كشف تقرير «توقعات استثمارات الغاز والبتروكيماويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للأعوام 2020-2024» الصادر عن الشركة العربية للاستثمارات البترولية «أبيكورب»، أن الاستثمارات المقررة في قطاع الغاز في المنطقة شهدت استقراراً في 2020 مقارنة بالعام الماضي، على الرغم من التراجع الحاد الذي شهده الطلب العالمي على الغاز.
ولفت التقرير إلى ارتفاع الاستثمارات المخطط لها بنسبة 29 في المئة، لتصل إلى 126 مليار دولار، نتيجة التوجه المتزايد في المنطقة نحو الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة.
وأوضح أن العام الحالي سجل انخفاضاً قياسياً في الطلب العالمي على الغاز، بنسبة بلغت أكثر من 4 في المئة على أساس سنوي، بعكس 2019 الذي كان عاماً قياسياً من حيث قرارات الاستثمارات النهائية (final investment decisions) لمشاريع الغاز الطبيعي المسال.
وتوقع أن تتسبب الأزمة العالمية الراهنة في انخفاض معدل النمو السنوي في الطلب العالمي على الغاز بين 2020 و2024 إلى نحو 1.5 في المئة، بالمقارنة مع توقعات النمو قبل تفشي فيروس كورونا والتي قُدِّرت حينها بـنحو 1.8 في المئة.
وأفاد أنه بالرغم من هذا التراجع العالمي، فقد حافظت استثمارات الغاز المقررة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على استقرارها في العام 2020 مقارنة بالعام الماضي، في حين زادت الاستثمارات المخطط لها بنسبة 29 في المئة إلى 126 مليار دولار.
وعزا هذه الزيادة بشكل أساسي إلى الإقبال الكبير على الغاز من قبل العديد من دول المنطقة، بهدف توليد الطاقة النظيفة من جهة، وتعزيز كفاءة أصول المواد الخام لقطاعي الصناعة والبتروكيماويات من جهة أخرى.
وتابع أن قطاع البتروكيماويات في المنطقة شهد زيادة في الاستثمارات بلغت 4 مليارات دولار على أساس سنوي في المشاريع المخطط لها مقارنة بتوقعات العام الماضي، في حين انخفضت الاستثمارات المقررة بمقدار 13 مليار دولار نتيجة استكمال العديد من المشاريع في 2019.
وأشار التقرير إلى بلوغ حصة الاستثمارات الحكومية في مشاريع قطاع الغاز بالمنطقة، نحو 92 في المئة مقارنة بـ 72 في المئة لقطاع البتروكيماويات، بحيث تتراوح نسبة الدين إلى حقوق الملكية في مثل هذه المشاريع بين 30:70 و 20:80 نظراً للتنامي المتسارع في حجم مثل هذه المشاريع.
وقال الرئيس التنفيذي في «أبيكورب» أحمد علي عتيقة، إن التراجع الحالي في حجم الطلب على الغاز، أدى إلى ضغوط مالية على مؤسسات القطاع العام والخاص على حدّ سواء، متوقعاً أن تواجه بعض المشاريع المقررة تحديات صعبة على صعيد المدفوعات وكفاءة سلاسل التوريد وتأخير الجداول الزمنية لتسليم المشاريع.
وأضاف أن تجاوز هذه التحديات سيتطلب دعماً حكومياً قوياً لوضع السياسات المناسبة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن «أبيكورب» تواصل لعب دور حيوي وحاسم في التخفيف من وطأة هذه الضغوط المالية، وسد فجوة التمويل التي تسببت بها تدعيات جائحة فيروس كورونا المستجد وتعزيز كفاءة واستدامة قطاع الطاقة.
من جهتها، أوضحت كبيرة الخبراء الاقتصاديين ومديرة الإستراتيجية واقتصاديات الطاقة والاستدامة في «أبيكورب» ليلى بنعلي، أن التداعيات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، ستؤدي إلى تسريع وتيرة تنامي حصة القطاع الصناعي في الطلب المحلي على الغاز والبتروكيماويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تباطؤ الطلب على الغاز توقع التقرير أن يتباطأ معدل نمو الطلب على الغاز في المنطقة ليبلغ 3.8 إلى 4 في المئة مقارنة بنحو 6 في المئة لعام 2019.
وعزا هذا الانخفاض إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي والناتج الصناعي، والآثار الناجمة عن عملية تصحيح الأسعار، ودخول مشاريع الطاقة النووية حيز التشغيل، وتنامي حجم قطاع الطاقة المتجددة.
وشدد على أن استمرار انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال لفترات طويلة، سيلقي بأعباء إضافية على كاهل المصدّرين في المنطقة، وسط تراجع حجم الصادرات عبر خطوط الأنابيب».
أبرز التطورات رجح التقرير أن يستمر التوجه الإقليمي الراهن، نحو تعزيز الاندماج في سلاسل القيمة في صناعات المصبّ، بالتوازي مع التطورات في الأسواق الآسيوية.
ولفت إلى احتلال المملكة العربية السعودية وإيران والعراق، مراكز الصدارة من حيث الاستثمارات المقررة في قطاع الغاز، على ضوء مشاريع تحويل الغاز إلى طاقة في كل من السعودية والعراق، ومشروعيّ تطوير حقل فارس الجنوبي وتطوير صادرات البتروكيماويات في إيران.
ويأتي ذلك في وقت خصصت الإمارات العربية المتحدة نحو 22 مليار دولار، لمواصلة تنفيذ مخطط تطوير قطاع الغاز في الدولة، والذي يشمل تطوير الغاز غير التقليدي أو الحامض.
وأشار التقرير إلى أن صفقة الاستحواذ على حصة أقلية وحقوق إيجار في أصول خطوط أنابيب غاز تابعة لشركة «أدنوك» بقيمة 20.7 مليار دولار، من قبل ائتلاف مكوّن من عدة مستثمرين عالميين قد تمثل نموذجاً تتبعه لشركات النفط الوطنية الأخرى في المنطقة التي تتميز ببنية تحتية متطورة في صناعات المجرى بغية الاستفادة من تلك الأصول وتعزيز قيمتها.
مصر... الأولى بيّن التقرير أن مصر تأتي في المرتبة الأولى على صعيد المنطقة من حيث المشاريع المقررة في قطاع البتروكيماويات، تليها إيران والسعودية، على ضوء الجهود الرامية إلى توطين الصناعات الكيماوية المتخصصة، وتوافر بدائل لاستيراد المواد الخام.
وذكر أن مصر شهدت طفرة كبيرة في حجم مشاريع الغاز المخطط لها تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار، معظمها يعود إلى حقول بحرية تمت ترسيتها على شركات عالمية مثل «شيفرون» و«بي بي» و«نوبل» من جهة، ومشاريع تطوير بنيتها التحتية في صناعات المجرى والمصب، لتعزيز مكانتها كمركز رئيسي للغاز من جهة أخرى.