انتقل إلى جوار ربه ورحمته قائد الإنسانية أمير الكويت الراحل حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

ترجّل الفارس عن صهوة العمل السياسي، والإنساني. بعد أن أفنى شبابه وجل عمره في ميدان السياسة. حتى أصبح أحد أساطينها وأحكم الرجال في تناولها، والعمل بها. فزادته حكمة وعقلانية في تعامله مع جل الخطوب وأعتى المواقف وأعقد القضايا.

رجل صلب وحازم وصارم في تعامله مع الأمور. ولكن في قلبه لين ورحمة ومحب للسلام والإنسانية. حتى تربّع على عرشها بكل كفاءة واقتدار، فحصل على لقب قائد الإنسانية لمواقفه تجاه الإنسان والإنسانية. عمل طوال عمره في لملمة الشمل العربي، ورأب تصدعاته وانشقاقاته، وانقساماته، بكل حكمة وبصيرة، وبكل ما أوتي من قوة وقدرة، دعم العمل العربي معنوياً ومادياً، وشمله بحكمته، وسعة صدره. حتى أصبح الحكيم الذي يلجأ الجميع لأخذ مشورته، وسماع رأيه والاحتكام إلى قراره.

لم يأل جهداً في دعم كل جهود المصالحة العربية في الماضي. كما هو الحال في وحدة اليمن، وإطفاء نيران الحرب في الأردن بين الفلسطينيين والأردنيين، وبذل قصارى جهده في رأب الصدع في الحرب الأهلية اللبنانية حتى تحقّق النصر في مؤتمر الطائف بالسعودية، وفي الأزمة الخليجية لم يتوانَ يوماً عن دعم جهود المصالحة وتقريب وجهات النظر بين الأطراف، ودعم الشعب السوري واللاجئين ، وتسامى على جراحه، ومد يد العون والسلام للعراق وأهله، وعمل على جمع العالم من أجل مساعدته، وفي الداخل كان كل همه الكويت وأهلها ، فقادها بسلام وحكمة، وكان ربانها الماهر وسفينتها تموج بها رياح الصراعات، وتلاطم المصائب والملمات على المستويين الإقليمي والعالمي.

كان صديقاً للجميع ومتسامحاً مع العدو قبل الصديق، فحاز عن جدارة لقب أمير الإنسانية.

رحم الله والدنا الشيخ صباح، وأسكنه فسيح جناته، وللكويت وأهلها خالص العزاء والمواساة.


و«إنا لله وإنا إليه راجعون».