في وقت اعتمدت فيه اللجنة العليا للعفو الأميري قواعد العفو لعام 2021 تنفيذاً للتوجيهات السامية لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بالعفو عن بعض المساجين وتأهيلهم ليكونوا أدوات فاعلة في بناء المجتمع، وإقرار السوار الإلكتروني لعقوبات الحبس البسيط التي لا تتجاوز مدتها 3 سنوات، وذلك بعد إطلاق سراح بعض المحكوم عليهم الذين لا يشكلون خطراً على الأمن العام مع تقييد إقامتهم في نطاق محدد خلال فترة الرقابة إلى حين انتهاء مدة الحبس المقررة بالحكم، أشاد قانونيون بفكرة السوار الإلكتروني الجديدة غير المسبوقة محلياً، معتبرين أنها «فكرة متطورة تفيد المسجون وتساعد على إعادة تأهيله بشكل أفضل وتعود بالنفع على المجتمع فضلاً عن توفيرها كلفة السجن».
نظام فعّال
وفي هذا السياق، قال أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت الدكتور علي الدوسري لـ «الراي»، «يعد نظام السوار الإلكتروني من القواعد الحديثة لتتبع المسجون الذي منح العفو، في نظام جديد من نوعه في المنطقة، حيث إن هذا النظام يعمل على تتبع المسجون بعد العفو عنه من قبل الإدارة المعنية ورصد تحركاته»، لافتاً إلى أن «هذا النظام فعال جداً من الناحية الأمنية، حيث يضمن تتبع المسجون والتأكد من حسن سيره وسلوكه، لأن المسجون قد يعود إلى الأفعال الإجرامية، خصوصاً أنه سبق وأن ارتكب أحد تلك الأفعال».
وأضاف: «من الناحية القانونية فإن هذا الإجراء لا يشكل أي انتهاك للقانون، حيث إن أي سجين عند خروجه من السجن هناك فترة يكون فيها متابعاً من الإدارة، لأن فكرة السجن والعقوبات الجزائية ليست قائمة على الايذاء والتعذيب وإنما الإصلاح والتهذيب، ومتابعة وتعقب المسجون بعد خروجه يدخلان ضمن برنامج إعادة التأهيل والإصلاح له، ولا يوجد هناك أي انتهاك لحقوقه مثل حرية التنقل أو الخصوصية، لأن المسجون في الفترة التي يحمل فيها السوار يكون مازال ضمن البرنامج التأهيلي، وبالتالي هي فترة موقتة استثنائية لابد أن يمر بها المسجون».
مواكبة التطور
واختتم قائلاً إن «هذا الإجراء من وجهة نظرنا يواكب التطور التكنولوجي الذي يخدم الإدارة في عملها، ويخدم المجتمع من الناحيتين الأمنية والاجتماعية، وهو توجه محمود من الناحية القانونية ويرجع بالشكل الإيجابي على المجتمع، ويشكل ميزة وسبقاً لدولة الكويت التي نتمنى لها التوفيق والسداد، وحفظ الله الكويت من كل شر ومكروه، وأعاننا الله على خدمتها، تحت رعاية صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده الأمين».
أما المحامية أريج حمادة فقالت لـ«الراي»، «خطت الكويت خطوة مهمة بتوسيع مجال المراقبة الإلكترونية من خلال اعتماد نظام تكييف العقوبة بتمكين المحكوم عليهم بقضاء كل العقوبة أو جزء منها خارج المؤسسة العقابية، ويتحقق ذلك بحمل السوار الإلكتروني وفقاً لشروط معينة حيث تعمل على تتبع حركات المسجون عن بعد، ولكن يجب أن يتم ذلك بعد تعديل القانون بحيث تتم إضافة نصوص تسمح باعتماد السوار الإلكتروني في مجال تطبيق العقوبة».
إيجابيات
وأضافت «يقوم هذا الإجراء على أساس تعهد الشخص بالبقاء في مقر إقامته أو في مقر من يأويه خلال الفترة التي يحددها القاضي، ويسمح له بمزاولة نشاطاته أو دراسته أو تجارته أو عمله حيث تتم مراقبته إلكترونياً لتنفيذ العقوبة عن طريق سوار إلكتروني يثبت في رجل المتهم خلال المدة التي تحددها العقوبة»، لافتة إلى أن «نظام المراقبة الإلكترونية يعتبر أحد الأساليب الحديثة للمراقبة ولتنفيذ العقوبة السالبة للحرية خارج السجن باعتبارها عقوبة بديلة عن السجن ولكن يجب تحديد الجرائم».
واختتمت بالإشارة إلى أن «السوار الإلكتروني له إيجابيات عديدة منها تفادي الاكتظاظ في السجون وتخفيف الضغط ودعم مبادئ الادماج الاجتماعي والمهني، وحماية المتهم من الانحراف النفسي والسلوكي، كما أنه يلبي الحاجة إلى مراعاة الحالات الانسانية والاجتماعية للخاضعين للعقوبة، ويساهم في تخفيف مصاريف السجناء على الدولة».
بدورها، قالت المحامية حوراء الحبيب لـ «الراي»: «أعتقد أن فكرة السوار من الأفكار الرائعة والمتطورة في مجال تكوين منظومة عقابية وإصلاحية في آن واحد»، لافتة إلى أن «تلك الفكرة قد تساعد المتهم المسجون في الانخراط بالمجتمع ولكن وفق أسس عقابية، لا سيما أن السجون المركزية أصبحت لا تتسع للأعداد الهائلة من المساجين».
وذكرت «أن المتهم المحكوم عليه بعقوبات بسيطة كالحبس لمدة أسبوع أو أسبوعين قد يختلط مع مساجين آخرين محكوم عليهم بالحبس لسنوات، وقد تكون جرائمهم أكبر وأخطر، مما قد يؤثر ذلك سلباً على سلوك السجين المحكوم عليه بالعقوبة البسيطة»، مشددة على «ضرورة أن يكون عقاب السوار مطبق فقط في العقوبات البسيطة، ولا يطبق على أرباب السوابق».
الاستقرار النفسي
وفي السياق نفسه، قالت المحامية مريم المؤمن لـ «الراي»، «خطوة جميلة إلى الأمام، حيث إن كثيراً من دول العالم يتبع عقوبات الحبس المنزلي ويكون السوار الإلكتروني هو أداة الرقابة على المتهمين»، لافتة إلى أن «السوار الإلكتروني قديم عالمياً، ولكن تعتبر الكويت من أوائل دول الشرق الأوسط التي ستطبق هذه الآلية المتطورة».
وزادت: «لا نتحدث فقط عن تطور بل عن فوائد لها أبعاد مهمة على المجتمع، أهمها عدم اختلاط المتهمين أصحاب العقوبات الخفيفة مع غيرهم من أرباب السوابق أو المتهمين بالجرائم الخطرة التي تقع على النفس والعرض. السوار الإلكتروني من شأنه أيضاً التخفيف من الأعباء المادية على الدولة، حيث يخفف عن عاتق الدولة توفير سجون وسجانين ورعاية صحية وغذائية وغيرها من الأمور التي تحتاجها السجون لرعاية المساجين».
وتابعت: «قد يكون من أهم النتائج التي ستعود بالنفع على السجين نفسه هو استقراره النفسي حيث إن عقوبته ستنفذ بين ذويه وأقربائه، خصوصاً إذا كان السجين أباً أو أماً فهذا السوار الإلكتروني سيوفر الاستقرار الأسري للأطفال ويضمن عدم تفكك الأسرة بابتعاد أحد الأبوين»، معتبرة أن «الجميل في الأمر أن هذا السوار لن يقلل أو يمس حق المجني عليه، لأنه سيطبق على الجرائم الخفيفة فقط التي لا تكون على النفس أو المال أما الجرائم الخطرة التي تتعدى فترة الحبس بها الـ 3 سنوات فسيتم إيداع المتهم في المؤسسيات الإصلاحية».
واختتمت قائلة: «أعتقد أن أزمة فيروس كورونا التي تمر بها البلاد انعكست بشكل إيجابي على مؤسسات الدولة كافة، حيث اضطرت إلى اتباع التقنيات الحديثة بشكل إجباري وسريع، و أعتقد أنه بعد خروجنا من هذه الأزمة سنواكب عصراً إلكترونياً حكومياً متجدداً، ولولا هذه الأزمة لما قفزنا إلى هذا التطور إلا بعد حين».