المجتمعات العربية وقعت لأكثر من خمسين عاماً تحت تأثير ثقافة مستمدة من المسلسلات والأفلام العربية، معتقدين أن واقعنا تماماً كمسلسل تدور أحداثه حول بلد فيه مسؤول نزيه محترم وصاحب نفوذ وسلطة كبيرة، ولكنه محاط ببطانة ظالمة وفاسدة ومرتشية، وهذا المسؤول مغيّبة عنه حقيقة بطانته الفاسدة، التي تعبث في البلد ما بين قتل وسرقة ونهب وتزوير وتضليل للعدالة وسلب حريات الفقير المغلوب على أمره.
ومعظم المسلسلات الناجحة والأفلام القوية هي التي تلامس واقع المجتمع العربي المقهور والمظلوم والمسلوب حريته، بسبب ظلم قيادي أو بطانة فاسدة تحيط بالمسؤول، وللأسف حتى مسلسلاتنا التراثية تدور حول الأحداث نفسها مسؤول عادل يخاف الله في شعبه ولكنه يعين من يعتقده أنه صالح، ولكنه في الواقع ظالم، محاط ببطانة من اللصوص.
ونحن طوال التسع والعشرين حلقة نتجرع كأس الظلم معها، ونعيش حالة من القهر ونحترق في انتظار الحلقة الأخيرة، التي تحدث فيها كل المعجزات، فجأة هذا المسؤول النزيه، يصحو من غفلته ويبدأ مرحلة القصاص والتغيير الجذري في البلاد من إصلاح وإرجاع الحق لأصحابه وسجن المرتشين والمزورين.
ويرجع الحق إلى أصحابه، ويتم تعيين أصحاب الخبرات والشهادات كل هذا يحدث في الحلقة الأخيرة.
وهنا ينتشي المشاهد ويشعر بفرحة النصر، معتقداً أن هذا الحال هو الواقع والمفروض أن يكون عليه حال الأوطان العربية المظلومة والمقهورة والمسروقة والمنهوبة، ولكي يعود العدل وينتصر المظلوم يظل ينتظر الحلقة الأخيرة.
وهذا الواقع يعيشه اليوم الشارع الكويتي، ينتظر الحلقة الأخيرة من مسلسل «عافور» الفساد والتزوير والرشاوى وغيرها من الملفات، معتقداً التغيير والإصلاح وإيقاف العافور سيأتي من الجهات العليا، متناسياً دوره في هذا المسلسل، فهو لم يكن مشاهداً فقط، بل أيضاً أحد أفراد هذه البطانة الفاسدة !
نعم فالمرتشي والحرامي والمزور هم منا وفينا، ومن يستغرب من كلامي، فليفسر لي من هو الشخص الذي يقف عند باب الوزراء من أجل تنصيب أو تعيين فلان من جماعته، وهو يعلم أنه مزور ولا يستحق، ومن هم الذين وقفوا وترجلوا في ديوان المزور العراقي والإيراني والبنغالي مطبلين وخاضعين لهم، أليس كل هؤلاء هم أفراد من الشعب منا وفينا؟ من الذي أعطى الاهتمام الكبير لأصحاب الحسابات الوهمية، التي تبث الإشاعات والأكاذيب حول الشأن الداخلي للبلاد، وتدمير النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، مشككة في ذمم قياديي ورجالات ونساء وشيوخ البلد، من يستمع إلى قنوات الكذب، من يقوم بإعادة إرسال تغريداتهم في الغروبات؟! نحن من نقوم بكل هذا.
البلد يقوم على ضلعين مهمين هما الحكومة والشعب، وكفة الشعب أكبر من كفة الحكومة، فنحن من اخترنا مصيرنا ومن يمثلنا فلا عزاء لإحداث تغييرات جذرية في ظل ثقافة تفضل مصلحتها على مصلحة البلد، فالحقيقة أن الحاكم أو المسؤول ليس في يده عصا سحرية للتغيير، وإنما يده ممدودة للمصلحين والمخلصين من أبناء الشعب، ونحن يا سمو الأمير ويا سمو ولي العهد الأمين آيادينا ممدودة، وقلوبنا مفتوحة لكم.
Najat-164@hotmail.com