رحل عدنان فرزات... بكل ما يحمله من أحلام، وقدرة هائلة على احتواء الناس، ورغبة شديدة في البقاء على أرصفة الواقع يوزع على المارة ابتساماته البريئة، ونظراته المطمئنة. رحل بعد معاناة شديدة مع المرض الذي أدخله في غيبوبة لأيام عدة، كي تتحرر روحه الطيبة، بينما لا تزال الابتسامة الدافئة، مرسومة على شفتيه... ويداه منسدلتان إلى جنبيه، وكأنه في حالة من الرضا بما قسم الله به.
إنه الزميل الكاتب الروائي الإنسان، الذي لم يكن سوى طيف تعايشنا معه لسنوات طويلة، متنقلاً بين الأمسيات والندوات ومعارض الكتب والفنون التشكيلية، باعثاً في النفوس - التي تطل على حدائق أيامه - الراحة والانسجام، مع كل ما يعتمل في مشاعره من إنسانية شفافة. رحل فرزات... في ليلة لم يكن مرصوداً في حساباتها أن نستيقظ في اليوم التالي من دون أن نقرأ له كلمات على مواقع التواصل الاجتماعي، يفتح من خلالها نوافذ الأمل، ويطرح الأسئلة ويجيب عن الحيرة التي تتملكنا ونحن نعبر من غير استعداد بوابات الحياة واحدة تلو الأخرى... رحل ولن نستمتع باتصاله الهاتفي، الذي يبث فيه حبه للجميع ورغبة في أن يرى بلده سورية في أمان، وأن يتخلص أهله من الكابوس الذي أطل بهيئته... ولم ينصرف! يا صديقي... ما أجملك حياً وأنت تدقق في محتوى أيامك، كي تكون صورة طيبة للإنسان، الباحث عن الخير، البعيد كل البعد عن عتمة الكراهية، المتألق دائماً في حفاوته بالناس، وتقديم النصائح لكل أديب يخطو خطواته الأولى على أرض الإبداع.
وما أجملك ميتاً... حينما اجمعت كل الآراء على نبل أخلاقك وكرم طباعك، ونضارة سيرتك، وتواضعك... وحسن طباعك، وامتلاكك لكل ما جعلك قريباً من مناهل الخير. رحلت ببدنك، بينما ستظل روحك محلقة أمام أعيننا، نتلمس فيها ملامح إنسان تمكن من أن يكون صادقاً مع نفسه، ومحافظاً على المسافات التي تمنعه دائماً من الوقوع في منزلقات الظلام، متمسكاً بالضوء أينما رآه.
وليس في استطاعتنا أمام فجأة الفقد إلا أن نعزي أنفسنا. وندعو الله أن يتغمد الراحل عدنان فرزات بفضل رحمته، وأن يصبّر أبناءه وأهله وأحبابه على مُرّ الفراق.