات الأمن المجتمعي والعنصر الأساسي للأمن الشامل، وتبرز أهميته في وقت الأزمات والمحن.

العالم الآن - ومع بدء انتشار فيروس كورونا - يشهد تحولات سلبية في مختلف القطاعات الاقتصادية وخصوصاً لجهة إقفال الكثير من الشركات المنتجة، وإمداد الغذاء العالمي، ومنع وسائل النقل الجوية والبحرية والبرية ونقص الأيدي العاملة المساهمة في الإنتاج الزراعي، واحتكار البذور اللازمة للزراعة من قبل بعض الدول الصناعية، وهي المشكلة التي تعتبر الأكثر تعقيداً بسبب غياب البذرة الأم للزراعة، وبات تأمين الحاجيات من الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي ضرورة قصوى ومطلباً جوهرياً.

من الضرورة تشجيع مؤسسات البحث العلمي في الميدان الزراعي، وإنشاء محفظة اسثمارية داخل الصناديق السيادية، وتخصيص نسبة معينة من الأموال المرصودة منها للاستثمار في القطاع الزراعي، وتوجيه الصناديق الاستثمارية في هذا القطاع خارج الإقليم وفي الدول الصغرى المستقرة سياسياً، حيث تكون موازين ومجالات التفاوض أسهل ومفتوحة وقت الأزمات لتغطية الأسواق المحلية.

لذا لابدّ من الاهتمام بالقطاع الزراعي واستثمار وتطوير الإنتاج واستحداث آليات جديدة عبر إدخال التكنولوجيا، وعلى وجه الخصوص الزراعات الذكية وإنترنت الأشياء والتحول الرقمي للزراعة، ووضع إستراتيجيات وخطط مناسبة لمواجهة المخاطر والكوارث، وضرورة إنشاء تسهيلات ائتمانية للمزارعين واعتبارها من ضمن الخدمات الأساسية، وتوجيهها نحو الزراعات والسلع الرئيسية، وتقييد صادرات بعض المنتجات المحلية.

وفي ظل هذه الظروف غير المتوقعة يجب رسم خريطة لسلاسل التبريد التي يمكن استخدامها للتخزين في حالات الطوارئ وتقييمها، وتطوير منصات لنظام الاستلام من المستودعات، تمكّن المزارعون من تسليم منتجاتهم مباشرة إلى المستهلكين من دون الحاجة إلى التوجه إلى الأسواق، خصوصاً في ما يتعلق بالمنتجات القابلة للتلف مثل الفواكه والخضراوات، من أجل الحدّ من الآثار السلبية على توافرها وأسعارها وكذلك لمنع الهدر الغذائي.

الواقع يستدعي وجوب العمل على بناء مجتمعات زراعية أكثر قوة وقدرة، بغية الصمود في وجه التحديات العاصفة وجعل المنتج المحلي في طليعة الاهتمام وبما يلبي رغبات واحتياجات المستهلك المحلي، واستقرار الوضع الغذائي.

ومن الأهمية بمكان أن تضع الدولة في سلّم أولويات مشاريعها برامج لحماية شعوبها من مخاطر التجويع، وخلق مناخ علمي يساهم في تجاوز الصعوبات المحتملة، وذلك عبر تطبيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والسلع الأساسية الاستهلاكية، ومعالجة التدهور الذي قد يترافق مع الأزمات ويتضاعف مع ارتفاع وتيرة التغيرات المناخية، والزحف العمراني، والنمو السكاني السريع غير المتوافق مع زيادة الإنتاج السلعي الزراعي والحيواني اللازم لتحقيق الاكتفاء الغذائي.

ومن الطبيعي أن الدولة التي باتت تعي المصاعب المتلاحقة، لا شك أنها تراعي مسألة البحث عن مخرج لقضية كميات المياه التي تشير إلى تفاقم الأزمة على مستوى العالم، مما قد يجعل بعض الدول تقيّد تصديرها للسلع المطلوبة مستقبلاً، ما يشكلّ خطراً على مستقبل الأمن الغذائي، فهل من برامج فعلية وواقعية تبعد شبح الخوف عن مجتمعاتنا التي تعيش حالات رعب من مراحل السيناريوهات المقبلة.

تويتر/ suhailagh1 انستغرام/ suhaila.g.h kwt.events suhaila.g.h@hotmail.com