العنوان لموضوع نشر في «الراي» عدد الجمعة الماضي: «أشخاص يستأجرون ساعة بـ 200 دينار وحقيبة بـ 97 ديناراً في اليوم».

في عام 1987 نُشر لي في جريدة «القبس» تحقيقاً صحافياً حول «المظاهر في الكويت»، وقد أخذت رأي علماء النفس والاجتماع بعد أن استطلعت رأي المواطن البسيط «مع وضد» المظاهر في الكويت، وفي تلك الحقبة من الزمان كانت «الكشخة» في جانبيها الظاهري،ملبس وإكسسوارات وخلافه، ومعنوي «سفر وشو إعلامي» ولم تكن هناك «كشخة للإيجار».

أعتقد أننا بلغنا حداً من السطحية لم أتخيل أن نصل إليها... وبالإيجار اليومي؟

في ذات يوم سُئل أحد الشخصيات الثرية عن استخدامه مركبة متوسطة، ولمَ لا يشتري وقد أنعم الله عليه مركبة فاخرة فكانت إجابته وبأريحية: «... إنها وسيلة نقل والمركبة الفاخرة لن تزيد من قدري» !

إنها القناعة وتقدير واحترام الذات... وثقافة أيضاً !

البعض - الله يصلح حاله - تجده على «قد الحال» وعلى «طرق المعاش»، وعندما يبني بيته تجده يحمّل نفسه بقروض فوق قدرته المالية، والبعض الآخر يشتري مركبة فاخرة ومع أول موعد صيانة «يتوهق» !

المظاهر الخداعة وإن استأجرتها أو قمت بتقسيطها فلن تزيد من قدرك !

طبعاً كل فرد حر... لكن هناك قواعد معمول بها وأخطر ما ينعكس سلباً على الفرد إظهار شكله الخارجي بمظهر مستأجر فقط ليعجب الناظرين إليه أو... ونحن نعرف أناساً بسطاء جداً بمنازلهم ومظهرهم، لكن مقامهم رفيع جداً وعلى العكس، هناك من هو في مظهر أنيق ومنزل فخم وكلام جذاب، لكن مقامه غير محدد أو منخفض عند التقييم وحقيقة داخله تختلف.

نفتقر إلى دور الإعلام، لم تعد لدينا تحقيقات صحافية تدرس هذه الظواهر بما فيها السلوكيات الدخيلة.

نستأجر حتى الأصوات «ذمم البشر» ليوم الاقتراع فقط لبلوغ غاية النجاح بعضها بـ «خشم الدينار»، والبعض الآخر عبر خدمات أو «شرهات/ مساعدات مالية» ظاهرها إعانة وباطنها شراء الأصوات.

نستأجر قياديين،نستأجر فناً، نستأجر رياضة، نستأجر مستشارين لأغراض محددة... حتى المباني تُستأجر: فأين بناء الوطن ؟

هل المظاهر تبني وطناً وتساهم في تنميته البشرية ؟

بناء الإنسان يبدأ من توعيته وتوجيهه للقيم الأخلاقية، والمساهمة في تنمية الوطن والرأسمال البشري.

أين نحن من التنمية الحقيقية إذا كنا نستأجر كل شيء... والتعميم هنا خطأ كبير فكثير من أحبتنا على خلاف هذا، لكن عجلة التطوير لا تحسب لهم حساباً.

الزبدة:

إنها أزمة أخلاق يا سادة وسيدات المجتمع الكويتي.

لهذا السبب نحتاج إلى إستراتيجية جديدة، وبرؤية مختلفة تبدأ من الرأسمال البشري، وتعالج ما ذكرناه أعلاه عبر مختصين وطنيين مخلصين للبلد.

عندما تجد نفسك أمام هكذا واقع فردد الدعاء: «الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً» والله نسأل أن يصلح حال البلد والعباد... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com

Twitter: @Terki_ALazmi